الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٠ - الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٣ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بريد القراء


طبيب يتألق بين السمو والجودة





يقال إن المريض محقّ في كل ما يشتكي منه.. ويقال إن المعاملة الحسنة التي يتلقاها المريض من طبيبه تشكل نصف العلاج.. والطبيب البارع المتمكن من عمله والملتزم باخلاقيات المهنة هو ذلك الذي يصغي بتركيز لما يقوله المريض ولا يتعجل في تشخيص الحالة الا بعد دراستها دراسة مستفيضة.. لكننا مع الأسف لا نجد ذلك فالطبيب عندنا يتعجل في تشخيص الحالة من دون اعتبار لحالة المريض النفسية بعد التشخيص الذي قد يكون خاطئاً.. وهذا ما حدث لي شخصياً عندما انزلقت على الارض واصيب عمودي الفقري مما سبب لي آلاماً شديدة أقضّت مضجعي ونكّدت عليّ عيشي.. راجعت اكثر من طبيب واخذت لي بعض صور الاشعة التي اطلع عليها كل منهم وجزم بأن هناك كسرا في العمود الفقري.. وصار ذلك الجزم مشكلة شغلت بالي وحيّرتني بل افزعتني كثيراً ثم فكرت في السفر إلى الخارج للعلاج.. ولكن فجأة خطر ببالي أحد الاطباء الذي اجرى لي عملية في اعصاب الكف قبل اكثر من ست سنوات فقلت لعلّي اجد على يديه الراحة.. واتصلت على الفور بالمستشفى الذي يعمل به وحصلت على موعد في وقت مناسب. وفي ساعة الموعد بينما كنت جالسة في صالة الانتظار تقدم مني رجل مبتسماً بشوشاً مستبشراً وسلم عليّ بحرارة ثم سألني عن احوالي وعن التدريس والتأليف ونظم الشعر.. سبحان الله من هذا الرجل الذي يعرفني حق المعرفة؟ رجعت بذاكرتي إلى الوراء لأعلم أنه الطبيب الذي عالج حالتي قبل أكثر من ست سنوات.. ذلك الطبيب صاحب الفكر المتقد والذاكرة العجيبة.. فنادراً ما يتذكر الطبيب مرضاه ويميزهم ويسأل عن الاشياء التي يعشقونها. في الحقيقة شعرت بطمأنينة عجيبة قبل أن اشرح له حالتي اذ اصطحبني معه إلى عيادته.. هذه هي اخلاق المهنة وهذا هو الطبيب الذي نتمناه.. كنت أتعجب عند زيارتي لأي طبيب في الدول المتقدمة، اذ انه أول ما يدخل المريض عيادة الطبيب ينهض الطبيب قائماً ويسلم على المريض ويتحدث معه قليلاً في أمور عامة ثم يسأله عن حالته.. ولكن بعد استقبال هذا الطبيب الانسان لي كمريضة لم أعد اتعجب من اولئك الاطباء في الدول المتقدمة لأننا هنا بخير ما دام طبيبنا يحمل بوادر العلاقات الانسانية في تعامله.. ولم يقف عند ذلك الحد بل استمع إلي جيداً وأخبرني بأن من يكسر عموده الفقري لا يتمكن من الحركة، وزودني بمعلومات طبية قيّمة عن الحالة التي قام بعلاجها فشفيت تماماً بفضل الله ثم بعلمه وخبرته، والأغرب من ذلك أنه كان يتصل بي هاتفياً بين الحين والآخر لمتابعة الحالة والتأكد من أن كل شيء على خير ما يرام، ولقد علمت فيما بعد أنه يستخدم الأسلوب ذاته مع كل مرضاه.

ان هذا الطبيب وأمثاله ممن حملوا الامانة وصانوها وقدموا خير الامثلة عن هذه المهنة السامية يستحق الشكر والثناء والاعجاب وليس هذا بأمر غريب في مملكة البحرين التي تميزت بالعديد من المميزات التي تجعلها تتبوأ مركز الصدارة بين الدول في مجال الجودة ولا سيما في مجال الطب والتعليم اللذين هما من مؤشرات التطور الحضاري.

تحية إجلال وتقدير لكل مخلص أمين في تأدية واجبه، وتحية إعجاب وتقدير للطبيب الذي مدّ لي يد العون وتابع حالتي واعطاني العلاج المناسب الشافي وليس العلاج المسكن المهدئ.. ذلك الطبيب الذي أكد المقولة الرائعة التي تقول: «أحسنوا أسماء ابنائكم فإن لكل امرئ من اسمه نصيبا» واسمه جمع بين السمو والجودة.. وهذا ما نتطلع اليه في عصر العولمة الذي اوشكت فيه بعض القيم الرائعة على الاندثار.. وأخيراً لنتذكر قول الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» فإتقان العمل والاخلاص فيه واحترام إنسانية الفرد أساس الجودة والكمال. حفظ الله البحرين الغالية وأرسى دعائم الجودة في كل ميادينها العظيمة.

د. رافدة الحريري

كـلية البحرين للمعلين



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة