هذا هو الإسلام
الإنسان المحسن
 تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح
الإحسان أعلى درجات الإسلام حيث يستنهض الانسان جميع أجهزة الرقابة لديه ليعبد الله تعالى كأنه يراه، وإن لم يكن يراه فهو سبحانه يراه.
الإنسان المحسن هو الذي ترقى في سلم الإسلام ليصل إلى الإيمان، ثم يرقى إلى الإحسان.
وحين يوصي الحق تبارك وتعالى الانسان بالإحسان إلى والديه، فكأنه سبحانه يطالب هذا الانسان بأقصى درجات البر والإحسان إلى الوالدين لعظيم حقهما عليه وجليل قدرهما عند الله تعالى، حتى أنه عز وجل جعل الإحسان إلى الوالدين يأتي بعد الإيمان به وتوحيده سبحانه وتعالى، فقال عز جاهه وجل سلطانه: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا..» (الإسراء/ ٢٣).
كما جعل شكر الوالدين على ما أسدياه من معروف وبر بولدهما يأتي بعد شكره سبحانه، فقال عز وجل: «ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير» (لقمان/ ١٤).
ومعروف أن الانسان الذي ليس له خير في والديه، وهما أقرب الناس، وأحق بالإحسان والود من غيرهما فإنه ليس فيه خير لغيرهما. تلك عبارة نرددها حين نرى جحود بعض الأبناء لآبائهم وأمهاتهم، ذلك لأن الأقربين أولى بالمعروف، وهل هناك اقرب من الوالدين بالنسبة للإنسان؟ وإذا كان قطيعة الرحم من غير الوالدين سببا في غضب المولى عز وجل، ونقص في العمر والرزق، وضنك في الحياة، فماذا تكون عقوبة من يقطع والديه ولا يبرهما ولا يحسن إليهما؟
وحتى يقوم الأبناء بهذه الشعيرة العظيمة وهي الإحسان والبر بالوالدين، فلابد ان يقوم الوالدان بما أوجبه الله تعالى عليهما من حقوق لأبنائهم، ولقد شكا رجل إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عقوق ابنه، فلما سأل عمر الابن عن ذلك، قال يا أمير المؤمنين: أليس للأبناء على الآباء حقوق؟ قال عمر: نعم. قال الابن: فما حق الابن على أبيه؟ قال عمر: يختار أمه، ويسميه بأجمل الأسماء، ويعلمه شيئا من القرآن.
قال الابن: يا أمير المؤمنين لم يفعل والدي شيئا من ذلك، فلم يختر لي أماً جميلة حسنة المنظر، ولم يختر اسماً جميلا، ولم يعلمني شيئا من القرآن.
فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: لقد عققت ابنك قبل ان يعقك.
نعم، صحيح أن الله تعالى لم يوصِ الآباء والأمهات على أولادهم، لأنهم في غير حاجة إلى ذلك، ففطرهم السليمة تدفعهم إلى العناية بالأبناء، وتوفير كل ما يحتاجون إليه ولا يشذ عن هذه القاعدة إلا القليل.
أما وصاية الأبناء للعناية بآبائهم وأمهاتهم، فذلك لأن الابن يظل فترة طويلة لا يفقه ما يدور حوله، ولا يدرك كيف تحملت الأم وتحمل الأب الصعوبات حتى ينشأ هذا الطفل ليصبح رجلاً كامل الرجولة، فاحتاج الأمر إلى ان يوصي الله عز وجل الأبناء بآبائهم خيرا، وخاصة الأم التي تقضي معظم عمرها في الحمل والولادة والتربية دون ان يشعر الطفل بذلك، فإذا كبر وفهم لا يجد أمامه إلا والده الذي يعطيه المال، ويوفر له ما يحتاج إليه من طلبات، فذكر الحق تبارك وتعالى أحوال الأم مع طفلها وهي تحمله جنينا في أحشائها، ثم رضيعا في حضنها، ثم طفلا يحبو بين يديها، وما عانت في سبيل تربيته ورعايته وحمايته.
فلا يكون الانسان محسنا حق الانسان ما لم يوفِ لوالديه بحقوقهما عليه ويحمد لهما ما بذلاه في حقه.
.moc.sserpdrow.halafniblaa.www
halafniblaa@
.