الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٣ - الجمعة ٦ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


حمد الرميحي.. عاش هادئا ورحل هادئا





رحل الأستاذ حمد الرميحي المربي الفاضل والأخ العزيز والصديق الوفي المحب لوطنه والمحب للخير، ولكنه لن يرحل عن قلوبنا ولا عن ذاكرتنا سيظل فكرا وأخلاقا حيا لا يموت في قلوب أصدقائه وأحبته، ولكن هذه هي الدنيا حياة وممات وهذه سنة الحياة، فرحم الله هذا الرجل الفاضل الذي فارقنا فجأة وبهدوء مثلما كان دائما وأبدا هادئا في عمله وهادئا في أخلاقه وهادئا في إنجازه.

لقد عاصرت شخصيا هذا الرجل مثلما عاصره الآلاف من المربين ومئات من الزملاء والأصدقاء في وزارة التربية والتعليم، فكان يتميز بالعديد من الخصال التي تبدو اليوم نادرة الوجود في ظل التغيرات التي أصابت المجتمع البحريني، فقد كان حمد الرميحي الذي عاصرته في وزارة التربية والتعليم رجلا دقيقا في كلامه ودقيقا في المعلومات التي يقولها أو يكتبها، لا يقول كلمة ولا يكتب كلمة إلا وهو متأكد من صحتها ٠٠١% ولا غرابة في ذلك فقد كانت مسئوليته الرئيسية ترتبط بالمعلومات والتخطيط في التعليم.

حمد الرميحي رحمه الله كان موسوعة يمتلك من المعرفة بالإضافة إلى الدقة يمتلك رؤية واسعة شاملة ولا غرابة في ذلك لأنه عمل طوال أكثر من أربعة عقود وهو يتعامل مع الداخل والخارج على صعيد المعلومة والمعرفة التربوية المقارنة فإذا حدثك عن موضوع يخص البحرين تجد له قرينا ومثالا في الدول العربية والأجنبية إحصاء وأرقاما وآلية عمل وفكرا، ولذلك كان الرميحي مرجعا لنا جميعا فإذا ما تكلم فقوله الفصل بما يمتلك من معرفة دقيقة ولذلك كانت فترة عمله في وزارة التربية والتعليم من أغنى الفترات في تاريخ التعليم الحديث وخلال فترة عمله في قطاع التخطيط والمعلومات كوكيل مساعد كان له نشاط كبير وبارز، وكان وجوده التربوي مؤثرا و يحظى بالاحترام سواء في الوزارة أو في الميدان التربوي بالمدارس.

على الصعيد الاجتماعي كان حمد الرميحي من الشخصيات المعروفة في الحورة والمحبوبة بل كان رمزا من رموزها التربوية وعلما من أعلامها التي تفتخر بها فقد كانت وفاته فجيعة بالنسبة لأهالي الحورة، وعندما علمت بمرضه ونقله إلى المملكة العربية السعودية اتصلت به للاطمئنان على صحته ولكنه لم يرد، فأرسلت له رسالة نصية تمنيت فيها له الشفاء العاجل والعودة إلى البحرين ولكنني لم أكن اتوقع أبدا أن هذه الرسالة النصية هي الاتصال الأخير بين وبين العزيز حمد الرميحي.

على صعيد الخصال الفردية والأخلاقية والإنسانية وبعيدا عن المناصب التي لا تنتهي وينتهي الإنسان فقد كان الرميحي ذا أخلاق عالية مهذبا نظيفا وودودا متواصلا مع الناس يسأل عن الصغير والكبير ويتواصل مع الجميع في الأفراح والأتراح يتعاطف مع الموظف الصغير أكثر من تعاطفه مع الموظف الكبير ويدعم بكل محبة كل من يلجأ إليه ولذلك أحبه الناس سواء عندما كان في المنصب في الوزارة أو عندما أحيل إلى التقاعد ولذلك لم تنقطع علاقته بالناس ولم تنقطع علاقة الناس به بعد خروجه إلى التقاعد فقد كان رحمه الله دائم الاتصال بي وعندما يتصل يسأل عن الجميع وعن أحوال الأهل والأحبة والأصدقاء، ما زلت أذكر أنه رحمه الله قد كان يتصل باستمرار في كل مناسبة كان يقرأ ما يكتب ويعلق عليه وكان في المناسبات التربوية يتصل مهنئا، لم أشعر شخصيا بفقدانه إلا بعد وفاته يرحمه الله ويرحمنا معه، فقد كان من الناس الذين لا يثيرون ضجيجا دخل هذه الدنيا هادئا ورحل منها أكثر هدوءا وسنبقى نتذكره باستمرار بكل المحبة وبكل الفخر.

رحم الله حمد الرميحي وأسكنه فسيح جناته وألهمنا جميعا الصبر والسلوان وإلى جنات الخلد.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة