«شسّالفة»؟!
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٣ يناير ٢٠١٢
إبراهيم الشيخ
«شسّالفة» كلمة عامية تختصر سؤالاً استفساريًا أو تهكّميًا عما يحدث بالضّبط؟! أو تفسّر سؤالاً عاميٌّا آخر يقول: «شصاير»؟!
يبدو أن البعض في البحرين مازال يعيش في غير وقته، بينما الأحداث وظروفها والوضع المحلّي تغيّر (١٨٠) درجة.
الوضع في البلد اليوم لم يعد يتحمل أن «يزعل» أي مسئول بسبب أي ملاحظات أو نقد إيجابي يُكتب عنه في الصحف أو في أيّ موقع كان!
من رضيَ بأن يكون مسئولاً في أي منصب في الدولة، سواء كان وزيراً أو محافظاً أو رئيساً أو مديراً أو أكبر من ذلك بكثير أو أقلّ من ذلك بكثير، يجب عليه أن يتقبّل النقد والملاحظات، وأن يمتلك الجرأة، لا في التهرّب و«الزعل»، وإنّما في المواجهة والرد، فالوضع تغيّر، والعقول تغيّرت، والوعي السياسي الجمعي تغيّر.
زمان إثبات الولاء بـ «العرضات» و«سيوف الولاء» و«الحيّه بيّه» و«القرقاعون» والاحتفالات الفاضية التي تكلّف خزائن الدولة الملايين، لكنها تفتقر إلى أبسط معاني الولاء، أصبحت لا تحفظ بلداً ولا تقيم عدلاً ولا تأمر بمعروف ولا تنهى عن منكر.
البلاد كادت تضيع بسبب ولاءات مصطنعة وفارغة، كانت في المناسبات العامة تقبل الأيادي و«الخشوم» ولكنها في الخلف تطعن الوطن ألف طعنة وطعنة!
الولاء للوطن يكون بتقديم النصيحة الصادقة لحكام البلاد ولجميع المسلمين، فما عاد أي نوع من الصمت مقبولاً اليوم، لأنّ الساكت عن الحقّ شيطان أخرس. المستشار الذي يصمت ويطبطب ولا ينقل حقيقة ما يدور في البلد خوفاً على منصبه، لا يستحقّ ذلك المنصب، والمسئول - أيِا كان - الذي لا يرضى بمن ينتقد أداءه وكأنّه ملاك منزّه، أيضًا لا يستحق أن يكون في منصبه.
الفتنة الطائفية البشعة التي حصلت ومازالت تداعياتها إلى اليوم، أفرزت لنا وعياً سياسياً من فئة صامتة أثبتت أنّ ولاءها للوطن أكبر بكثير من غيرها من الوزراء والمسئولين، الذين كشفت الأحداث أنّ ولاءهم مصطنع، وهنا لا ننفي أن منهم من كان في قلب الناس، لأنّ المحن تظهر المعادن الحقيقية للناس.
عندما يقوم الصحفي بنقل ما يدور في المجتمع أو عبر وسائل التواصل الحديثة، يجب أن يفرح المسئول لأنّ هناك من ينقل إليه عيوبه وملاحظات الناس عليه حتى يقوم بتقويمها أو الانسحاب إذا لم يكن أهلاً لذلك المنصب، لا أن «يزعل» و«يبرطم» لأنّ الناس قالت ما تشعر به.
الحقّ أحقّ أن يُتبع، ويجب أن تستوعب الدولة أن زمان تولية المستشارين والوزراء والمسئولين الضعفاء لن يمرّ بعد اليوم مرور الكرام، لأن عيون الناس تراقب وتنتقد، كما فضحت «نواب العازة» وعرّتهم.
حكمة: قام رجلٌ لعمر ابن الخطاب وهو بين الأشهاد ليقول له: اتق الله يا عمر، فغضب الناس وأرادوا أن يسكتوه، فقال لهم عمر: «لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها»، وقام الفاروق يخطب ذات يوم فقال: «أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجاً فليقوّمه»، فقام له رجل وقال: والله لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناه بسيوفنا، فقال عمر: «الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم اعوجاج عمر بسيفه».
أقول لجميع مسئولي الدولة الكرام، اقرأوا تاريخ عمر الفاروق، فلربمّا اتعظتم وعرفتم حقيقة مسئولياتكم أمام الله والوطن.
.