الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٠٤ - الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٢ م، الموافق ٢٧ رجب ١٤٢٢ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


أمريكا وبريطانيا:
وساطة أم ضغوط ووصاية؟





} في الايام القليلة الماضية ادخلت أمريكا الجانب البريطاني معها لما سماه (مايكل بوسنر) مساعد وزيرة الخارجية الامريكية، في مؤتمره الصحفي بالسفارة الأمريكية الخميس ١٤/٦ (وضع الأساس لاصلاح ومصالحة طويلة الأمد) بعد تأكده من (حساسية المرحلة) في البحرين، واشار إلى ما سماه (طاولة المفاوضات) فيما اشار مسبقا إلى (اطراف النزاع) وهي مصطلحات يجب عدم اغفالها في هذا الشأن، مشيرا أيضا الى ان (الحل الشامل سيستغرق بعض الوقت) وهذا هو الجزء الأهم من مؤتمره ذاك.

} إن اي مواطن او مراقب خارجي يسمع مثل تلك المفاهيم والمصطلحات، يعتقد ان الحديث يدور عن مكان آخر او بلد آخر، يعاني حالة حرب او نزاع بين اطراف، وليس عن البحرين، التي «جل ازمتها» تنحصر في معارضة (كما تسمي نفسها) عكست ازمتها الخاصة على الوطن وعلى مكونات الشعب كافة، لتتحول إلى سلوكات العصابات التي ترعى الارهاب وتتبناه وتدعمه وتدافع عنه، على وفق ولاءات واجندات مرتبطة بالخارج وبالتشكيلات الطائفية في عدد من الدول العربية وتتلقى التدريب والتمويل في ذلك.

×ولأن السيد (مايكل بوسنر) على علم دقيق بمجريات الاحداث وحقيقة «الوفاق» التي تمثل الغطاء الشرعي للجماعات المتطرفة الراديكالية والثيوقراطية، التي تريد تأسيس الجمهورية الاسلامية التابعة لايران، فانه في مؤتمره الصحفي يغض الطرف تماما عما يعرفه في هذا الشأن، رغم انه لم يستطع ان ينكر الجانب الآخر في «الوفاق»، وهو تبنيها للعنف في البحرين فقال (انه طالب الوفاق بأن تدفع باتجاه (الحد) من اشكال العنف والممارسات غير السلمية في الشوارع، وأن تكون جزءا من معادلة الحوار الوطني مع اطياف المجتمع البحريني كافة لتمهيد الطريق نحو مستقبل افضل)، مؤكدا في مكان آخر ان اي حوار سياسي ناجح في العالم لا يبدأ باشتراطات مسبقة، شاجبا عنف المتظاهرين الذين غالبيتهم من الاطفال الذين يستخدمون المولوتوف ضد الشرطة فهذا تصرف غير مقبول، ثم ليؤكد في نهاية مؤتمره ان البحرين كانت ولاتزال شريكا وحليفا وصديقا مهما للولايات المتحدة.

} على المستوى النظري، هذا الكلام الاخير جيد يذكرنا بمؤتمرات القمم العربية السابقة من حيث الشجب، ولكن على المستوى العملي هو كلام لا قيمة له، فهو يريد (الحد) من العنف في الشارع وليس انهاءه، ويشجب استخدام الاطفال في اعمال العنف، ولكن على المستوى العملي الذي رأى المواطن البحريني نتائج وساطته على ارض الواقع، «الوفاق» مستمرة والاطفال مستمرون ولا يكفي من دولة كأمريكا ان تطلب الحد من العنف، بل تفرض انهاءه مثلا إلى جانب:

١- تم الضغط من اجل تخفيف الاحكام القضائية ضد الاطباء الذين ارتكبوا جرائم وجنايات حتى صدرت في ظل الوساطة بشكل اقرب إلى الاحكام الهزلية، وهو ما اثار غضب واستياء قطاع واسع من الشعب، ورغم ذلك صرحت واشنطن بأن الأمر لم يعجبها، وطلبت إطلاق سراح جميع الاطباء، أي الغاء القانون تماما، وفي هذا تقويض لعمل القضاء الذي تعتمد عليه الدولة في تطبيق القانون، وبالتالي فهو تقويض لأهم أسس او اركان الدولة، فيما واشنطن تقول: انها تعمل على الدفع تجاه حرية ونزاهة وعدالة القضاء، فأين القول من الممارسة؟

واين الصداقة والتحالف والشراكة من الضغوط التقويضية خلف الستار؟

٢- حين هي تستخدم، اي واشنطن، عبر (بوسنر) مصطلحات مثل طاولة المفاوضات ومصالحة طويلة الأمد، والحل الشامل الذي سيستغرق بعض الوقت، واطراف النزاع، وغير ذلك من المصطلحات، فانها فورا تضع (جماعات تأزيمية) داخل الوطن في وضع (الند) للدولة، فلا «الوفاق» ولا اتباعها الضئيلون، ولا من ينبحون في الفضائيات، من وجوه الجمعيات غير المرخصة وغير القانونية، هم ند للدولة، ولا هم طرف نزاع، انما هم (فئة واحدة من الشعب) تعمل على تأزيم الاوضاع في البحرين وتتجنى على الشعب، وهي تدعي انها تمثل الطائفة التي تنتمي اليها بأكملها، وهذا كذب، وتدعي انها تمثل الشعب وهذا كذب آخر، وتدعي... وتدعي... مما تعرفه واشنطن جيدا، فيما الغالبية الشعبية ضد هذه الفئة الارهابية والخارجة عن القانون وعن العمل السياسي السلمي، وتشعر في حقيقة الأمر بأن واشنطن ولندن، تعملان على تلميع صورة هؤلاء وعلى رأسهم «الوفاق» عبر الوساطة المدعاة التي في حقيقتها ضغوط ووصاية على بلد مستقل، بل هما عبر دعمهما مثل هذه الفئة التي تسمي نفسها المعارضة، تفرضان على الدولة وعلى الغالبية الشعبية قيادات ووجوه التأزيم في البحرين، عبر ضغوطهما على الدولة لالغاء القانون البحريني عمليا، ومثله قانون الجمعيات، لتخلقا معا معادلة في منتهى الخطورة في البحرين تقوم على (اضعاف الدولة البحرينية) وقوانينها وأسسها الدستورية من جهة (وتقوية فئة مأزومة) وتؤزم الوطن بولاءاتها الثيوقراطية واجندتها الدافعة إلى نمط سياسي متخلف هو الجمهورية الاسلامية التابعة لطهران، وعليه فان الوسيطين (الأمريكي والانجليزي) يعرفان جيدا هذه الحقيقة، مثلما يعرفان حقيقة الشعارات المدنية الكاذبة التي ترفعها «الوفاق»، ورغم ذلك هما يدعمانها بكل قوة.

٣- لماذا وفي ذات توقيت اللقاءات الامريكية ـ الوفاقية والوساطة خرج المدعو «علي سلمان» ١١/٦ ليطلق تهديداته باستخدام القوة وليتطاول على المؤسسة العسكرية الوطنية ورموزها وقيادتها، أي قوة دفاع البحرين، وليهدد بالفتوى، ثم بعدها بأيام تؤكد «الوفاق» في بيان على موقعها انها مع الحوار الجاد الشامل الذي يفضي لحل سياسي طويل الأمد، وفي نظرها هذا الكلام بالطبع يعني كل مطالبها التي لا توافق عليها المكونات الاخرى، مثلما تؤكد «الوفاق» في ذات البيان «مطلب اصلاح الاجهزة الأمنية والشرطة لتعكس التنوع الاجتماعي وعدم اقصاء اي مكون»، تقول «الوفاق» ذلك، لكي يتم الضغط البريطاني الامريكي المزدوج كما يبدو لفتح الباب لها لاختراق الجيش والأمن كما تشتهي، اي تقويض آخر للدولة.

ورغم ما عبر عنه (بوسنر) لقيادات تجمع الوحدة الوطنية من استياء الخارجية الامريكية لتصريحات «علي سلمان» التهديدية فانه أيضا كلام او استياء في الهواء كبقية الكلام الذي دار في المؤتمر الصحفي، فالحقيقة الواضحة هي تبني ودعم واشنطن للوفاق ولعلي سلمان وبقية الزمرة الارهابية المتطرفة، وعليه فليس من المهم هنا (النفاق السياسي) الذي تمارسه واشنطن او بريطانيا مع الدولة البحرينية، فاللعبة باتت مكشوفة للشرفاء في هذا الوطن.

وللحديث صلة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة