الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٤ - السبت ٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


وما أدراك ما (الحل السياسي)..؟!





لعل السؤال الأكثر تداولا على ألسنة الناس اليوم هو عن (الحل السياسي) الذي طالبت به مؤخراً الجمعية المعارضة وبإلحاح شديد.. والسؤال الذي يشترك معظم أهل البحرين في طرحه، هو: كيف تُمارسون أعمالاً إرهابية وعمليات تخريبية ويحرض قادتكم وزعماؤكم على العنف السافر وتطالبون في نفس الوقت بحل سياسي..؟!

وحين نتقدم خطوة إلى الأمام ونسأل عن طبيعة هذا (الحل السياسي) الذي تطالب به الجمعية المذكورة، نسمع منها كلاماً اقل ما يقال فيه أنه عجيب وغريب. لأنه يقوم أولاً على استبعاد نصف أهل البحرين على أقل تقدير من البحث في هذا الحل، ويقوم ثانياً على تصنيف أهل الوطن الواحد تصنيفاً طائفياً ومنحهم حق المشاركة في الحل تبعاً لهذا التصنيف، ويقوم ثالثاً على فرض أجندة خارجية على الدولة باعتبارها طريق الحل، ويقوم رابعاً على قبول الدولة بالشروط التي تضعها الجمعية المذكورة، وفي الوقت نفسه حجب الحق بوضع أي شرط عن الدولة، ويقوم خامساً على الاستمرار في ممارسة العنف والتخريب والارهاب في الشارع إلى أن تستجيب الدولة لمطالب وشروط الجمعية.. وفي الوقت نفسه تزعم الجمعية أنه لا علاقة لها بأعمال التخريب التي تحصل بشكل يومي، وأنه لا سلطة لها على الجهات التي تقوم بهذه الأعمال والممارسات..!!

والنتيجة أننا أمام حالة واضحة جداً، ولكنها غير موفقة من الابتزاز السياسي السافر.. وأمام حالة متعمدة ومقصودة من تخريب ثوابت وأصول الوحدة الوطنية التي ما زلنا نأمل أنها المكتسب الوحيد الباقي بين أيدينا والتي لم تنجح كل الضغوط والممارسات الإرهابية في نقضها..

وأغرب من ذلك أن الجمعية التي لطالما طالبت بالشفافية والديمقراطية والمبادئ المدنية، تطالب بمحادثات محدودة وسرية في غرف مغلقة، ومعزولة عن تدخل أي كان من أبناء المجتمع البحريني وقواه السياسية والمدنية.. بل ان تقوم الدولة بنفسها بقطع جناحيها وتعطيل عمقها الاستراتيجي المجتمعي، ومعاقبة الجهات والقوى الوطنية التي وقفت مع الدولة في محنتها ووقفت مع الوطن في أزمته، من خلال إبعاد هذه الجهات وعزلها سياسياً وفعلياً عن الدولة وعن الساحة الوطنية..!!

والحال، أن الجمعية المذكورة تريد وبطريقة أقل ما يقال فيها أنها لا معقولة وغير مقبولة، أن تنفرد وحدها بسيناريو هذه العبثية المكونة من مجموعة من المتاهات غير المتناهية، والتي تسميها (حلاً سياسياً).. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بصورة تلقائية هنا هو على النحو التالي: هل تعتقد الجمعية فعلاً في قرارة نفسها وقرارة قياداتها وأركانها ومرجعياتها الداخلية والخارجية على حد سواء، أن القيادة والدولة والشعب والقوى الوطنية من السذاجة بحيث يقبلون مثل هذا الطرح..؟! وهل تعتقد الجمعية فعلاً في قرارة نفسها وقرارة قياداتها وأركانها ومرجعياتها الداخلية والخارجية على حد سواء، أن الذين رفضوا هذا الطرح منها وهي في أوج قوتها سيقبلون به الآن والجمعية تسجل الخسارة وراء الأخرى وتفقد من وزنها الكثير على نحو يومي، وعلى الصعيد الوطني والصعيد الشعبي والصعيد الداخلي والخارجي معاً..؟!

والإجابة: أنها إن كانت تعتقد ذلك فعلاً، فهي رغم كل ما يبدو من صحوها، تنام في العسل الخاثر، وتمارس نوعاً خطيراً من أحلام اليقظة التي لا تليق بقوة سياسية.. عداك عن قوة اجتماعية وشعبية ومدنية. وهذا هو الاحتمال الأول، أما الاحتمال الثاني، فهو أن الجمعية المذكورة ليست هي التي تفكر وتدبر وتتخذ قراراتها، وانها فقط تقول ما يتم تلقينها به من جهات أخرى لا نحب أن نسميها هنا، وإن كانت معروفة من الجميع... والله أعلم.

وأخيراً.. ففي كل دول العالم وأنظمته، يتم الرجوع إلى البرلمانات والمجالس التمثيلية الدستورية، التي يمكن فيها لأي تعددية كانت أن تأخذ كل مجرياتها ولأي خلافات أن يتم تصفيتها، والخروج منها بنتائج إيجابية تخدم الوطن وتخدم أهله وتسهم في تكريس قوته ومسيرته التنموية.. وهو المناط الذي يحكم كل الديمقراطيات الرشيدة في العالم وعلى مر التاريخ الحديث. وحين تعجز الدول والشعوب عن الوصول إلى نتائج ايجابية من خلال البرلمانات، فإنها تلجأ إلى الحوارات الوطنية الجامعة، والمبادرات الوطنية الصادقة.. ومن العجيب أنّ كل هذه الوسائل والخيارات جرى اختبارها هنا في البحرين، ولكنها لم تنجح كلها في الوصول بنا إلى حل.. فهل المقترح الأخير هذا وحده هو الذي يؤدي إلى الحل المنشود..؟!

في الشأن الوطني: الصحة والسلامة الوطنية لا تعالج بالتقارير..!

توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأخيرة بالاستعانة بخبرات أجنبية ذات تقنيات عالية لفحص قضية اللحوم الفاسدة والابقار المريضة، تؤكد اهتمام سموه والقيادة الحكيمة بصحة المواطن وكل ما يتعلق بها.. ولكنها تكشف ايضاً في الوقت نفسه عن وجود خلل كبير في إجراءات الفحص المعتمدة حالياً، وتشير إلى عدم توافر القناعة لدى الحكومة بالنتائج التي قدمتها وزارة شئون البلديات والزراعة حول القضية التي باتت مصدر إرباك شديد للمواطنين والمقيمين، وشعور عام بعدم اليقين تجاه ما نأكله من مواد ومنتجات غذائية وخاصة اللحوم.. وبالتالي فالمطلوب من الوزارة المعنية أكثر من مجرد تقرير للعرض أمام الحكومة.. إنها بحاجة إلى إعادة الثقة إلى المواطن فيما يأكل.. وما يصل إليه من منتجات غذائية.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة