الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٢ - الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٥ رجب ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


«إذا»





بعد أن قهر وشكل تحالفات مع غالبية الدويلات اليونانية المحيطة به وجه الملك المقدوني فيليب الثاني، والد الإسكندر الأكبر، الذي حكم اليونان من ٣٥٣ إلى ٣٣٦ قبل الميلاد، والذي كان معروفا بفتوحاته ودبلوماسيته، جل إهتمامه إلى غزو وقهر موطن الاسبارطيه حيث هددهم قائلا «إني أنصحكم بأن تخضعوا لي بدون أي تأخير، لأنه إذا ما غزوتكم بجنودي سأقوم بتدمير حقولكم وسأقتل شعبكم وسأمحي مدينتكم من الوجود» وقد رد الإسبارطية على تهديده بكلمة واحده «إذا». ولمعرفة فيليب ببسالة الإسبارطية وإنضباطهم العسكري الذي لم يكن ليقارن بالجيوش الأخرى في حينها قرر فيليب الثاني وبكل حكمة أن لا يغزوهم.

وهكذا نجد اليوم الأمين العام لجمعية الوفاق الإسلامية «علي سلمان» يهدد المشير الركن خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين، قائلا «إن في هذا الشعب قوة ومصادر قوة لم نستخدم حتى ٥٠% منها» ثم يزيد ويقول «وتعلم أن مجرد كلمتين بفتوى شرعية يقدم من أبناء هذا الشعب عشرات الآلاف أنفسهم على كفوفهم».

فهل يظن هذا أنه بمقولته هذا يخيف أحد منا وبالذات سعادة المشير؟ إن في قوله أن ٥٠% من القوة ومصادر القوة لم تستخدم بعد فهل مثلا يظن هذا أن ١٠٠% من القوة الكامنة لديهم بمقدورها أن تقف في وجه قوات الشرطة فقط في البحرين؟ ثم هل يظن هذا أن قوات الشرطة البحرينيه قد أستخدمت بكامل طاقاتها؟ الا يرى مثلا أن الشرطة التي مازالت قادرة على السيطرة على تحركاتهم البائسة لا تستخدم إلا الغاز المسيل للدموع وفي بعض الأحيان الطلقات النارية المطاطية، هذا إضافة إلى أن قوات الشرطة لم تستخدم إلا ٤٠% من طاقاتها ولم تستخدم الدولة الحرس الوطني أو الجيش بعد، فهل ١٠٠% من القوة الكامنة لديهم بمقدورها أن تقف في وجه كل هؤلاء؟، ثم وإن استطاعوا عبثا أن يقفوا بوجه هؤلاء وهو من الأمور المستحيلة، فأين باقي الشعب أم هل يظن هذا اننا كلنا خلفه وإنه قائدنا المبجل؟ الا يعلم ان الفئة الضالة التي تسير خلفه لا تشكل الا كما قال عشرات الآلاف، وإن مئات الآلاف من أبناء هذا البلد تعرفه وفئته على حقيقتهم وتبغض كل ما يمثلونه من أفكار سياسية متطرفة مصدرها خارجي.

إن المشير الذي يهدده هذا، رجل عسكري محنك لم يصل إلى هذه الرتبة عبثا أو بمحظ الصدفة وهو رجل ذو مواقف رجال يقيمها من هم رجال مثله، ولقد كان له موقف واحد في الأزمة التي حلت بالمملكة لم يعرفها ٩٩,٩% من الشعب أبدت لمن عرف عنها مدى صلابة هذا الرجل ورجولته بل ومعدنه الأصيل، فلقد أثبت وبدون أدنى شك لكل من حاول أن يتصيد في الماء العكر أين يكمن ولاء هذا الرجل وإلى أية مدرسة ينتمي.

فهو قائد عسكري يستبسل جنوده تحت قيادته ويقدمون أرواحهم فداء لوطنهم وبالتالي ليست لهم أية حاجة لفتوى شرعية ليقدموا بها أرواحهم أو ليُضحك بها على أذهان الأطفال والشباب أو ليعدهم من خلالها بأوسع أبواب الجنة. فإن كنت يا من تدعي أنك من أبناء الرسول الأعظم وأبناء أهل بيته الطهرة الميامين فلم لا تري اتباعك حبك للقاء أجدادك وشغفك لدخول الجنة التي بتَ توزع مفاتيحها ولم تلازم الصف الأخير في حين أن كونك قائد فئتك وقدوتهم فإن الأجدر بك أن تكون في الصف الأول من أية مواجهة كما كان من تدعي أنهم أجدادك ممن قاتلوا الكفار ونالوا الشهادة وأصبحوا سادة الشهداء.

إن ما يفعله هذا ليس الا تأكيد ودليل على إفلاسه ومحاولة بائسة يائسة منه بعد أن تبعثرت كل أوراقه وانكشفت كل خططه وخباياه وبعد أن عرف الجميع ومن ضمنهم الكم الأكبر من أتباعه أن ولاء هذا الرجل ليس الا لسادته وإن كل ما كان ينادي به ليس الا ما كان يلقنه به من مولوا كل خططه الإرهابية ورسموا له طريق الدمار الذي حاول أن يدمر بها هذه البلاد غير مكترث بما سيحل بنا كلنا والآن وقد انكشف كل هذا جاء ليستفز المشير بتهديداته الواهية ظنا منه أن هذا سيجر المشير إلى مواجهة مباشرة معه لينادي بعدها بوجود مجزرة في البحرين.

وهنا وعلما مني بأن سعادة المشير لن ينزل إلى مستوى كل من هب ودب ليجيبه فإنني لا أملك الا أن أقول «إذا»، علما بأن الفرق بين الوقاحة والحماقة حرف واحد فقط.

* محام ومستشار قانوني



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة