الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٩٤ - الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


المدرّس عندما يهرس





بما أنني ما زلت على سفر فتعالوا نقم بجولة في أرشيفي في ثلاث مدارس مصرية: في الأولى نقول للأستاذ فهمي: حمدا لله على سلامتك وربنا ع المفتري، وفهمي مدير مدرسة كفر العرب الإعدادية في محافظة «كفر الشيخ» (طالما كفَّروا الشيخ فليس مستغربا تكفيرهم للعرب.. حاولت البحث عن الجذر اللغوي لكلمة «كَفْر» بتسكين الفاء المصرية ولم أفلح.. هل من فاعل خير يشرح لي من أين أتت لتعني بلدة او قرية؟).. المهم ان فهمي بيه أكل علقة جامدة أمام المدرسين والطلاب، والفاعل هو وكيل المدرسة أي نائبه (وهذه من نوائب التربية والتعليم عندنا.. أي ان ضحايا العنف ليسوا هم الطلاب وحدهم بل قد يكونون من الرؤوس الكبيرة).. بالتأكيد هناك شيء أغضب الوكيل جدا، ولكن الضرب والإذلال أمام الملأ أمر مستهجن.. عموما الضرب سلاح العاجز.. المدرس الذي يكون معروفا بالقسوة واستخدام سلاح الضرب بحق الطلاب شخص ضعيف يغطي ضعفه بممارسة الإرهاب.. والأب العنيف مع عياله يكون عادة ضعيفا وذليلا أمام رؤسائه في العمل او يحس بالدونية ويعاني من مركب نقص و«يفش غِله» في العيال.

لنذهب إلى مدرسة النوبارية الثانوية في محافظة البحيرة، لنرى ما جرى لابننا علي حسن، على يد المعلم رضا (هذا غير محمد رضا الممثل الحلو الراحل الذي كان يقوم دائما بدور ابن البلد البسيط).. رضا هذا مدرس لغة عربية في المدرسة، ولاحظ ان الطالب حسن وصل متأخرا قليلا عن الطابور الصباحي.. كانت تلك جريمة لا تغتفر فانهال المعلم رضا على الطالب ضربا بالعصا واليد حتى سقط أرضا.. ورضا ما عندوش يمه ارحميني، فما ان سقط حسن حتى وضع المعلم رضا حذاءه فوق رقبته وظل يضغط عليها حتى يعرف قيمة الطابور (الذي ابتدعه في تقديري شخص طرطور).. ولم تكن تلك العقوبة أمام مئات الطلاب وعشرات المدرسين كافية، فساق المعلم كرشة هذا الطالب إلى غرفة العزل المخصصة للطلاب المصابين بإنفلونزا الخنازير (وكمدرس سابق أقول بقلب جامد ان الغرض من الطوابير هو معاملة الطلاب كالمواشي والخنازير.. تقليد سخيف ما زلنا نتمسك به في بداية كل يوم دراسي لهدر الوقت في كلام مكرر وممجوج).هلموا إلى مدرسة نجع السويس الابتدائية بمركز فقط في محافظة قنا، لنرى ما لحق بالتلميذ رضا علي النجار الذي عصى أمرا بتنظيف فناء المدرسة، فما كان من الاستاذ جابر إلا أن انهال عليه باليد والشلوت حتى ألحق به إصابات استوجبت نقله إلى المستشفى.. عندما كنا في المدرسة الابتدائية كنا جميعا مكلفين بتنظيف فناء المدرسة مرة في الأسبوع كعمل جماعي، ولكن لو كان عندي ولد في أي مرحلة تعليمية وطلب منه مدرس تنظيف فناء المدرسة او مسح غرفة لمسحت بالمدرس الأرض.. يعطيه أوامر بالتقاط اوراق او نفايات متطايرة؟ لا مانع.. يطالبه بتنظيف غرفة لأنه قام بـ«توسيخها»، عين العقل ونِعم التربية! ولكن ان يطالبه بتنظيف فناء مدرسة فهذا ما لم أكن سأقبله.

أعرف ان بعض القراء سيقول «أعوذ بالله من مدارس مصر».. بينما حقيقة الأمر هو أنني اطلعت على القصص الثلاث أعلاه خلال يومين فقط لأن الصحف المصرية تملك الجسارة لفضح الممارسات البشعة في المدارس وغير المدارس.. وكيل المدرسة الذي ضرب المدير أوقف عن العمل ٣ أشهر فقط، ولا أعرف مصير المعلمين رضا وجابر.. ولكن مدرسا يلجأ إلى المفرط مع طلابه مكانه الشارع ليعمل بلطجيا. والأب الذي يخافه عياله لأنه عنيف (والأب العنيف قد يحظى بالمهابة ولكن ليس بالاحترام) مكانه مصحة عقلية.





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة