الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٤ - الجمعة ٢٧ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ٨ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء

فلسفة الاستثمار في صناعة الطيران في البحرين





التوسع الهائل في حركة السياحة والسفر بما في ذلك حركة الطائرات المغادرة والقادمة والترانزيت والأعداد الكبيرة من المسافرين وحركة البضائع في مطار البحرين الدولي تعتبر مجتمعة محورا اقتصاديا للمملكة ورمزا من رموز المكتسبات المستديمة التي يجب مراعاتها بالتجديد والتنقل إلى الآلة الالكترونية الحديثة، ودفع المزيد من التسهيلات الفنية والإدارية والتشغيلية حتى لا تصطدم هذه المكاسب والثروات بالأزمات والمشكلات والتنافس المذهل في المنطقة، وحتى لا تعيق عاملي الوقت والسرعة اللتين تحتاج إليهما حركة الطائرات والمسافرين في آن واحد، فالقيادة في حقل الطيران هي من أكثر عناصر التوجيه فاعلية، لهذه المعطيات الأساسية والمحورية لان عاملي الوقت والسرعة هما العنصران المهمان للتنافس وهدفا لإشباع رغبات الشركات وأخواتها، ففي عالم الطيران عادة ما يواجه القياديون العديد من المشكلات امام الزبائن كونهم القلب النابض لخزينة الشركة في مجال الطيران التجاري، لذا من المهم جدا وجود القيادة ذات الخبرة الواعية بالامور التاريخية والجغرافية والتسويقية للمنطقة أولا مع وجود الادراك المتمكن من الادارة الراقية وثانيا لتكون مستعدة على تحمل هذه المهام والمسؤوليات وحل المشكلات وكسر حواجزها المعقدة والعمل على امتصاص وقع الصعوبات والتهيؤ لمواجهة المشكلات والأزمات قبل وقوعها إذ إن القيادة تنبع من الشخص الذي لديه الكفاءة والمهارة ويستطيع التأثير على الآخرين عندما يقوم بشرح الاهداف بوضوح وبالطريقة التي تظهر ان تحقيقها يكون في مصلحة العاملين والشركة على حد سواء ولكي تنجح القيادة فى تيسير طريقة العمل يجب تزويد الافراد العاملين جميعهم (من المديرين الى العمال) بالدوافع المادية والمعنوية للرغبة في التطور والنجاح وتحقيق النتائج الجيدة والاستعداد للتعاون مع الشركاء ليدخل الاستقرار في عملية القيادة بدرجة كبيرة من الرضا فيتطلب من القائد هنا ان يكون متحررا الى حد كبير من التحيز وبعيدا عن الانفعال والغضب واحترام شعور الآخرين مهما كانت درجتهم العملية والعلمية، والابتعاد عن الواسطة والمحسوبية حتى تمتاز القيادة بالاستقرار والثبات، وهناك ايضا العلاقات مع الآخرين ينبغي استغلالها وتنميتها لتكون عائدا مساندا للشركة والعاملين فيها كما لموقع الموضوعية والصراحة مكانا فعالا للوصول الى الحقائق ومعرفة الاسباب التي تقف خلف المخالفات والنتائج السيئة ولمهارة الاتصال عند القيادة اغراض مختلفة منها التواصل والاقتناع والتشجيع والحفز الى جانب نقل المعلومات ليتعرف عليها جميع العاملين دون استثناء وهناك عدة عناصر اخرى تساعد القيادي في اتمام عمله بنجاح ومنها القدرة على التوجيه من خلال الاجتماعات والمقابلات والزيارات الميدانية والمحاضرات الدورية ولا تغيب عن القيادى الناجح تلك المهارة الاجتماعية والفنية وكذلك المراقبة حتى الوصول الى الاهداف والطموحات التي تاتي بالنتائج الجيدة للعاملين انفسهم و الشركة برمتها و خدمة الزبائن.

يضع المهندس الأمريكي فردريك تايلور (١٩٥٧ - ١٩١٥) جل اهتمامه ووقته على الإدارة في مستوى الورشة فلم تكن اهتماماته الإدارية مركزة في المكاتب إلا ساعات قليلة وذلك للتخطيط الاستراتيجي فقد أوضح في كتابه (مبادئ الإدارة العلمية)- ١٩٤٠- أن الخسارة التي تقع للشركات هي نتيجة عدم الكفاءة و تمركز المدير الخيالي في الإدارة البدائية والتقديرية في إدارة شؤون المشروع لذا تطرق هذا المفكر الإداري إلى تطهير المنشآت والمصانع والشركات من هذه الفئة والاعتماد على الاداريين القائمين على أسس العلم والمعرفة والتخصص والقواعد الجوهرية للإدارة العلمية الحديثة التي تحقق النتائج المدهشة في الإنتاج والربحية التي تساعد في حد ذاتها صاحب العمل والعاملين و يلح هذا المفكر الإداري بان بقاء و استمرارية المنشاة يرجع إلى تركيز اهتمامات الجميع (العاملين و الاداريين) على تركيز زيادة حجم الفائض المالي الذي يحققه المشروع حتى يزداد بشكل يجعله من غير الضروري حدوث النزاعات بين الطرفين بل الوصول إلى القناعة بينهما و إشاعة السلام داخل الشركة وتوحيد الاتجاهات و الأهداف وتمكين الثقة بين الطرفين.

وفي فرنسا جاء المفكر الإداري الفرنسي (هنري فايول ١٨٤١- ١٩٢٥) رجل النظرية الإدارية الحديثة الذي نادى في كتابه المشهور (الإدارة العمومية والصناعة) إلى تقسيم الأنشطة الإدارية إلى ٦ مجموعات أساسية لسير العمل بكفاءة وهي:

١ أنشطة فنية (إنتاج). ٢- أنشطة تجارية من (شراء و بيع ومبادلة وعلاقات عامة). ٣- أنشطة مالية (الميزانية - رأس المال). ٤- أنشطة الضمان و الوقاية (حماية الأفراد والممتلكات -السلامة وإدارة الأزمات). ٥- أنشطة محاسبية (الإحصاء والرقابة المالية). ٦- أنشطة إدارية (التخطيط - التنظيم - إصدار الأوامر - التنسيق - التقييم) ولنجاح هذه الأنشطة لابد أن تتوافر الصفات الآتية عند هؤلاء الاداريين:

١- الصفات الجسمانية وهي الصحة والقوة على الحركة.

-٢ الصفات العقلية وهي القدرة على الفهم و الدراسة والحكم والتقدير والقوة العقلية.

٣- الصفات الخلقية وهي الحيوية والحزم والرغبة في تحمل المسؤولية والولاء والابتكار والمهابة.

٤- الصفات التربوية وهي الإلمام بأمور العمل.

٥- الصفات الفنية وهي التي تتعلق بالوظيفة التي يؤديها كالخبرة و التجربة.

وفي إحدى المحاضرات المهمة لمستقبل الشركة الوطنية - طيران الخليج - تحدث المعنيون بصناعة الطيران عن الشركة الوطنية وخلفيات القيادة والوقوف امام التحديات والتنافس المذهل في عالم الطيران والسفر والسياحة فالشركة التي تمثل احدى الركائز المساهمة والمشاركة في الاقتصاد الوطني للمملكة لأهميتها في محاور الربط والمواصلات التنقلية للافراد والبضائع وأوضح هؤلاء المعنيون بصناعة الطيران أن طيران الخليج مازالت موجودة وقوية ويجب أن تكون كذلك فهي ارث أعوام طويلة من التجارب والخطط التنموية ولكن لابد من مواصلة مسيرتها بالاصلاح والتجديد والحماس والتحدي لأنها اليوم هي شركة وطنية مائة بالمائة واكتمال مسيرتها يستوجب الحرص عليها والمحافظة على كيانها واستقرارها حتى تستمر محلقة في اجواء ودول العالم وفي ظل التطور السريع فان شركة طيران الخليج تتمتع بسمعة طيبة بين مطارات العالم ولها اتفاقيات مع شركات عالمية اخرى يحق لها الهبوط والاقلاع والطيران الحر على الخطوط العالمية، ومن الاتفاقيات الاخرى التى تنعم بها الشركة عدم محدودية التشغيل في عدد الرحلات ولها من العوائد من علاقات المرور في عدة عواصم من دول العالم.

تقول احدث معلومة عن طيران الخليج انها تحمل قدرا كبيرا من المسؤوليات المباشرة كونها عنصرا مهما في تحريك الاقتصاد الوطني البحريني، فهي تحمل المسافرين وتنقل البضائع وتصب هذه الحركة على مدار الساعة في المصلحة الوطنية للمملكة فمنها الاستفادة والتأثير المباشر للاقتصاد الوطني الذي يبلغ ريعه سنويا ٣٠٠ مليون دينار بحريني تقريبا وهناك أيضا التأثير غير المباشر ويبلغ ١٥٠ مليون دينار سنويا أي بمجموع ٤٥٠ مليون دينار سنويا، اضف الى ذلك فان الشركة لديها من القوى العاملة ٥١٠٠ من العاملين المباشرين وتساعد على رزمة من الاعمال غير المباشرة بحوالي ٣٦٠٠ فرد. علما بان شركة طيران الخليج تشغل الحركة بمطار البحرين الدولي بنسبة ٧٠% من عدد حركة الطائرات في المطار في حين ان السوق الشرق اوسطية في تنام متسع وكبير حيث وصل هذا النمو الى ٢٠% أي بمعدل سنوي يبلغ ٩% في المنطقة الخليجية بينما النمو عند باقي دول العالم هو ٦%.

تفاؤلات عديدة وتحديات كبرى يجيب عليها السادة المعنيون الذين أشادوا في مداولاتهم الاقتصادية بجهود المملكة وخاصة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الذي يدعم هذه الشركة الوطنية لتكون إحدي ركائز الدخل المادي المستديم للمواطنين و مكانا لائقا للعمل فيها كما له الدور الايجابي في إصلاح الشركة والعمل بجدية واخلاص من جميع العاملين فيها بالانطلاق بها من مرحلة الركود و الخسارة إلى مرحلة الربحية والى ازالة المعوقات والقضاء على الروتين وتشجيع العمل الجماعي في تحسن الخدمات التي تليق باسم مملكة البحرين في المحافل الدولية وتحويل الشركة الى عنصر فعال ومهم وهذا امل يراوده جميع البحرينيين، ويبرهن القائمون على إدارة شركة طيران الخليج مدى قوة ومتانة سوق الطيران في الشرق الاوسط والصين والهند والاستمرار بتنويع الاستثمار من خلال نشاط وحركة المسافرين ونقل البضائع حيث هنا في هذه المنطقة الشديدة التنافس هناك طلبات قادمة لتزويد الشركة بطائرات إضافية للوقوف أمام التحدي المستمر في المنطقة حيث يبلغ عدد الطلبات الجديدة من الطائرات في المنطقة الخليجية بحوالي ٥٠٠ طائرة أي بمعدل ٥٠% من الطلبيات الجديدة في المنطقة فمثلا في عام ٢٠٠٧ ومن خلال معرض دبي الدولى للطيران تقدمت دول مجلس التعاون الخليجي بطلب شراء عدة طائرات بلغ سعرها اجماليا ٥٠ مليار دولار امريكي ومع هذا النمو المطرد والسريع و المستمر فان مطارات المنطقة والشرق الاوسط تتطلب عليها من الان زيادة كثافتها في الكم والكيف بمعدل ثلاث مرات عن الوضع الحالي عند سنة ٢٠١٥ فمع التطور في احدث التقنيات الحديثة من التكنولوجيا والمواصلات والاتصالات وخاصة في سوق الطيران فاننا نستطيع التنقل من محطة الى اخرى دون توقف او انتظار وذلك بفضل العنصر الجغرافي للمنطقة بين دول العالم الاخرى فالسوق ليس له مدى فهو واسع وكبير ولكنه يحتاج الى عدد كبير ومريح من الطائرات وكذلك فان توسعة المطارات من الاسس المهمة لاستقطاب الاعداد الهائلة في حركة المسافرين والبضائع والطائرات .

وللتأكد من مرونة التنقل وراحة البال والاطمئنان والسلامة فان شركة طيران الخليج كانت ومازالت حريصة كل الحرص على تقديم الافضل ودرجة عالية من الخدمات الى زبائنها من المسافرين والبضائع فعهدت الى التواصل والترابط بمحاور عدة مع شبكة خطوط الطيران الاخرى ومع مكاتب السفر والسياحة المنتشرة في العالم، فكونت حلقة متواصلة بين هذه الشركات والمكاتب لتكون سلسلة مرنة لسهولة التنقل ودون انتظار او تعقيدات .

إن وضعية الاقتصاد في العالم تحول من التوسع والربحية من وقت إلى اخر لان هناك عدة أسباب أدت إلى تقلبات السوق في الاونة الاخيرة منها السياسية والأوبئة وصرامة الاتفاقيات والحالة المالية التي عصفت بالعالم ولكن تم التعامل معها بحذر ومسؤولية حتى تاكد لنا في نهاية المطاف الزامية وجود وبقاء الشركة في السوق الإقليمية والدولية.

طيران الخليج لديها الكثير من الإرث المتقلب حسب الظروف التى مرت وتمر فيها منذ انشائها فكانت تتساير مع الافكار والسياسات المتواصلة في القيادة منها الاستراتيجيات و صيانة و تقيم شبكات الخطوط الجوية للشركة والأهداف والهيكلية الإدارية والموظفين والمهارات والاسلوب الاداري والمواجهة والمنافسة في الشكل والمضمون، فالمحاولات الجادة مازالت مستمرة للوصول بالشركة لتكون افضل شركة طيران وان تكون الافضل عند الاختيار بالنسبة للمسافرلا بل هناك مساحات واسعة لتمهيد الطريق في ادخال عدة تحسينات على الخدمات سواء كان ذلك على الطائرة نفسها اوعلى الارض ووضع الجداوال المناسبة التي تراعي وقت المسافرين وتعديل الاسعار وجودة المأكولات وزيادة حجم المعدات والاجهزة الترفيهية داخل الطائرة وفي صالات طيران الخليج المنتشرة في مطارات العالم. والعمل لجعل مطار البحرين الدولي من افضل المحطات بالنسبة لحركة المسافرين في الربط وتجميعهم في محور الانطلاق الى محطات اخرى بسهولة ويسر وقد بدأت مسيرة المطار بنجاح مع كل القياديين الذين تعاقبوا على ادارته حتى الوصول إلى القيادة الحالية والتي تتمثل بالكابتن عبدالرحمن القعود الذي يعرف أنه من الكفاءات التي بدأت من المسؤولية في الخدمات الأرضية وملحقاتها من الأقسام الإدارية والوصول إلى قيادة احدث الطائرات صنعا و تقنية ثم إلى إدارة المطار ومرافقه وخدماته بصفته الحكومية كوكيل مساعد لشؤون الطيران المدني، وعلى ضوء هذه الكفاءات البحرينية الإدارية والعاملة منها حصل مطارنا على الدرجة ١٩ ضمن إحصائية تقييم عالمية لأفضل المطارات عالميا كما لشركة مطار البحرين الدور التنفيذي والتخطيط الاستراتيجي للانجازات التي يتمتع بها المطار الدولي ويرجع ذلك للكفاءات الوطنية العاملة التي يرأسها الأستاذ محمد ثامر الكعبي نائب الرئيس التنفيذي لعمليات المطار.

لقد أصبح من الضروري اليوم الوصول بمطار البحرين الدولي وشركة طيران الخليج الى الثقة بالنفس واكثر تفاعلا مع الزبائن بالثقة مع ترتيب صفوف الهيكلة الادارية التي هي الان في ارقى مستوياتها الادارية والفنية لتكون مستعدة لقبول التحدي امام التنافس المذهل ومتطلبات الزبائن من المسافرين فالعمل الجاد والمخلص والفعال القائم على العمل الجماعى حتما سيكون له نتائج ايجابية ترضي مزاجيات الزبائن، وهذا النجاح لا يمكن تحقيقه الا مع القياديين الجادين الذين يضعون الافضل والاحسن كرؤية ثاقبة ومتميزة امام اعينهم وفى افكارهم، فالقيادة في المطار وطيران الخليج اليوم تختلف عن الظروف السابقة فمن يريد ان يلمس هذه التسهيلات الرائدة من توافر الإدارات بأنواعها المختلفة مثل الأمن و الخدمات بكل ومختلف إشكالها المتطورة والصرافة والبنوك والنظافة والمطاعم و المقاهي والاتصالات بكل أجهزتها الحديثة وسيارات التنقل وسيارات الأجرة والسوق الحرة التي تحتوي على معظم المستلزمات الفاخرة والهدايا المتنوعة ذات الماركات العالمية و سهولة الحركة الانسيابية و الخدمات الأرضية الميسرة إنها ألان بالتأكيد على طريق التقدم والتحسن المستمر وقد حققت فعلا هذه المكاسب لهذا المطار وبالتحديد في بداية هذه السنة نتائج جيدة لمسها الزوار العالميون وكذلك المواطن نفسه وبكل هذه المعايير الممتازة فالأحقية لطيران الخليج الناقلة الوطنية البقاء والاستمرارية محلقة في الأجواء الإقليمية والعالمية وحاضرة في مطاراتها وسمائها ليلا ونهارا حاملة على صدرها شعار وعلم المملكة.













.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة