البحرين تفقد أحد رجالاتها المخلصين برحيل الأستاذ حمد الرميحي
 تاريخ النشر : الاثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٢
بقلم: د. منصور محمد سرحان
لم يكن الأستاذ حمد علي الرميحي رجلا عاديا.. بل كان رجلا مميزا، وشخصية فريدة من نوعها، جمع العديد من القيم والخصال الحميدة التي من النادر ان تتجمع في شخص واحد. فقد كان مخلصا، محبا للخير سخيا، صادقا، على درجة كبيرة من كرم الأخلاق وطيب المعشر. اضافة إلى كونه مثقفا واعيا محبا للعلم والمعرفة، وكان قمة في التواضع والنزاهة ومساعدة الآخرين.
تعرفت عليه في سبعينيات القرن الماضي حين كان يعمل مسئولا عن التخطيط التربوي بوزارة التربية والتعليم، وكنت حينها أعمل مسئولا بالمكتبة العامة بالمنامة، ثم رقي إلى وكيل وزارة مساعد للتخطيط التربوي، حيث ضمت وكالته عدة إدارات وأقسام من بينها: التوثيق التربوي، وقسم تقنية المعلومات، إضافة إلى إدارة التخطيط التربوي ويعد المؤسس للتخطيط التربوي وإدخال خدمة تقنية المعلومات بالوزارة. كما عرف بعطائه الجم وتطويره المستمر لجميع الإدارات والأقسام التي كان مسئولا عنها.
وعلى الرغم من عظم هذه المسئولية في العدد الكبير من الموظفين والموظفات الذين يعملون تحت مسئوليته، الا انهم جميعا يكنون له كل التقدير والاحترام، واستطيع الجزم ان وزارة التربية والتعليم لم تشهد في تاريخها - على الأقل منذ ان عملت بها أكثر من أربعين عاما - لم تشهد إجماعا على شخص واحد يكن له الجميع الحب والمودة والاحترام والتقدير كالأستاذ حمد الرميحي الذي جمع العديد من القيم السامية التي من بينها نبذه للطائفية بكل أشكالها. فقد كنت ملاصقا له وشاهدا على جزء من حياته، فوجدته كذلك يمقت الطائفية ويحذر الجميع من ان تتلوث نفوسهم بهذا الداء الخطير الذي إن حدث فإنه سيؤدي إلى تفكيك المجتمع وتخريب نسيجه الاجتماعي وبالتالي ضياع المجتمع. وكان ينظر إلى الجميع بعين الرحمة والشفقة، مما جعل الموظفين بوزارة التربية والتعليم يتمنون ان يكون مسئوليهم على شاكلته. ان تلك القيم والخصال التي كان يتحلى بها الراحل الكبير حقيقة لمسناها وعشناها معه فكان ابن البحرين البار.
كان إلى جانب ذلك الصفات الحميدة مطلعا، شغوفا بالقراءة، مثقفا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وعندما قرر الدكتور علي محمد فخرو وزير التربية والتعليم آنذاك في عام ١٩٨٩م إلزام جميع المسئولين بالوزارة من مديرين ووكلاء دخول برنامج دبلوم الإدارة بجامعة البحرين للتعرف على أصول علم الإدارة والتعاطي مع أحدث نظرياتها.. وجدته متحمسا للدراسة وعلى دراية كبيرة بعلم الإدارة. وكنا نتبادل الكتب الإدارية التي يقتنيها كل واحد منا أو تلك المتوافرة بالمكتبة العامة بالمنامة. وقد قلت له ذات يوم ونحن نتحاور في بعض النظريات الإدارية، ان دراسة علم الإدارة مهم جدا.. ولكن هناك من يملك خبرة إدارية تستحق ان تدرس.. وكنت أشير إليه.
كان حقا مدرسة في العلم والتواضع وسمو الأخلاق، وكان احد رجالات البحرين المخلصين.. كان ظاهرة فريدة من نوعها لم تغره الدنيا بمتاعها، بل كان رجل المواقف النبيلة والقيم الصالحة التي شهد له القاصي والداني.. وان رحيله خسارة فادحة للمجتمع برمته، إلا انه لا اعتراض على ارادة الله تعالى وعنده نحتسبه.
لقد كان حزني عليه مضاعفا، فإلى جانب رحيله من دار الدنيا إلى دار الآخرة حيث الخلود والراحة الأبدية، فقد علمت برحيله وأنا خارج تراب الوطن مما ضاعف من حزني عليه وترك في النفس لوعة وحسرة.
رحمك الله يا أبا علي وأسكنك فسيح جناته وألهمنا جميعا الصبر والسلوان إنه سميع مجيب.
.