الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٢٦ - الاثنين ٩ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ شعبان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


النظام الإيراني: عندما ينقلب السحر على الساحر!





أوصل قادة إيران بلادهم وشعبهم إلى طريق مسدود لا يمكنهم من الرجوع إلى الوراء لاستعادة الأنفاس بسبب سياستهم الخارجية المتهورة التي تنطلق من مبدأ لا يجاري التطورات السياسية في العالم المعاصر في العلاقات بين الدول وهو مبدأ تصدير الثورة، وبدل أن يعتبروا بالذي حدث لهم في حربهم مع العراق التي استمرت عشر سنوات وما جرى عليهم من ويلات ومشكلات سياسية واقتصادية التي جلبوها لشعبهم الذي يزداد فقراً بعد فقر نتيجة لتمسكهم بهذا المبدأ وبدل أن يصدروا الثورة كما يدعون، قاموا بتصدير مشكلاتهم السياسية والاقتصادية إلى جيرانهم ودول محيطهم الشرق أوسطي عملاً بمبدأ علي وعلى أعدائي، واستمروا في طغيانهم وجبروتهم الهش، وبعد الغزو الأمريكي للعراق الذي جلب الطائفية البغيضة للعراق وجعلها فريسة سهلة وفتت العراق الموحد وجد قادة إيران الفرصة سانحة لهم لتحقيق أحلامهم ومشروعهم «الطموح» الذي عجزوا عن تحقيقه بالحرب، وبعد أن رسخت أقدامهم في سوريا ولبنان قاموا بمد نفوذهم إلى العراق، ولم يتوقفوا عند ذلك إنما أخذتهم العزة بالإثم وانفتحت شهيتهم أكثر في فترة الربيع العربي فقاموا بالتدخل في شئون البحرين الداخلية عبر عملائهم من أتباع ولاية الفقيه معتقدين أن الفرصة أصبحت سانحة لهم للالتفاف على دول الخليج العربي عبر بوابة البحرين وحدث ما حدث في البحرين في ١٤/٢/٢٠٠١م وشرق المملكة العربية السعودية وما فطنوا ان السحر لابد له يوماً من أن ينقلب على الساحر، فإذا بالثورة العربية الكبرى تتفجر في سوريا التي هي أم ثورات الربيع العربي وما تيقنوا ان يحدث ما حدث فإذا بأحلامهم تنقلب عليهم إلى كوابيس وتدور الدائرة عليهم ويصبحون في حيرةً من آمرهم خاصة أنهم غير مستعدين لمثل هذا التغيير الدراماتيكي.

بذلك أوقعت إيران نفسها داخل ثلاث دوائر ان تمكنت من إخراج نفسها من دائرة منها فلن تخرج من الدائرتين، وأما الدائرة الأولى فها هو اقتصادهم يختنق بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها عليهم دول حلف الناتو وأمريكا نتيجة برنامجهم النووي التي يبدو أن نهايتها غير غريبة، والتي تسببت في أن يصبح برميل النفط الإيراني يباع لروسيا بأبخس الأسعار حيث «التمّ المنحوس على خايب الرجا» وفي آخر التطورات في هذه القضية قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه لم يحدث اي تقدم في المحادثات مع إيران بشأن اجراء تحقيق في أنشطة طهران النووية ووصفت نتائجها بانها مخيبة للامال. «وهو ما أكده نائب مدير عام الوكالة الدولية هرمان ناكيرتس الذي قال: «حضر فريق الوكالة الاجتماع بروح بناءة وبرغبة ونية تهدف لانهاء المسألة. قدمنا مسودة عكسية تناولت مخاوف إيران السابق اعلانها . لكن لم يحدث اي تقدم، وبالطبع اثيرت القضايا التي ناقشناها بالفعل، واضيفت قضايا جديدة. انها مخيبة للامال. لم يتحدد موعد اجتماع للمتابعة. شكرا». وهذا يعني استمرار العقوبات وانحدار اقتصادهم يوماً بعد يوم إلى حافة الهاوية.

أما الدائرة الثانية فهي إسرائيل حيث إن الضربة الإسرائيلية لمفاعلهم النووي قادمة لا محالة وإن طالت لأن إسرائيل تريد أن تغتنم هذه الفرصة لترد الصاع صاعين وذلك بسبب أولاً ان إسرائيل تنظر إلى أن أمتلاك إيران السلاح النووي تهديد لأمنها وثانياً الدعم الإيراني لحزب «الله» اللبناني في الجنوب وما تعرضت له مستوطناتها في حرب اغسطس ٢٠٠٦م من هجمات صاروخية من حزب «الله» ومن ذلك الوقت فإن إسرائيل تعد العدة ليس لحزب «الله» إنما لإيران وبذلك فإن إسرائيل وكما قال نتنياهو لن تنتظر الولايات المتحدة في اتخاذ موقف نحو إيران وقبلها دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الدول الكبرى إلى التشدد حيال إيران بشأن برنامجها النووي. ومن هنا نقول إن كل المؤشرات تؤكد أن إسرائيل عازمة على اتخاذ إجراء عسكري تجاه إيران والأرجح أن يكون على هيئة ضربة عسكرية خاطفة للمنشآت النووية الإيرانية وأن المسألة هي مسالة وقت فقط، خاصة أن إسرائيل أكثر تفوقاً في سلاح الطيران من إيران التي تتمركز نقطة الضعف فيها في سلاحها الجوي وهذا ما سوف تثبته الفترة القادمة.

أما الدائرة الثالثة التي وجدت إيران نفسها متورطة فيها وهي الأخطر والتي إذا ما تحققت فسوف تقصم ظهر إيران هي الثورة السورية، فإذا ما انتصرت الثورة السورية حيث النظام السوري بدا وهو في أيامه الأخيرة فإن إيران التي رمت بكل ثقلها وأوراقها مع النظام السوري منذ بداية الثورة ابتدأًت بالأسلحة وحرس الثورة الذي يصل إلى سوريا عبر العراق، وما المذابح البشعة التي تعرض لها الشعب السوري مؤخراً إلا بسبب هذا الدعم ودخول حزب «الله» اللبناني لإبادة الشعب السوري في سوريا.

وما تصريح هلاري كلينتون الذي جاء متاخراً في مؤتمر اسطنبول الأخير، حيث قالت إنه «من الصعب جدا أن نتصور أن بلدا كإيران يلعب دورا متطرفا في دعم وارتكاب العنف يمكن أن يكون بناء في وقف العنف» . هذا التصريح يعنى خوف الإدارة الأمريكية من النتائج التي قد تترتب على نجاح الثورة السورية والتي قد تقلب موازين القوى في المنطقة وبالتالي لابد من الإسراع في احتضان الثورة وذلك لن يحدث إلا بتهميش الدور الإيراني في دعمه للدولة السورية وأن تسرع أمريكا في عملية إجراء تغيير «ديمقراطي» في سوريا كما حدث في بقية ثورات الربيع العربي. في جميع الحالات فإن إيران بدأت تشعر بأنها مستهدفه لا محالة وأن وضعها الإقليمي أصبح حرجاً والأيام القادمة ستكشف كيف أن السحر بدأ ينقلب على الساحر.

moc.liamtoh@٨٥nasmahS



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة