قانون الصحافة يستصرخ جمعية الصحفيين البحرينية
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢
بقلم: عبدالرحمن أحمد عثمان
لقد انفض دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثالث لمجلسي الشورى والنواب اعتبارا من يوم ٢٤ مايو ٢٠١٢م.. بعدة أسئلة صحفية وتساؤلات أدبية وثقافية بالغة الالحاح والأهمية:
لماذا التزم نواب البرلمان الصمت الرهيب بعد أن انتهوا من إعداد (قانون الصحافة العصري والحداثي) يوم ١١ يناير ٢٠١٢م؟
وكيف سمح هؤلاء النواب لسمعتهم الشعبية ومكانتهم الدستورية وقدسية رسالتهم التشريعية ومهماتهم النيابية والرقابية برزوح هذا (القانون) ثانية في ادراج السلطتين التشريعية والتنفيذية بعدما حول هذا (القانون) للمجلس الذي وجب عليه إقراره وتحريره ما قبل أن ينفض دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الثالث؟
لماذا يؤجل (قانون الصحافة) من دون أن يرى النور إلى دور الانعقاد الثالث أو ربما الانعقاد الرابع للفصل التشريعي الثالث؟
لماذا يتبنى بعض النواب ان لم نقل أغلبهم عمليات التسويف والتضليل والاجراءات البيروقراطية والتسويغية والديماغوجية بتأخير عملية البت الحاسمة باصدار هذا (القانون) في وقته المقرر وخاصة بعد عمليات مخاض عسيرة من الشد والجذب ومن الحوارات النيابية الساخنة امتدت إلى فترة ثمانية أعوام مضت؟ لماذا يضع هؤلاء النواب العصي في الدواليب لتشكل عقبة كأداء بتجميد اصدار (قانون الصحافة) الذي طال انتظاره؟
ما هي المبررات النيابية لتأخير اصدار هذا (القانون) الذي أشبع نقاشا وجدلا خلال الفصلين التشريعيين السابقين الأول والثاني؟
ان هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة المهمة ستظل أجوبتها معلقة في الهواء.. لطالما بعض من نواب تيار الاسلام السياسي يحملون عقولا صلبة لا تلين، حينما يتخذ أصحابها دوما موقف العداء المستشري لكل ما يمت بصلة إلى حرية الرأي والفكر والتعبير وحرية المرأة والتعددية والمعتقد، وعلى رأسها حرية الصحافة التي بدورها تمثل السلطة الرابعة بمهماتها التنويرية، وقدسية رسالتها التوعوية، ومفصلية مسؤولياتها الرقابية على السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية).. فضلا عن ان هذه الصحافة تمثل مرآة المجتمع بكلمتها الحرة: كلمة النقد الاجتماعي وكلمة النقد السياسي، التي تجد هذه (الكلمة) طريقها إلى عقول القراء، بنشر الوعي الاجتماعي والثقافي والسياسي والأدبي.. حسبما تستقر مغازي هذه (الكلمة) في وجدان الشعب، وفي أغوار مكنونات الأجيال المتعاقبة لتحقيق ما يعتمل في نفوسها من رغبات وأهداف حاضرة وأمانيّ وأحلام مستقبلية.
إننا حينما تطرقنا إلى محاذير التراجع عن اقرار (قانون الصحافة) الذي لايزال قابعا يئن تحت قبة البرلمان.. فإننا وضعنا في الحسبان والاعتبار تلك التأكيدات المتوقعة مستقبلا، بفوز ومجيء نواب اسلاميين يكونون أكثر تشددا ممن سبقوهم، قد تأتي بهم أصوات الناخبين خلال الانتخابات النيابية المقبلة للفصل التشريعي الرابع، الذين معظمهم لشديد الأسف يفتقرون إلى الوعي السياسي والنضج الاجتماعي.. الأمر الذي سيدفع بهؤلاء النواب الإسلاميين إلى إعلان النية المبيتة وتحديد الهدف ومن ثم إعداد العدة لتنفيذ أجندة خطابهم الديني المتشددة التي من خلالها سيعلنون (معارضة شديدة) لتفادي اقرار (قانون الصحافة) من جهة.. وإعلانهم إعادة النظر في هذا (القانون) من جهة أخرى.. ذلك تنفيذا للاستراتيجية الإسلامية المرسومة، التي تلزمهم قسرا بتجاوب هؤلاء النواب الاسلاميين الجدد لوصايا وتعليمات من سبقوهم من نواب الفصيل التنظيمي ذاته والتيار الحزبي والانتمائي ذاته من النواب الاسلاميين في الفصول التشريعية السابقة: الفصل التشريعي الثالث من جهة.. والفصلين التشريعيين الأول والثاني على وجه الخصوص.. اللذين من خلالهما اتخذ نواب تيار الاسلامي السياسي آنذاك، موقفا عدائيا متشددا للصحافة حينما عارضوا باصرار اصدار (قانون عصري وحديث للصحافة والنشر والطباعة) يحمي الصحفيين والكتاب من ضيم المساءلة والحبس والاعتقال ويذود عن حرية الكلمة والقلم من دون مقص الرقيب.. حين جاءت محاولات هؤلاء النواب الاسلاميين الدؤوب المستميتة، بإقحامهم قانون الصحافة بقانون العقوبات، وزجهم المادة الـ(٦٩) في تقرير لجنة الخدمات بمجلس النواب.
وعلى الصعيد ذاته نستطيع القول: انه لابد أن يوجه الصحفيون والكتاب والمثقفون خطابهم الخاص إلى ادارة (جمعية الصحفيين البحرينية) يحثونها من خلاله على مواصلة فعالياتها وانشطتها المتمثلة في مطالبتها بانتزاع مكتسباتها الصحفية والثقافية والأدبية.. ذلك بإصرار (ادارة الجمعية) على اعداد (قانون الصحافة).. اذا استوجب اقراره واخراجه إلى حيز الوجود ودائرة الضوء والتنفيذ، فور دور الانعقاد الثالث القادم للفصل التشريعي الثالث حالا ومن دون تأخير.. الذي يمثل هذا (الاصرار) انتصارا لـ (جمعية الصحفيين البحرينية) على قوى التشدد من نواب وقوى تيار الاسلام السياسي.. والذي تقتضي تداعيات ومفاهيم هذا (الانتصار).. أن تحث (جمعية الصحفيين البحرينية) الخطى الراسخة بتعزيز فعالياتها الاجتماعية والأدبية، وتكريس أنشطتها الثقافية والشعبية، في أوساط مختلف مؤسسات المجتمع المدني، وخاصة في هذه الفترة التاريخية المفصلية التي تتطلب مضاعفة جهود الصحفيين، ومجهودات الكتاب والمثقفين، عبر شد الطاقات الخلاقة والآراء المستنيرة.. ذلك كله من أجل اقرار (قانون الصحافة العصري) ليرى النور فيمثل انتصارا لـ (جمعية الصحفيين البحرينية).. وبالتالي تفادي هذا (القانون) رزوحه في الدهاليز المظلمة، بانعتاقه وتحريره الذي يعبر تعبيرا جدليا عن انهزام نواب وقوى تيار الاسلام السياسي في الفترات المفصلية.
.