آلآن....؟!!
 تاريخ النشر : الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٢
بقلم : ابراهيم المناعي
شاهدت خلال الأسبوع الماضي فيلم (فيديو) تناقله الناس عبر شبكات الإتصال الإجتماعي، يتحدث فيه رجل القانون الأستاذ نبيل رجب إلى بعض الشباب الذين التفوا حوله، يستمعون إلى فكره، ويتأملون تجربته وما انتهى إليه تقديره للأمور في البحرين.
ومناسبة انتشار الفيديو بين الناس في البحرين هو المفاجأة التي ظهر بها الأستاذ نبيل في هذا الإجتماع بصورته الجديدة التي (توحي) بالعودة إلى خطاب التعقل والحكمة في التعامل مع أزمة البحرين، ودعوة الشباب إلى نبذ العنف وعدم استخدام قنابل المولوتوف الحارقة ضد رجال الأمن حيث اكتشف الأستاذ مؤخراً (سبحان الله) أن لا جدوى من استخدام المولوتوف مع الشرطة. وأن العنف لا يجلب سوى العنف.ثم اتخذ من سوريا مثالاً على العنف والعنف المضاد، حتى وصل الأمر في سوريا ؟ كما يقول - إلى الحرب الأهلية بين المواطنين هناك. وفي هذا خرابٌ للوطن والمواطنين. لاحظ عزيزي القارئ أنه وعند هذه النقطة، كم يُشعرك هذا المُتحدث بحسّه الوطني وحبه للوطن وكم هو أمينٌ على لحمته الوطنية!... ولكن فجأة، ومن دون مقدمات، وفي سياق الحديث، يكشف الأستاذ عن وجهه الحقيقي - ربما دون أن يشعر - ويقول للشباب أنتم لا تملكون شيئاً غير المولوتوف، لا تملكون الأسلحة. ولهذا فإن السبب الرئيسي للتخلي عن المولوتوف في المواجهات مع الشرطة هو أن المولوتوف ليس بالسلاح الفعّال والمؤثر القاتل حتى يُبرر استخدامه. المولوتوف لا يفعل شيئاً. إنه يُسئ إلى قضيتكم أمام الرأي الدولي أكثر مما ينفعكم!
هو يقصد بحديثه أنه لو كان بحوزة الشباب الأسلحة المؤثرة، كالرشاشات والصواريخ والدبابات لاستحسن الأمر، وربما أجازه ضد النظام من دون تردد!
إذن هذا هو رأي الأستاذ نبيل في النهاية، وهذه هي رؤيته وحكمته التي ضلّت عنه، أو ضلّ هو عنها، حتى وجدها أخيرا.
لقد كنت أتمنى لو أن الأستاذ نبيل أظهر إلينا شيئا من الحب للبحرين، أو الخوف عليها، أوالخجل منها. وهي الأرض والأم والوطن، ولكن ماذا تقول؟!... أخواننا في مصر يقولون في أمثالهم (ناس تخاف ماتختشيش)... ولدينا في البحرين (ناس لا تخاف ولا تختشي!).... فلا تعلم ماذا تصنع بهم؟
إننا حتى وإن أحسنا الظن بنوايا الرجل، وقلنا أنه ربما قد عاد إلى رشده وصوابه واهتدى إلى طريق الحق، وعرف الصواب من الخطأ، وهو الآن يدعو الشباب إلى وقف العنف وعدم استخدام قنابل المولوتوف ضد رجال الشرطة، فماذا سنفعل بحديثه ودعوته هذه وقد فات أوانها؟
بعد أن شاهدت الفيديو، واستمعت إلى حديث الرجل المتناقض مع نفسه، وتذكرت أنني أمام شهرٍ فضيل، لا يجوز فيه سوى كتم الغيظ والإعراض عن الجاهلين، ذهبت إلى المصحف أقلب صفحاته وقرأت ما تيسر من الآيات من سورة يونس، قال تعالى....
«وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. آَلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ». ٩٠-٩١-٩٢
رجال القانون الذين خلعوا رداء الحق والعدالة ولبسوا أقنعة السياسة الخائبة، ثم ركبوا الموجة هم وآخرون مع تجار السياسة والدين، وحاولوا الاستفادة من الأحداث وشاركوا في الإساءة إلى البحرين في الداخل والخارج، ثم فشلوا، بعد أن غشوا الناس وجعلوهم يركضون خلف سراب الأماني والوعود الكاذبة والشعارات الفارغة، ثم خسروا أعمالهم وأنفسهم، جاؤوا اليوم بأقنعةٍ جديدة، يحدثوننا من خلالها عن العقل والترويّ والحكمة!
عامٌ مضى وهذا آخر، وأصابع الشباب في البحرين تحترق بقنابل المولوتوف، بمباركة العلماء والجهلاء على حدٍ سواء. ثم يكتشف أخينا بعد كل هذا الوقت من الضياع والعناء أنه لا فائدة ترجى من استخدام المولوتوف.
فسبحان الله الذي يَهدي من يشاء ويُضل من يشاء، ويُؤتي الحكمة من يشاءmoc.liamg@٢١١٤miharbE
.