الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٠ - الخميس ٥ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١١ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

يوميات سياسية


من أجل العملاء لا قانون ولا ديمقراطية





تحدثت بالأمس عن حالة الجنون التي تلبست المسئولين في الادارة الامريكية والحملة الشرسة التي وصلت الى حد الارهاب السياسي التي يشنونها هذه الأيام على السلطات المصرية فقط لقيامها بتفتيش مقار ١٧ جمعية ومنظمة غير حكومية مشبوهة ، من بينها مقار لثلاث مؤسسات امريكية. واوضحت ان هذا التفتيش تم بشكل قانوني وبناء على نتائج لجنة لتقصي الحقائق ، وقلت انه لا بد ان هناك سرا وراء هذه الحملة الامريكية الشرسة.

السر يكمن اولا فيما كشف عنه التقرير الذي انتهت اليه لجنة تقصي الحقائق حول المنظمات الاهلية التي تتلقى اموالا اجنبية وانشطتها ، وخصوصا ما طرحه التقرير فيما يتعلق بالمؤسسات الامريكية الثلاث بالذات، وهي المعهد الجمهوري الامريكي والمعهد الوطني الديمقراطي وبيت الحرية، فريدوم هاوس.

التقرير كشف عن جوانب خطيرة عن هذه المؤسسات الامريكية الثلاث وانشطتها في مصر.

واهم ما كشفه التقرير ما يلي:

١ - ان هذه المؤسسات الأمريكية لم تحصل اساسا على أي ترخيص او تصريح لها بالعمل في مصر.

أي ان وجود هذه المؤسسات في مصر هو اساسا غير قانوني.

ليس هذا فحسب، بل اشار التقرير الى ان جهات امنية مصرية سبق لها ان اوصت بعدم التصريح لهذه المؤسسات بالعمل في مصر لأسباب تتعلق بالأمن المصري.

٢ - ان هذه المؤسسات لم تكتف بالعمل في مصر انتهاكا للقانون وللسيادة المصرية، بل انها استغلت الاوضاع في مصر بعد الثورة، وقامت بتوسيع نشاطها، وفتحت مراكز لها في محافظات القاهرة والجيزة واسيوط والاسكندرية والأقصر.

٣ - ان هذه المؤسسات الامريكية وايضا منظمات اهلية مصرية اخرى حصلت على عشرات الملايين من الدولارات من السلطات الامريكية بشكل غير قانوني ومن دون موافقة او علم السلطات المصرية.

٤- ان هذه المؤسسات الأمريكية في انشطتها تقوم بادوار مشبوهة. منها على سبيل المثال، بحسب ما جاء في التقرير «تدريب شبكة من متطوعين من المجتمع المدني لكتابة تقارير، واجراء استطلاعات لرأي المواطنين وعمل تقييم للقدرات التنظيمية للأحزاب السياسية في مصر.. الخ».

اذن، هذا هو ما توصلت اليه لجنة تقصي الحقائق فيما يتعلق بهذه المؤسسات الامريكية وانشطتها في مصر. وكما نرى، نحن ازاء مؤسسات لا شرعية لوجودها اصلا وتنتهك القانون والسيادة المصرية وتقوم بادوار مشبوهة تشكل تهديدا مباشرا للأمن المصري.

ولهذا نص التقرير على انه «امر مثير للدهشة والاستفهام» سبب ترك هذه المؤسسات تقوم بذلك «من دون اتخاذ أي اجراء قانوني ضدها لوقف هذا النشاط ومنعه سيما انه يخالف القواعد المنظمة لعمل مثل هذه المنظمات داخل البلاد او حتى اتخاذ مايلزم نحو اضفاء الصفة القانونية لقيامها بنشاطها».

بالطبع كما نتوقع، فزع المسئولون الامريكيون من افتضاح امر هذه المؤسسات ودورها المشبوه على هذا النحو الذي سجله التقرير، والذي على اساسه قامت السلطات المصرية بتفتيش مقارها.

الامر الآخر الذي لا شك يفسر هذه الحملة الشرسة التي يشنها المسئولون الامريكيون على السلطات المصرية والارهاب السياسي الذي يمارسونه بسبب تفتيش مقار هذه المؤسسات المشبوهة، هو من الخوف ان يكشف هذا التفتيش عن المعلومات والحقائق التفصيلية للدور المشبوه لمؤسساتهم هذه.

لا شك ان المسئولين الامريكيين انتابهم الرعب من ان تتكشف مثلا تفاصيل برامج هذه المؤسسات التخريبية، وتفاصيل علاقاتهم المشبوهة بالمنظمات المصرية المتعاملة معهم، وقوائم اسماء المصريين في هذه المنظمات الضالعين معهم في مخططاتهم.. وهكذا.

أي ان المسئولين الامريكين بادروا على الفور بشن هذه الحملة الترهيبية كي يخيفوا السلطات المصرية ويردعوها عن اعلان تفاصيل ادوار هذه المؤسسات والتابعين لهم في مصر، وكي يجبروها على اغلاق ملف القضية، وهذا هو ما طالبوا به صراحة في تصريحاتهم.

ينبغي لنا ان نتأمل جيدا، ما الذي يعنيه بالضبط هذا الذي يفعله المسئولون الامريكيون مع السلطات المصرية اليوم.

معناه انهم يريدون الدفاع عن عملائهم في مصر وحمايتهم وحماية ادوارهم المشبوهة.

وهم في سبيل ذلك لم يترددوا لحظة واحدة في ممارسة الارهاب الصريح ضد السلطات المصرية بممارسة صنوف التهديد والابتزاز.

وهم في سبيل ذلك يريدون من السلطات المصرية بالقسر والاكراه ان تضرب عرض الحائط بالقانون المصري، وان تغض الطرف عن السيادة المصرية ذاتها.

معناه انهم يريدون من السلطات المصرية ان تقتل الشفافية والحقيقة، التي هي جوهر الديمقراطية.

وللقضية جوانب خطيرة اخرى سنتوقف عندها في المقال القادم بإذن الله.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة