الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٥٤٧ - الاثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢ م، الموافق ١١ رمضان ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

الاسلامي

القصص القرآني
تذكير وهداية وموعظة









ونواصل الكتابة حول النوع الثالث من أنواع القصص القرآني وهو ما يتعلق بأحداث وقعت في عهد النبوة، كغزوات: بدر، والأحزاب، وحنين، وتبوك، وغيرها، وحدث الهجرة المباركة، وقصة زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش كما وردت في سورة الأحزاب.

وتشتمل القصص القرآنية التي حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على الفوائد العظيمة التي تتحقق لعموم القصص القرآني، وتأثيرها في النفس البشرية وما لها من الآثار التربوية العظيمة، ففي غزوة بدر يقول تعالى: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" آل عمران ١٢٣، وفي شأن غزوة حنين يقول تعالى: " لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم ملادْبِرِينَ" التوبة: .٢٥

والعبرة هنا التي تسوقها الآيات وهي تتحدث عن الغزوتين أن النصر على الأعداء يكون بتوفيق الله ثم الأخذ بالأسباب، فإن الأسباب وحدها لا تكفي ولا تغني شيئا إذا كانت بعيدة عن توفيق الله ومعونته، وهذا هو أعظم درس تستفيده الأمة في حاضرها ومستقبلها، فإن المسلمين يوم حنين اغتروا بقوتهم وعددهم، وقالوا لن نغلب اليوم من قلة، فكانت هذه الحالة التي تنبئ عن الغرور بالقوة العددية وقوة العتاد، كأنهم اعتمدوا في لحظة على الأسباب، فكانت النتيجة أن القوة لم تغن عنهم شيئا، ولما تجردوا من هذه النزعة ولجأوا الى الله كان النصر من عند الله العزيز الحكيم.

وفي غزوة الأحزاب حيث تآمر أحزاب الكفر من مكة وأهل القبائل على قتال الرسول ومن معه في المدينة المنورة، فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد مشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه حفر الخندق حول المدينة، حماية لها من الأحزاب، وبعد أن أنهى الرسول صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه حفر الخندق، وأصابهم الجهد، حاصر الأحزاب المدينة المنورة، ووقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ليدافعوا عن المدينة، ويصدوا هجوم الأحزاب عنها، وكان الوقت شتاء قارسا مما زاد عناء وجهد المسلمين، حتى بلغت القلوب الحناجر، فأرسل الله على الأحزاب ريحا عاتية وجنودا من عنده، فزلزل أقدام الأحزاب، وفروا هاربين، وأيد الله رسوله والمسلمين بنصر من عنده، ويصور القرآن هذا المشهد العظيم يقول تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا" الأحزاب:٩، الى أن قال الله تعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" الأحزاب: .٢٣

وهكذا فإن النصر مع الصبر، ولله جنود السماوات والأرض، فهل تستلهم الأمة هذا الدرس، في وقت يتربص بها الأعداء، ويداهمها الخطر من كل الاتجاهات؟ ألا ما أحوجنا الى هذه القصص لنتدارسها ونتدبر ما فيها!

وفي قصة زواج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها وما صاحب هذا الزواج من شائعات المنافقين والمرجفين، حتى تقولوا على الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو منه براء، يذكر القرآن هذه القصة وهذا الزواج ويوضح الحكمة منهما وهي ما جاء في قوله تعالى: "فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا" الأحزاب: .٣٧

لقد أراد الله تعالى أن يبطل عادات الجاهلية، وهي قضية التبني، وما يتبعها من الآثار، وكان من آثارها التي أبطلها الاسلام، هي حرمة زوجة المُتبنَّى (بضم الميم وفتح النون) على المتبني (بكسر النون) كما تحرم زوجة الابن، فكانت قصة زواج النبي من زينب بنت جحش لتؤكد زوال الحرمة التي كان يعتقدها أهل الجاهلية، كما أبطل التبني حفاظا على الأنساب من الاختلاط، وحفاظا على الأسرة من المحرمات فقال تعالى: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله" الأحزاب: .٥











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة