الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٩ - السبت ١٤ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


مخاوف متصاعدة حول إغلاق مضيق هرمز





لم يكد يمر يوم واحد فقط على إعلان إيران بدء تخصيب اليورانيوم في منشأة «فوردو» الحصينة قرب طهران، حتى قتل نائب رئيس مفاعل تخصيب اليورانيوم في نطنز، مصطفى أحمد روشان، اغتيل في انفجار سيارة ملغومة. وبحسب التفاصيل فقد اقترب شخصان يستقلان دراجة بخارية إلى سيارته قرب جامعة شريف للتكنولوجيا شمالي طهران، ووضعا عليها قنبلة لاصقة قبل أن يبتعدا عن الموقع. وهذا بالضبط الأسلوب نفسه الذي استخدم لقتل علماء الذرة الإيرانيين العام الماضي في طهران. وعلى الفور اتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء الاغتيال.

وقد تزامنت هذه الحادثة مع تصاعد الحديث حول احتمال اندلاع حرب اقليمية وشيكة قرب مضيق هرمز في حال إذا ما قررت ايران اغلاقه.

«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:

يعتبر مضيق هرمز الممر الرئيسي الذي تستخدمه المملكة العربية السعودية التي تعد أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم، ومجموعة من الدول العربية الاخرى بالاضافة إلى إيران، لتصدير نفطها، لذلك هو يعد نقطة حيوية لا يمكن اغلاقها بأي شكل من الاشكال. لهذه الغاية، تركز الاجتماع الاخير بين الرئيس الامريكي باراك اوباما ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل حول دراسة تبعات التهديدات الايرانية باغلاق المضيق. وقد رفض متحدثون أمريكيون وسعوديون بشدة الإدلاء بتفاصيل من أي نوع حول الحديث بين أوباما والفيصل، أو حتى عن الموضوعات التي طرحت، لكن من الواضح أن الموضوعات الرئيسية كانت إيران والوضع في الخليج العربي ومضيق هرمز وسوريا .

وتقول مصادر مطلعة في واشنطن ان الملف المركزي في الحوار كان إنتاج النفط. وتحاول الولايات المتحدة إقناع الدول المستوردة للنفط خاصة في اسيا مثل الهند، واليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، بتقليص مشتريات النفط من إيران.

تصريحات مضادة

قوبل المسعى الأمريكي بتصريحات مضادة من قادة المؤسستين السياسية والعسكرية الإيرانيتين المتكررة التي تهدد بأنه في حال إذا ما واصلت الولايات المتحدة الضغط على الأوروبيين ودول آسيا لفرض حظر على مشتريات النفط الإيراني، فإن قطرة واحدة من نفط دول الخليج لن تمر عبر مضيق هرمز. بمعنى آخر، مقابل الحظر الأمريكي الأوروبي على النفط الإيراني ستغلق طهران مضيق هرمز أمام صادرات النفط الخليجية.

ويعتقد الكثير من خبراء الغرب أن التهديد الإيراني أجوف، لأن غلق المضيق سيمس قبل ذلك صادرات النفط والاقتصاد الإيرانيين أنفسهما. ولكن مصادر إيرانية تقول انه على افتراض أن الولايات المتحدة والغرب لن يوقفا تهديداتهما أو يضربان ناقلات النفط الإيرانية، فإن المخططين الاستراتيجيين في إيران يعتزمون القيام بغلق جزئي وانتقائي للمضيق.

ويقدر الإيرانيون أنه يكفي المساس الجزئي بناقلات النفط الخليجية لكي يحدث الأمر أضرارا وارتفاعا كبيرا في أسعار النفط في العالم بالإضافة إلى رفع قيمة التأمين على ناقلات النفط وتوقف مؤقت أو جزئي لصادرات النفط الخليجية.

ولا يعني ان يكون الاعتداء الإيراني على صادرات النفط مباشرا بالضرورة، فقد تدرب الإيرانيون على العمل غير المباشر قبل عامين حين أطلقت زوارق هجومية سريعة تابعة للحرس الثوري أتت من جزيرة أبوموسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران التي تسيطر على المدخل الشمالي للمضيق، صاروخا أصاب ناقلة النفط اليابانية العملاقة «ستار ام» التي كانت تنقل النفط من السعودية.

واشنطن التي أدارت وقتها التحقيقات حول من أطلق الصاروخ، فضلت وقتها الاحتفاظ بنتائج التحقيق سرا لكي لا ترفع مستوى التوتر العسكري في مضيق هرمز مع إيران أو تتسبب في ارتفاع أسعار النفط العالمي. لكن اليوم مع تصاعد التوتر قد يشهد المضيق حرباً ساخنة.

مراقبة وحذر

ومن الملاحظ ان هناك تزايدا في القوات البحرية الغربية في الايام الاخيرة قبالة الشواطئ الإيرانية في الخليج العربي وبحر العرب استعدادا لمواجهة ايران في حال تنفيذ تهديدها باقفال مضيق هرمز، فقد أصدرت بريطانيا اوامر للمدمرة «دارينج» المسلحة بتكنولوجيا جديدة لاسقاط الصواريخ للتوجه الى بحر عمان، ومن المقرر وصولها في ذات الوقت الذي يتوقع فيه وصول حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول».

وافادت مصادر مطلعة ان طائرة «آركيو-٤ غلوبال هوك» الضخمة بلا طيار اقلعت من حاملة الطائرات الامريكية «ستينينغ» للقيام بعمليات استطلاع فوق السواحل الايرانية. وتقوم الحاملة الامريكية ومجموعتها الضاربة بالابحار في بحر عمان عند مدخل مضيق هرمز، بعد اعلان طهران انها لن تسمح لها بالعبور.

وهذه هي المرة الاولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة وسائط جوية بلا طيار فوق ايران منذ اسقاط أو قرصنة الطائرة «اركيو ١٧٠» في ايران في ٤ ديسمبر .٢٠١١ وهي المرة الاولى ايضا التي تصدر فيها تعليمات لطائرة ضخمة بلا طيار للإقلاع من حاملة طائرات للقيام بمهمة استطلاع بحري جوي واسع أو ما يطلق عليه «بامز».

وذكرت المصادر العسكرية الامريكية ان مهمة «غلوبال هوك» هي «مراقبة الحركة البحرية عن بعد للساحل الايراني ومضيق هرمز». وقد صدرت التعليمات الى البحرية الامريكية لمواصلة مراقبة هذه الحركة، وهو عمل آخر يجرى المرة الاولى، بعد ان اعلن الاميرال حبيب الله سياري، رئيس البحرية الايرانية، ان مضيق هرمز ظل تحت السيطرة الايرانية التامة منذ سنين.

امكانية اغلاق المضيق

من جهته، حذر الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة رؤساء الاركان الامريكية، بما لا يقبل الشك ان بامكان ايران إقفال مضيق هرمز «بعض الوقت»، وان القوات الامريكية «وضعت قدراتها على اهبة الاستعداد لضمان الحاق الهزيمة بتلك العملية في حال وقوعها فعلا». وشدد الجنرال ديمبسي على ان «بامكانهم اغلاقه. وقد اعلنا انه لا يمكن القبول بذلك، وان الامر ليس مجرد عدم القبول من جانبنا ولكن من جانب العالم، وسننتخذ الاجراء اللازم ونعيد فتح المضيق».

كذلك حذر وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا من اجراء امريكي سريع وحاسم وفي غاية الشدة على اي محاولة ايرانية لاقفال مضيق هرمز.

وجاءت تصريحات هذين المسؤولين الامريكيين بعد ساعات من اعلان الناطق بلسان الحرس الثوري ان القيادة العليا الايرانية قد اصدرت تعليماتها بضرورة اقفال المضيق في حال فرض الاتحاد الاوروبي حظرا نفطيا على ايران.

وتفيد المصادر ان تصاعد التوتر العسكري حول ايران وسوريا في الفترة الاخيرة لا ينبع من الخطوات السريعة التي حققتها ايران نحو انتاج سلاح نووي، وانما من خشية الغرب واسرائيل من ان طهران ودمشق تضعان خططا عسكرية تتعلق بقطاعي الخليج العربي والبحر الابيض المتوسط.

ونشرت وسائل الاعلام الايرانية بيانات متباينة عن الوضع في معمل تخصيب اليورانيوم الايراني تحت الارض في فوردو قرب قم، فقد وصفت البيانات باللغة الانجليزية الموقع بأنه سيسير حسبما هو مقرر له قريبا، بينما قالت وسائل الاعلام بالفارسية انه بدأ العمل بالفعل.

واعلن رئيس منظمة الطاقة النووية الايرانية فيريدون عباسي دافاني ان «الجمهورية الاسلامية قادرة على تصدير الخدمات المتعلقة بالطاقة النووية الى دول اخرى». وقد اظهر هذا البيان ان طهران لا تخشى من رفع مستوى تهديداتها للغرب الى مرحلة عرض نقل معرفتها التكنولوجية النووية الى دول اخرى. مقابل كل ذلك ربما يكون حادث اغتيال العالم النووي الايراني رسالة الى ايران بضرورة تهدئة الوضع او انها ستخسر الكثير.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة