أعطوني فلوسكم ومبروك عليكم السعادة
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٥ يونيو ٢٠١٢
جعفر عباس
لا أخفي إعجابي بالخواجات، وخاصة ولعهم واهتمامهم بالعلوم والمعرفة وحبهم للبحث والدراسات والتمحيص، وهم الذين اكتشفوا منابع النيل وآثار الأقدمين في وادي النيل وبلاد ما بين النهرين.. وإذا اضطلع احدهم ببحث علمي يتطلب استطلاعات الرأي والمسوحات، أمضى فيه عدة سنوات مستجوبا الآلاف.. وما بين عام ١٩٩٧ و٢٠٠٤ قام الدكتور كرستوفر بويس من قسم علم النفس بجامعة واريك البريطانية بدارسة أحوال ٨٠ ألف شخص ليعرف ما «يجعل الناس سعداء او تعساء»، واستنتج أن غالبية الناس تربط بين السعادة ووفرة المال ولكن بدرجات متفاوتة، فشخص ذو طموح جعفري يعتقد ان وجود اي فائض في الراتب بنهاية كل شهر، دليل ثراء وبحبوحة بينما يخسر ملياردير ٥٠٠ ألف دولار في البورصة فيصاب بالاكتئاب ويفكر في الانتحار.
ونسمع كثيرا كلاما من شاكلة: الفلوس مو كل شيء.. الفلوس لا تشتري السعادة، وبالفلوس تستطيع ان تشتري قطعة ارض ولكنك لا تستطيع ان تشتري وطنا، وتستطيع ان تشتري سريرا ولكن لا تستطيع ان تشتري النوم، وتستطيع ان تشتري الدواء ولكن ليس العافية، وبها تشتري الملابس ولكن ليس «الستر».. من كل هذا نستنتج ان الفلوس ليست ذات قيمة وبالتالي لماذا لا تعطيني فلوسك؟ بلا وطن بلا نوم بلا بطيخ!!
الفلوس لا تشتري السعادة؟ حلو!! زين!! ولكن هل يشتري «الفلس» السعادة؟ لا سعادة مع الفقر، فارحموا أنفسكم من الكليشيهات والمعلبات التي تقلل من قيمة وجدوى المال، مثل «تجري جري الوحوش، غير رزقك ما تحوش!!» كلام ظاهره الحكمة وباطنه دعوة الى الخمول والتواكل (وليس التوكّل).. سواء جريت مثل الوحوش او التيوس فلن أحوش غير رزقي المقسوم، ولكن الرزق لا يجري وراءك بل انت الذي ينبغي ان تجري وراء الرزق، وكلما جريت وتعبت واجتهدت كسبت مالا أكثر، ووفرت لنفسك ولمن تعول خدمات طبية وتعليمية واجتماعية أفضل.. ومرة أخرى أناشد اي شخص يرى ان الفلوس لا تعني شيئا أن يرسل الي ولو فوتو كوبي من الفلوس التي عنده لأنني أعتقد ان الحياة كابوس بدون فلوس.
المشكلة هي ان ابن آدم لا يعرف الشبع من الفلوس، عندما حصلت على راتب ٤٠٠٠ ريال في اول عهدي بالخليج، حسبت نفسي روكفلر الشرق الاوسط (كان الرجل الوليد بن طلال ذلك الزمان)، وبعد أن ارتفع الراتب إلى ١٤٠٠٠ كان البطر قد أصابني وصرت أشكو من هزال الراتب «الذي لا يليق بكفاءتي ومركزي».. الله يرحم!! مشكلة معظم الناس مع المال تكمن في انهم لا ينظرون إلى ما عندهم بل إلى ما عند الآخرين: عندي سيارة جديدة وبيت ملك حر وزوجة فور ويل وفل اتوماتيك وعيال متعلمين ورصيد لا بأس به في البنك لا حاجة لي به الآن.. بس يا خسارة.. سعدون عنده عمارة وزوجتين إحداهما موديل جديد وعنده حسابات في ثلاثة بنوك.
دعك من سعدون يا تعسون وافرح بما عندك.. في عالمنا المعاصر ٢٠٠٠ مليون شخص متوسط دخلهم في اليوم اقل من دولار واحد.. وأنت أيها القارئ لست منهم (بإذن الله).. احمد ربك واجتهد لزيادة ما عندك ولكن قبل كل شيء استمتع بما هو عندك سلفا، وط في روكفلر وهتلر وبيل غيتس ووارين بفيت ونانسي عجرم (هذه بالذات تكسب في ليلة واحدة ما لا أكسبه في عشر سنوات، ولذا أحقد عليها)
jafabbas١٩@gmail.com
.
مقالات أخرى...
- الانتحار الاستعباطي بالدولار - (4 يونيو 2012)
- حتى الهايفات لهن خصوصية - (3 يونيو 2012)
- عروسان وشقتان ببلاش «تقريبا» - (2 يونيو 2012)
- أيها السودانيون ابحثوا عن رئيس غيري - (31 مايو 2012)
- علاج للأبدان والاقتصاد - (30 مايو 2012)
- بني عبس فـي مواجهة بني كبس - (29 مايو 2012)
- خلصنا من الطائرات وبقيت المطارات - (28 مايو 2012)
- آآآخ لو كنت ألمانياً!! - (27 مايو 2012)
- آآآخ لو كنت ألمانياً!! - (26 مايو 2012)