الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٨٧ - الخميس ٣١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


المنع من السفر





وفقا لنص المادة ١٧٨ من قانون المرافعات المدنية والتجارية، فإنه يجوز للمدعي أن يستصدر أمرا من المحكمة بمنع المدعى عليه من السفر إذا قامت أسباب جدية تدعو إلى الظن بأن فرار المدعى عليه من الخصومة أمر قريب الوقوع، وذلك ما لم يقدم المدعى عليه كفيلا لدى المحكمة أو تأمينا نقديا تقدره المحكمة لضمان تنفيذ ما عسى أن يُحكم به عليه في الدعوى.

إلى هنا فإن الأمر ظاهر لا غبار عليه طالما أنه خاضع لتقدير المحكمة في ضوء ما يقدم لها من مستندات وأدلة. ولكن المشكلة تثور حين يكون الأمر صادرا بمنع غير البحريني من مغادرة البلاد، لا لأنه منع من السفر ولكن للآثار العملية التي تترتب على ذلك. فغير البحريني الممنوع من السفر لا يستطيع بداهة أن يغادر البحرين، كما أنه لا يستطيع أن يستبدل كفيله بآخر، وخاصة إذا كان كفيله هو المدعي. وبالتالي لا يستطيع الحصول على عمل يعيش من ورائه، كما لا يستطيع – بعد انتهاء مدة إقامته المتبقية في أوراقه الرسمية، الجواز والبطاقة – أن يتلقى علاجا أو أن يتعامل مع البنوك. وهكذا يكون - من الناحية العملية - محروما من أسباب الحياة، من دون مخالفة القانون الذي يشترط أن يكون له كفيل حتى يتمكن من العمل، وبالتالي لا تتجدد إقامته ولا... ولا...

ليس هناك قانون وراء ذلك، ولكنها الإجراءات التي تمنع إحداث أي تغيير في حالة غير البحريني الممنوع من السفر. فإذا وجد كفيلا يعمل معه (وليس كفيلا له في أداء ما عسى أن يُحكم به عليه)، تعذر عليه تحويل كفالته لأن النظام لا يسمح.

جميل أن تبادر إدارة الهجرة والجوازات بإعلان أن بعضا من هؤلاء الممنوعين من السفر بسبب ديون مستحقة عليهم سيمنحون بطاقات هوية سارية المفعول وتأشيرات إقامة، مما يعني أنه سيكون بإمكانهم الحصول على عمل لسداد ديونهم. حتى هنا فإن الأمر يدعو إلى التفاؤل بأن تخطو الإدارة المعنية الخطوة المكملة لإنصاف باقي الممنوعين من السفر من غير البحرينيين؛ وهم الممنوعون من السفر لأسباب تتعلق باتهامهم في قضايا جنائية والمفرج عنهم بكفالة انتظارا لمحاكمتهم. وبعض هؤلاء قضى قرابة العشر سنوات مطلق السراح ولكنه ممنوع من السفر مما ترتب عليه عدم تجديد إقامته وبالتالي عدم السماح له بالعمل. فلا هو محبوس تتكفل الدولة بإعاشته، ولا هو مسموح له بالعمل والكسب للحصول على ما يكفيه للعيش.

بل أكثر من ذلك، إنه لا يستطيع أن يتعامل مع البنوك ولا أن يسحب من حسابه البنكي، إن كان له مال. لماذا؟ لأن البنوك تطلب تحديث المعلومات، فإذا كانت إقامته منتهية فلا يسمح له بالتعامل مع البنوك ولا السحب من أمواله، حتى مع وجود إذن من محكمة الجنايات له بالسحب في حدود مبلغ شهري يعيش به. علما بأنه لا يزال متهما، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.

لا شك أن الأمر يستدعي النظر إلى حالة هؤلاء والتدخل الفوري لتمكينهم من العيش من دون مخالفة القانون. فهل نرى قريبا قرارات تحفظ لهؤلاء حقهم في التمتع بأبسط حقوقهم في العيش وفي الحياة الكريمة، وخاصة وأنه قد تثبت براءتهم؟

لازال الأمل معقودا على إيجاد الحل المنصف لهؤلاء.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة