الكتائب المتجولة في العواصم الأوروبية
 تاريخ النشر : الاثنين ٩ يوليو ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
من الأمور المثارة بإلحاح خلال الأشهر الماضية سواء في البحرين أو دول الخليج العربية أو في مصر هو موضوع التمويل الخارجي للأنشطة السياسية والحقوقية لما بات يسمى مؤسسات المجتمع المدني كأحزاب أو جمعيات حقوقية وغيرها حيث تبين ومن خلال التجربة العملية أن دولنا مخترقة وأن أمنها القومي معرض للخطر بسبب عدم الانتباه إلى خطورة التمويل الأجنبي للأنشطة الحقوقية والسياسية الوطنية التي أصبحت أنشطة عابرة للحدود.
وقد رأينا مؤخرا فصولا من النتائج الكارثية لهذا التمويل الخارجي أبان مناقشة ملف البحرين الحقوقي في جنيف حيث تبين أن وفد الجمعيات المسماة جمعيات المجتمع المدني كان أكبر عددا وعدة وأوفر إمكانيات مادية وبشرية ولوجستية من الوفد الحكومي نفسه الذي كان محدود العدد والإمكانيات والتجهيزات، ولو كان هذا الوضع كنتيجة موضوعية لجهد أهلي وطني خالص لكنا اعتبرنا ذلك أمرا عاديا بل ربما حتى مشرفا إذا كان عمل مؤسسات المجتمع المدني طيبا وبالاستناد إلى الإمكانيات الوطنية تحديدا، إلا أنه كان من الواضح الجلي أن ما حدث في جنيف وغير جنيف كان ثمرة من ثمار التمويل الأجنبي لهذه الجمعيات وهو ليس تمويلا خيريا بل هو في الحقيقة تمويل سياسي مشبوه وخطير لأنه ليس لله وليس في سبيل الوطن وليس في مصلحة الديمقراطية كما يقال وإنما هو تمويل ذو صبغة تجسسية تتبع بكل تأكيد مخابرات الدول الأجنبية للتجسس على بلادنا سياسيا وأمنيا للتأثير على مجريات الحراك السياسي والحياة تأثيرا لا يخدم المصلحة الوطنية وإنما تخدم المصالح الأجنبية لكن بأيادٍ بحرينية للأسف الشديد.
لقد كان التدخل في الماضي في شئون البلدان تدخلا مباشرا أيام الحكم الاستعماري من خلال الارتباط السياسي العسكري المناسب ولكن كان ذلك التدخل عالي الكلفة ويواجه بالرفض والمعارضة من جميع القوى الوطنية، بل قد أسس حركة وطنية معادية للاستعمار والامبريالية ولذلك عملت القوى الاستعمارية على تغيير هذا الشكل من الارتباط تغييرا شاملا من خلال محاولة التأثير على استقلالنا الوطني وقراراتنا الوطنية من خلال استغلال وتمويل الحركات السياسة المحلية.
وهذا بالنسبة إليها أقل كلفة وأوفر جهدا وأكثر مصداقية.
وقد تبين للأسف الشديد أننا حكومات وشعوبا متسببين في مثل هذا الانفلات الذي ندفع ثمنه غاليا اليوم من استقلالنا ووحدتنا الوطنية وذلك بسبب السماح لحدوث هذا التمويل الأجنبي الذي أصبح مكشوفا ومباشرا بالرغم من أن فصوله غير معلنة وبالرغم من أن تفاصيله مخبأة وتقدر بالملايين وإلا كيف نفسر أصلا هذه الفرق والكتائب من العملاء الذين يجولون العواصم الأوروبية ويقيمون فيها إقامة دائمة أو مؤقتة منقولين من كل شيء فهنالك عشرات في بريطانيا وفي أمريكا وعشرات في جنيف وباريس وفي بغداد وبيروت وطهران وقم جميع هؤلاء أغلبهم لا يستطيعون العيش يوما واحدا في هذه البلدان من عرق جبينهم وإنما يعيشون حياة مرفهة بفضل التمويل الأجنبي والتمويل الأجنبي فقط من دون مساءلة أو محاسبة ومن دون إجابة عن سؤال من أين لك هذا ؟ولماذا يدفع لك الأجانب هذه الأموال؟
الإجابة تقولها لنا هذه البيانات والتصريحات في الصحافة الإلكترونية الموجهة ضد البحرين من الخارج ويظهر في واجهتها بحرينيون يحملون الجنسية البحرينية ولكن الذين يقودون حركاتها هم من أعداء البحرين من دول متعددة.
كيف تستطيع هذه الجيوش من العاطلين عن العمل والمهرجين والمشبوهين أن يعيشوا حياة ممتازة في هذه العواصم على حساب غيرهم؟ ليسوا مطرودين ولا مطاردين ولا مطلوبين للقضاء، إنهم يتحركون يمينا ويسارا في كل اتجاه كلما طلب منهم أسيادهم ذلك دفعوا فواتيرهم لسب البحرين ولعنها وتشويهها حتى إن تطلب ذلك الإضرار بالأمن الوطني وتقديم المعلومات الأمنية والاستخباراتية وحتى الكذب والفبركة في سبيل الحصول على الحوافر وجوازات السفر الدبلوماسية والجنسية في سبيل إرضاء أسيادهم الذين لا يخفون عداءهم للبحرين وأطماعهم للسيطرة عليها ولا يترددون بوصفها المحافظة .١٤
.