بعد تعرض ١٨ مدرسة للتخريب
استياء شديد في الشارع البحريني بكل طوائفه
 تاريخ النشر : الخميس ٥ يناير ٢٠١٢
تحقيق: زينب حافظ
منذ فترة ليست بالقصيرة نطالع في الصحف بشكل شبه يومي الاعتداء على مدارس المملكة بمختلف المحافظات سواء بالحرق أو التدمير، والمشكلة لم تعد تتعلق بالتخريب فقط ولكن بثقافة العنف التي يتبعها البعض للتعبير عن الرأي أو بالضغط لتلبية بعض المطالب التي يدعي أنها شرعية، ولكنها للأسف أصبحت ترتدي ثوب اللا شرعية اللا سلمية، وهذه الأعمال التخريبية من شأنها إشاعة الفوضى والتأثير على انتظام اليوم الدراسي وتعريض حياة الطلبة للخطر داخل الحرم المدرسي وحرمانهم من حقهم في التعليم، والأخطر من ذلك استباحة حرمة المدارس التي من المفترض ان يتم التعامل معها باحترام يتناسب مع مكانتها وما تقدمه من إنارة للعقول فدورها لا يقل عن دور المسجد إجلالا ومكانة، واستباحتها بهذا الشكل من قبل البعض سلوك خطر يجب أن يقابل بمنتهى الجدية والحزم.
وخلال الأشهر الماضية تم الاعتداء على ثماني عشرة مدرسة بالحرق والتدمير والسرقات والتشويه، منها مدرسة التعاون الثانوية للبنين، وقرطبة الإعدادية للبنات، وسلماباد الابتدائية للبنات، والسنابس الابتدائية للبنين، وسار الابتدائية للبنين، والقادسية الابتدائية للبنات، والدير الابتدائية للبنين، وعمار بن ياسر الابتدائية للبنين، والدراز للبنين، والطبري الابتدائية للبنين والوادي للبنين، والفارابي الابتدائية للبنين، ومدينة حمد الابتدائية للبنات، ومدينة عيسى الاعداية للبنين، وجدحفص الإعدادية للبنين.
فما الأسباب التي تقف خلف هذه الأعمال التخريبية؟ وما هو موقف الطلاب وأولياء أمورهم والتربويين من هذه الظاهرة؟ وما هي الخطط التي تعمل عليها وزارة التربية والتعليم لمواجهتها؟ وهل ما يحدث يعود إلى ضعف القوانين والتساهل في تطبيقها؟ وما رأي القانونيين والشوريين والنواب في ذلك.
هذا ما تطرقنا إليه خلال التحقيق التالي:
في البداية حرصنا على معرفة آراء الطلاب حول تخريب المدارس، فى هذا السياق يقول الطالب علي احمد ان تخريب المدارس يؤثر على المستوى التعليمي للطلبة، فهذه المنشآت يجب الحفاظ عليها وعلى سلامة الطلبة وتوعيتهم، والمفروض إحضار ولي الأمر في حالة التوصل إلى أن احد الطلاب من الجناة.
دعاء يوسف تقول: إن حرق المدارس يؤثر على سلامة الطلبة وعلى مستواهم التعليمي نتيجة لتخوفهم من الانتظام في المدرسة إلى في جانب تخوف الأهالي على سلامة أبنائهم، ويجب أن تكون هناك برامج توعية للطلبة والمدرسين، وعلى أولياء الأمور نصح أبنائهم بالمحافظة على المدرسة، ويجب على رجال الدين أن يعملوا على توعية الشباب، وان توضع كاميرات في المدرسة لمنع المشاكل، والبعد عن الطائفية وعدم تسييس التعليم.
وتقول فاطمة منصور: لا يعجبني ما يحدث في المدارس من تخريب للمنشآت التعليمية ويجب الحفاظ عليها لان بالعلم ترتقي الشعوب والبلاد، ويجب أن تبعد المدارس عن الطائفية والتسييس، وأن تقوم المدارس بمعاقبة المخربين من خلال تعهدات تؤخذ عليهم.
بينما تقول زهرة محمود: إن ما يحدث من تخريب في المدارس سيؤثر بشكل سلبي على الطلبة وخاصة أيام الامتحانات، نتيجة لتخوفهم من الأحداث وتأثير ذلك على نفسيتهم.
وحفاظا على سلامة الطلبة والبعد عن الشحن الطائفي يجب على وزارة التربية أن تقوم بتوعية الطلبة عن طريق المحاضرات والدورات التثقيفية.
وتضيف سارة أمين: إن تخريب المدارس يؤدي إلى تدني مستوى التعليم لأنه بالعلم تصنع الشعوب، ومن المفترض أن نبتعد عن المشاكل ولا نجعلها تصل إلى المدارس، لأنها منشآت مقدسة، وتفاقم التخريب يؤدي إلى تسرب الطلبة خوفا على سلامتهم، ويجب على وزرة التربية والتعليم أيضا أن تزيد من رجال الأمن في المدارس للحفاظ على سلامة الطلبة.
تسييس المدارس
وقد أبدى أولياء الأمور استياءهم مما تتعرض له المدارس من تخريب ويقول طارق محمد: التعرض للمدارس وتخريبها أمر مرفوض لأنها أماكن تعليمية لأبنائنا ونتمنى ألا تتسرب المشاكل السياسية والطائفية إلى المدارس.
عمار حسن يؤكد أن تخريب المدارس خطأ كبير لأنها أنشئت للتربية والتعليم وليس للممارسات السياسية وبث الشحن الطائفي، ويجب إبعاد الطلبة عن الأمور السياسية، فالشباب عماد المستقبل، ويجب الحفاظ عليهم ووضع ضوابط أمنية ولوائح سلوكية للحد من التخريب في المدارس.
أما عادل احمد فهو يرى أن شعب البحرين يتمتع بالرقي وأن التخريب ليس من أفعاله بل هناك أيادٍ خفية تريد أن تدمر المنشآت التعليمية، والمطلوب ضبطها ومحاسبتها، قبل أن نتلمس التأثير السلبي لتلك الظاهرة على الطلاب، هذا فضلا عن أنها تكلف الوزارة أعباء مالية إضافية وتضر بسمعة المملكة، والحل هو توعية المجتمع ككل والبحث عن الأسباب والوقوف على الحقيقة.
ويتساءل لؤي عبدالله إلى متى ستهدد مدارسنا ولا نعرف من الفاعل؟ المعروف أن دور المدارس ينحصر في التربية والتعليم، ومن أهم مبادئ التربية أن ينشأ الطلبة على حب الوطن والحفاظ على ممتلكاتهم واحترام المنشآت التعليمية، والمطلوب من المجتمع ككل عدم تسييس المدارس والابتعاد عن نشر الطائفية بين الطلبة.
وللمعلمين رأي
مدير مدرسة الدراز الإعدادية للبنين عادل أحمد رضي أوضح أن ما يحدث من تخريب للمؤسسات التعليمية لهو أمر خطر للغاية، فالمدارس لها قداستها شأنها في ذلك شأن دور العبادة، ووجب على كل أبناء المجتمع احترام قدسية هذا الصرح التعليمي، فالمدرسة كما عهدناها دائماً صرحاً يحتضن أبناءنا الطلبة ويوفر لهم العلم والمعرفة ويسعى إلى بناء أجيال معطاءة تبني مستقبلا مشرقا لوطننا، وأي اعتداء على المدرسة يعد اعتداء على الطالب نفسه وعلى حقه في الحصول على تعليم نوعي، وأشار إلى أن مؤسسات المجتمع المدني والمنابر ودور العبادة يجب أن يكون لها رأي فيما يحدث لمدارسنا من تخريب واعتداءات، وان تؤكد أن هذا الفعل مرفوض جملةً وتفصيلاً.
يوافقه في الرأي مدير مدرسة الإمام الطبري الابتدائية للبنين إبراهيم شاهين خلفان، الذي استنكر مثل هذه الأفعال التي لا يرضاها أي مواطن غيور على وطنه وممتلكاته وقال إنه من الواجب الحفاظ على قدسيتها، مشيرا إلى أن هذه الاعتداءات من شأنها ترويع الطلبة والتأثير سلباً على سير العملية التعليمية ومما يعمل على النيل من حق الطلبة في الحصول على الخدمة التعليمية في بيئة آمنة مستقرة.
من جهتها أضافت مديرة مدرسة المنهل الابتدائية للبنات فاطمة عبدالحميد المقهوي أن التعليم حق لأبنائنا الطلبة للحصول على حياة كريمة وبناء مستقبل واعد، وقد حرصت الحكومة الرشيدة على توفير التعليم مجاناً لكل أطياف المجتمع، والعبث بهذا الصرح التعليمي لا يتناسب مع حرمتها ودورها الجليل في تخريج أجيال وتأسيس الطلبة واكتسابهم العلم والمعرفة، وهذا من شأنه تعطيل المسيرة التعليمية والتربوية.
ويرى التربوي أسامة فتح الله ان هذه الاعتداءات فردية، ومع ذلك فإنها تترك اثرا سلبيا على الطالب وتسبب له نفورا من المدرسة مما يؤثر على الألفة التي عهدناها بين الطالب والمعلم، هذا بالإضافة إلى ان العلاقة بين الطلاب وبعضهم بعضا قد تصل إلى طريق مسدود، مما ينعكس سلبا على مخرجات العملية التعليمية وقد يؤدي ذلك إلى نوع من الحساسيات من قبل كل طائفة تجاه الأخرى، وهذه التراكمات سوف تؤدي بلا شك إلى شروخ اجتماعية نحن في غنى عنها.
ويؤكد فتح الله ان هذه الظاهرة التي تصدر من بعض الأفراد لا تتماشى مع تاريخ اللحمة الوطنية لمملكة البحرين والود الذي كان وسوف يستمر بين جميع أطياف المجتمع البحريني، وانه يأمل في القريب العاجل أن يرى الألفة تعود بين جميع من يحيون على ارض البحرين حتى يتم تنفيذ جميع المشروعات التي تُقدم إلى الحكومة وإنهائها في الفترة القادمة.
وتؤكد زينب جعفر المعلمة بإحدى المدارس الابتدائية ان ما يحدث من تخريب للمدارس يسبب حالة من الخوف داخل الطالب في هذه السن الصغيرة، مما يؤثر سلبا على مدى استفادته من الناحية العلمية، كما تؤدي إلى إثارة الفوضى بالمدارس، وعدم قدرة الكادر التعليمي على تأدية واجبه على أكمل وجهه، هذا بخلاف الخسائر المادية التي تشكل عبئا على ميزانية المدرسة والتي من المفترض أن يتم توجيهها إلى قنوات تصب في صالح الطالب والمنظومة التعليمية، لذلك نناشد كل ن تسول له نفسه أن يتسبب في ضرر أي من مدارس المملكة أن يكف عن هذا العبث حتى تسير العملية التعليمة بالشكل المطلوب وتؤدي أهدافها على الوجه الأكمل.
رأي القانون
وعن الشق القانوني الخاص بالأعمال التخريبية ومدى الحاجة إلى قانون رادع يتصدى لها تقول المحامية مروة الأنصاري: نحن بحاجة إلى قانون أكثر ردعا لان غالبية من يقوموا بهذه الأعمال التخريبية لا يدركون عواقب الأمور، وخاصة ان المخربين يستهدفون المنشآت العامة، والمدارس بوجه خاص تضم طلابا صغار السن وما يحدث يترك آثارا نفسية سيئة عليهم.
وعن القانون المطبق حاليا تقول الأنصاري: المادة رقم ٤٠٩ من قانون الإجراءات الجنائية ينص على أنه يعاقب بالحبس ما لا يزيد على سنة وبالغرامة التي لا تتجاوز ١٠٠ دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة تعطيل مرفق عام أو أعمال مصلحة ذات منفعة عامة وإذا ترتب عليها جعل حياة الناس أو أمنهم أو صحتهم في خطر، وتكون السجن مدة لا تزيد على خمس سنوات إذا وقعت الجريمة من عصابة مؤلفة من خمسة أشخاص على الأقل، والمحكمة تلزم الجاني بدفع قيمة الشيء الذي أتلفه.
النواب والشوريون
وعن دور مجلس النواب في وضع حلول لهذه القضية يقول النائب وعضو اللجنة التشريعية القانونية علي احمد الزايد إن البحرين تمتلك قانونا للعقوبات، وهو يشمل عقوبات تتعلق بالأحداث الأخيرة ولكن التقصير في التطبيق، كما انه يحتاج إلى تحديث وإعادة نظر، لان الأوضاع اختلفت والقانون يجب أن يعاقب كل من يثير الطائفية، ويقطع الطرق، ويتعدى على حرية الآخرين، فالبحرين لا تنقصها التشريعات ولكن التطبيق، بحيث كل شخص يلتزم بحدوده ويحافظ على حرية الآخرين، فالبعض انتهج نهجا في الفترة الأخيرة لا يرضي به الجميع في البحرين بكل طوائفه ويجب أن يجرم على ذلك، ولقد اجتمعنا مع وزيري الداخلية والعدل، وعرضنا عليهما الهاجس الأمني والقانوني.
فيما تقول عضو مجلس الشورى رباب العريض نحن ضد تخريب الممتلكات العامة ودورنا يقتصر على مراجعة التشريعات وهو دور رقابي فقط وخاصة أن قانون العقوبات مستوفي من خلال تجريم تخريب المنشآت الخاصة، ولكن الخلل في التطبيق.
وتضيف: نحن نوجه السؤال إلى المعنيين في وزارة التربية والتعليم والذي يتعلق بكيفية حماية المنشآت التعليمة من التخريب بشكل يومي، وكان من المفترض أن تبادر وزارة الداخلية إلى حماية المدارس من خلال عمل دوريات مراقبة مكثفة عليها حتى لا يتم تخريبها وتدميرها.
وقد أرجعت أهم أسباب ما يحدث من تكرار التخريب في الوقت الحاضر إلى عدم توفير الحماية الكاملة للمدارس، لذلك لابد من أن تتعاون جميع الجهات لحمايتها لان هناك تقصيرا في هذا الجانب وعلى الوزارة تأمين المدارس بالرقابة من خلال وضع الكاميرات وزيادة حراس الأمن، كما يجب الاهتمام بالأمور الوقائية لان الوقاية خير من العلاج، وخاصة بالنسبة للمدارس المستهدفة، كما يجب أيضا توعية الطلبة وتنشئتهم على حب المدرسة والوطن، وإجراء عمل دراسات وبحوث عن الأسباب وراء التخريب.
رد الوزارة
وحول الإجراءات الاحترازية التي من شأنها التصدي لهذه الظاهرة أفادتنا إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية والتعليم بأنه تم توفير حراس لحماية المدارس على مدار الساعة، أما عدد الحراس فيتوقف على احتياجات كل مدرسة، حيث يصل هذا العدد في بعض المدارس إلى أربعة، ليصل إجمالي عدد الحراس إلى ٨٠٠ حارس.
كما قامت الوزارة بتعزيز إجراءات الأمن والسلامة في المدارس من خلال تزويدهم بطفايات الحريق وأجهزة الإنذار، وشرعت في تنفيذ مشروع كاميرات المراقبة في عدد من المدارس التي يتكرر تعرضها للاعتداء، وسوف يتم التوسع في هذا المشروع تدريجياً، إضافةً إلى ذلك تم التنسيق مع دوريات الأمن في وزارة الداخلية لحماية المدارس والتي تعتبر جزءا من مسؤولياتها، إضافة إلى الدوريات المتحركة التي تقوم بالمرور على المدارس وتتفقدها.
.