للثلثاء.. وكل يوم
سريلانكا.. سياحة اقتصادية
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٢
بقلم: أحمد العبيدلي
ذكرتني زيارة وزير تشجيع التوظيف الخارجي بجمهورية سريلانكا الديمقراطية الاشتراكية ديلان بريرا للمنامة، بزيارة قمت بها لتلك الدولة، قبل سنين. أمضيت بها عشرة أيام أتجول شرقاً وغرباً، وجنوباً وبالوسط لا الشمال، لأنه الأخير كان حينها لا يزال موقعاً لمعارك بين السريلانكيين والتاميل الذين يجدون امتداداً عرقياً لهم في القارة الهندية وعلى سواحل غرب الهند. زرت مزرعة مطاط، ووجدت المزرعة من الناحية التقنية تستخدم وسائل تقليدية حيث يستمر عامل بالمزرعة بشق جذع الشجرة يدوياً ويترك القطرات تتجمع في نصف قشر جوزة هند مفرغ. ولا أعرف الكثير عن طرق حديثة أخرى بمزارع مشابهة، ولكن ما رأيته هناك يكاد أن يتطابق وصفه مع ما درسته في مدرسة عمر بن الخطاب قبل نصف قرن، ولا أعتقد أن تقنية مادة خام كهذه تبقى كل تلك السنين.
وزرت مصنعاً للطباعة على القماش باستخدام الشمع، وحينها رأيت آثار تنامي دور الصين الصناعي بأسواق العالم. ولقد اضطر المصنع السيرلانكي الى التوقف عن نسج أقمشة قطنية بيضاء والاكتفاء باستيرادها من الصين وتصميم الرسوم والزخارف. وقلت إذا كانت الصين قد تمكنت من تقديم أسعار تنافسية ليس لأسواق أمريكية أو حتى أوروبية، وإنما حتى لمنتجين بالعاصمة السريلانكية، كولومبو بيدها العاملة الرخيصة، فكم سيتوجب على صناعات خليجية أن تأخذ ذلك في الاعتبار.
وذهبت إلى سريلانكا بعد أن رشحها لي بحرينيون وقالوا إن أشهر منتجاتها هو الكازو، وهو نبات محلي هناك وترى أشجاره في الشوارع. وفتشت هناك عن الأشجار ضمن المتاح لي من وقت، وحين لم أجدها قلت أكتفي بشراء المكسرات: فستكون أفضل جودة وأقل سعراً. وذهبت إلى أماكن عدة من الأسواق الكبرى وحتى محلات الباعة المنفردين على الشوارع المنفردة فلم أعثر على شيء مختلف، وفاقت الأسعار أحياناً أسعار المنامة.
وسريلانكا بلد تبنى في فترة من تطوره أفكاراً اشتراكية ولاتزال بقاياها تؤثر على الحياة الاقتصادية، وتحد من تطور البلد، ضمن ما تسمح به أيام زيارة من فترة للاستنتاج. وفي المطار انتبهت إلى أن المواطنين القادمين يشترون أجهزة كهربائية بالسوق الحرة من بينها ثلاجات، ولم أفهم كيف يصبح السوق الحرة منافساً لمحلات حتى بسلع كالثلاجات.
وعلمت أيضاً من سيرلانكا أن هناك بحرينيين أعجبتهم البلد، واشتروا مزارع بها، ولا يبدو أن هناك ما يمنع ذلك. الشرط الوحيد الأساس كما علمت، هو أن بتلك المزارع عائلات وعمالا ورغم تغير الملاك يبقى العاملون بها ثابتين. وقد اشترى بحرينيون مزارع بغرض أساس: لتمضية عطل هناك، أي للاستهلاك وليس للاستثمار. ولم أسمع ان كان بعضهم قد كرّس المزرعة للإنتاج الزراعي المطلوب في الخليج، فيخطو خطوة مهما ضؤلت لتحقيق أمن غذائي للخليج، كما حدث لبحرينيين آخرين في بلاد آسيوية، استثمروا بها ونجحو، وأصبحوا علامات لقصص نجاح عالمية. ولا يزال المجال مفتوحاً.
.