الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٥ - الأحد ٨ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٨ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

عدم الاستقرار في اقتصادات المنطقة تثير قلقهم
السيولة والسياسات الاقتصادية تشغل المسئولين الماليين





أشار تقرير صدر مؤخرا عن شركة ديلويت حول (تطلعات المسؤولين الماليين) إلى تمحور هاجسهم الأساسي والجوهري في الشرق الأوسط حول تقلبات الاقتصاد والأسواق المالية في العالم والمستمر منذ بضع سنوات.

وقال الشريك المشرف على برنامج المسؤولين الماليين في ديلويت الشرق الأوسط جايمس باب «بات دور المسئولين الماليين أكثر تطلباً نتيجة الضغوط المتزايدة التي يطرحها الركود الاقتصادي، بالإضافة إلى صعوبات التوظيف والديون المتزايدة. ولم يكن تأثير العولمة بهذه القوة من قبل، حتى إن الأحداث البعيدة باتت تؤثر في الاقتصاد الوطني لدول الشرق الأوسط».

وأضاف أن «الشركات وجدت أن استمرار سياسات تقليص التكاليف لم تعد تأتي بثمارها، حيث يشير واحد من كل خمسة مسؤولين ماليين إلى سعيهم الفاعل لإيجاد صفقات كبرى تثمر عن نمو كبير لشركاتهم، في حين يتطلع أكثر من نصفهم إلى صفقات أصغر حجماً.

في الوقت نفسه، يبقى النمو العضوي في أعمال الشركات أحد أهدافها مع التركيز بشكل أساسي على خلق نشاطات متجانسة وذات كفاءة فاعلة.

وفي حين ينظر المسئولون الماليون إلى الأسواق الناشئة في العالم للنمو، تبقى الصين هدفاً أساسياً لهم، حيث ركزت منتديات نظمتها ديلويت للمسؤولين الماليين في مناقشة فرص للأعمال في الصين وأتفق الحاضرون على أنه وبغض النظر عن القطاع المستهدف، سيكون للصين تأثير في أعمال معظم الشركات العالمية في نواحي كثيرة ومنها أسواق إضافية للمنتجات، وقاعدة إضافية للعملاء، ومصادر بديلة للتمويل، وقد يصل التأثير حتى إلى أسعار المواد الخام.

التحديات تكمن في التنفيذ

وبالنظر إلى الغموض الذي يلف الاقتصاد، يركّز المسئولون الماليون في تفعيل عملية تقييم أداء مؤسساتهم، وتحديد القرارات التي يجب اتخاذها على الفور، ودفع مؤسساتهم إلى التركيز في الاستراتيجيات الضرورية، لكنّهم عبروا عن مخاوفهم إزاء قدرة مؤسساتهم على تطبيق مثل هذه الاستراتيجيات. ففي دراسة «مؤشرات المسؤولين الماليين» للربع الثالث من عام ٢٠١١، سُئِل المسؤولون الماليون عن المخاطر الاستراتيجية التي تشكّل أكبر هاجس بالنسبة إليهم، فأشار حوالي ٧٠% منهم إلى أنّ استراتيجيات شركاتهم لم تتم (إعادة) صياغتها بالشكل المطلوب، فيما عبّر ٢٨% منهم عن قلقهم الشديد حيال ذلك الأمر.

جمود حركة التوظيف

ويقول التقرير إن «وجود حركة التوظيف أو غيابها أشبه بسيف ذو حدين بالنسبة إلى المسئولين الماليين. ففي حين أنّهم قلقون بشأن العواقب الأساسية للبطالة على حركة الإنفاق، إلاّ أنّهم لا يخططون لتفعيل حركة التوظيف في المستقبل القريب».

ويضيف «بقيت مخطّطات التوظيف محدودة بنسبة ١% أو ٢ % منذ إطلاق دراسة مؤشرات المسؤولين الماليين. وبدلاً من تعيين موظفين بدوام كامل، يواصل المسؤولون الماليون تنظيف ميزانياتهم وتنفيذ المشاريع الكبرى من خلال اللجوء إلى مساعدة خارجية مؤقّتة في معظم الأوقات».

وتبيّن العديد من المؤشرات أنّهم ينتظرون توجّهاً اقتصادياً أكثر إيجابية قبل الاستعانة بموظّفين بدوام كامل. وقد أفاد التقرير بأنه قد تسعى الشركات إلى تحقيق مكاسب بنسبة ٢٠% من أرباح المبيعات سنوياً حتى يتحول ٥٠% من المسؤولين الماليين نحو التوظيف بفاعلية.

توافر النقد

وإدارة السيولة

وسعت العديد من الشركات الكبرى في فترة الركود هذه إلى الحفاظ على نسبة مرتفعة من السيولة فاقت أي مرحلة سابقة لتتجاوب بسرعة مع حركة مراقبة الكلفة واستعادة التعافي الاقتصادي.

ونتيجة لذلك، تمكنت العديد من الشركات من زيادة السيولة وخفض ديونها، كما أعادت العديد منها الرسملة بمعدّلات فائدة منخفضة للغاية مما أدى إلى خفض كلفة رأسمالها. كذلك، تمكنت هذه الأخيرة من تخطّي منافساتها بفضل التفاوت الملحوظ في السوق الذي أجبر الشركات ذات الميزانية الضعيفة إلى وضع رأسمال جديد بمعدلات أعلى.

أمّا بالنسبة إلى حجم السيولة النقدية لديهم، فقد يشعر المسئولون الماليون بالضغط إلى إعادة بعضها إلى المساهمين بشكل أنصبة أرباح أو استخدامها لعمليات إعادة لشراء الأسهم: إلا انه وعندما سئل هؤلاء المسؤولين عن خططهم النقدية، ظلوا ملتزمين بتخصيص حوالي ربع السيولة نقدا.

مخاطر الأحداث

غير المتوقّعة

ويراود المسؤولين الماليين القلق الدائم من حدوث أمر غير متوقع ولو لم يكن جسيماً، وهو أمر يحاولون الاستعداد له دائماً. فعلى الشركات في أوروبا مثلاً أن تستعد لمواجهة أي مفاجآت إضافية قد تحدث ومن تأثيرات وضع اليورو المترسّبة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ أيّ اهتزاز محتمل في الشرق الأوسط قد يؤثر في مخزونات النفط ويمسّ الاستقرار العالمي ويؤدّي إلى انخفاض في الطلب العالمي لفترة طويلة.

وقد يرغب المسئولون الماليون في النظر إلى التحوط ضد الزيادات في أسعار النفط وخطط طوارئ للحد من الضرر بشكل فعال في حال انخفض الطلب العالمي.

عوائق السياسات والأنظمة

يتخوف المسئولون الماليون من مسألتين أساسيتين في السياسة وهما: الضرائب على الشركات والرعاية الصحية. وفي الواقع يعتبر المسؤولون الماليون أن التعقيد الضريبي يشكل النظام الحكومي الأكثر أعاقة لاعمالهم ويتوقّع ٦٠% منهم إصلاحاً ضريبياً أساسياً في السنوات القليلة المقبلة. أما إصلاح نظام الرعاية الصحية فيتسبب بالمزيد من المخاوف حيث يتوقّع حوالي ٩٠% منهم كلفة أعلى للموظّف الواحد.

تطوير المواهب

تحتل مسألة إيجاد المواهب المناسبة وتطويرها المرتبة الأولى أو الثانية على جداول أعمال العديد من المسؤولين الماليين. ونظراً الى الطلب المتزايد على التمويل وبالتالي على سلسلة المواهب التي تلقى تقديراً ملحوظاً، يجد العديد من المسؤولين الماليين نقصاً في طاقم موظفيهم الحالي. وفي الواقع أشارت دراسة توقعات المسؤولين الماليين للربع الرابع من عام ٢٠١١ إلى أنّ ٧٥% من المسئولين الماليين أفصحوا أنّ موظفيهم يحتاجون إلى مهارات تحليلية أقوى، فيما يحتاج ٦٠% منهم إلى فطنة سياسية أفضل، كما يحتاج حوالي النصف إلى معرفة أعمق بمجال اقتصادات الأسواق.

إدارة الوقت

يفيد العديد من المسؤولين الماليين بانّهم يمضون ما بين ١٢ إلى ١٥ ساعة من وقتهم في العمل بهدف تلبية متطلبات الوظيفة. ويعود جزء كبير من هذا الكم الوقتي إلى العدد الهائل من الرسائل الإلكترونية التي يتلقاها المسؤولون الماليون، الذي يحتاجون إلى تنظيم عملهم بشكل أفضل من حيث تطبيق عملية تفويض أفضل لاتخاذ القرارات المناسبة الناجمة عن عملية التواصل السابقة الذكر. وبالفعل فإنّ الرد على ٢٥٠ إلى ٣٠٠ رسالة الكترونية ليس بالعمل الفاعل. إذ يحتاج المسؤولون الماليون بدلاً من ذلك إلى التركيز في ما هو أهم بالنسبة إلى شركاتهم في ذلك الوقت- ونعني بهذا استخلاص المسائل المهمة من هذه الرسائل والتنبّه إلى الوقت المخصّص لكل منها.

ويقول جايمس باب في هذا الإطار «في حين أنّ التقلبات العالمية تشكل مصادر القلق الأساسية بالنسبة إلى المسؤولين الماليين، نشهد تحولاً كبيراً عن استراتيجية الولايات المتحدة في ما يتعلّق بالمخاطر المالية الأكثر إثارة للقلق نحو نظرة عالمية أشمل. وتشكّل تأثيرات الديون السيادية الأوروبية والمناخ الاقتصادي العالمي العام الدوافع الأساسية لمثل هذا التحوّل».



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة