نواب المصلحة... أم خلايا «للشفط»
 تاريخ النشر : الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢
أعضاء مجلس النواب في هذا البلد شوهوا الديمقراطية وجعلونا نكرهها وانحرفوا بها عن الخط السليم، فهم مجموعة اتجهت نحو الطائفية وأخرى اتجهت لمصالحها الخاصة ونيل المكاسب الضخمة واللهاث للحصول على الامتيازات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهذا الشعب المسكين كل يوم يتلقى صفعة وليس له إلا تجرع الآلام وحده، هو ضائق الصدر ينتظر الفرج، ويضرب كفا بكف تحسرا وندما على التصويت لهؤلاء الذين لا يستحقون صوته، فهو لا يكاد يتخلص من أزمة حتى يشعل النواب اخرى، وآخرها مطالبة النواب بالزيادة وفي هذا الوقت الحرج وهي لغة لم نفهم المغزى من ورائها،وللأسف أداء النواب طوال السنوات الماضية جعل الناس تضج وتتذمر كونه حقق مصلحة النواب قبل مصالح الناس، بل الحق يقال، لم يحقق للناس شيئاً مؤثراً يسهل عليهم حياتهم ومعيشتهم وأصبح من الصعب تصديق كثير مما يقولونه ويفعلونه.
عندما ذهبنا في طوابير طويلة لترشيح النواب كنا نأمل فيهم خيراً وأن يكونوا من المناضلين من أجل الصالح العام وخاصة المتقاعدين الذين يكتوون بنار الغلاء ورواتبهم ضئيلة لا تسمن ولا تغني من جوع، وكنا نأمل من النائب أن يكون عين الشعب الذي أولاه ثقته وأن يتقي الله في هذا الوطن وأن يضع المواطن والوطن أولى أولوياته واهتماماته، وكنا نأمل أن يراعي ضميره وأن تكون رغبته في الترشح لخدمة الوطن وليس من أجل خدمة نفسه، فأيام الانتخابات كل بيانات النواب نسخ كربونية: الإصلاح ومحاربة الفساد وتطوير البلد، وضعوا لنا الشمس بيد والقمر بيد. طوال سنين ونحن نعيش هذا الموال الكاذب والنتيجة مجلس يريد أن يأخذ أكثر مما يعطي، وأصبح الوصول إلى المقعد النيابي وسيلة للتكسب والاستعراض الشخصي والتنافس الأعمى لنيل أكبر المكاسب على نفقة خزانة الشعب الصابر والتغافل عن هموم المواطن المسحوق بدوامة الأزمات التي زادت معاناته وآلامه.
في بعض الأحيان أتساءل لو لم يكن هناك راتب وامتيازات لمن يرغب في ترشيح نفسه، هل ستجدون كل هذا الكم من المواطنين الذين يتنافسون لترشيح أنفسهم؟ للأسف نقولها إن مغريات المال والامتيازات البرلمانية الباطلة هي التي تسببت في إفراز وانتشار ظاهرة وبائية تمثلت في ترشيح الكثير من المواطنين لأنفسهم بالرغم من أن بعضهم لا يحملون أدنى مقومات وسمات العمل السياسي أو الاجتماعي وليس لهم تاريخ أو تجربة أو مواقف وطنية مشرفة تحسب في رصيدهم، فهذه الامتيازات هي التي تؤدي إلى تخدير النائب وإهماله لمهامه الملقاة على عاتقه وتسهم في إماتة حس الشعور بالمسئولية الوطنية والأخلاقية.
في الدول المتحضرة النائب يؤسس ثورة إنجازات لخدمة الشعب، أما في البحرين فالنائب يؤسس ثروة أموال و«يتكتك» بامتياز للحصول على المنافع بشتى السبل، وفي الديمقراطيات الحقيقية كل واحد منهم في حالة تواصل مستمر مع أبناء منطقته الذين انتخبوه نائباً عنهم يتفقد أحوالهم ويتعرف مشاكلهم ومطالبهم المعيشية كي يطرحها في جلسات مجلس النواب ويناقشها مع المسئولين في السلطة التنفيذية، ولكنهم عندنا على أرض الواقع لا نراهم إلا أيام الانتخابات وبعدها يختفون من حياتنا كالشبح، ثم يصبحون أكثر نواب العالم حربا على الآخرين ممن لا يوافقونهم الرأي ويسيرون عكس التيار تطبيقا لمبدأ خالف تعرف وهم أكثر نواب العالم معرفة ودراية بكل شيء وأي شيء، إلا من رحم ربي.
المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وقد لدغنا من النواب مرات عدة، ولنا لقاء في المرة القادمة، وهذه اللغة المتذاكية على عقول الناس ربما كانت تمر مرور الكرام في السابق ولكن اليوم الكل يرصد ويحلل الترهات التي ضحكوا بها عليهم، وأتمنى أن يعي المواطنون لمن يدلون بأصواتهم فليس بالكلام ولا بالطعام، ذهب زمن الاستخفاف بعقول الناس بلا رجعة.
عز من قنع وذل من طمع، وما طار طير وارتفع الا كما طار وقع، فالإصلاح في البلد يحتاج إلى رجال وإلى مواقف قوية يقلب عاليها واطيها، وليس برجال همهم الشفط. اللهم احفظ البحرين من طمع النواب الذين يدعون أنهم حراس المال وأنهم يصطادون الحرامية فأصبحوا هم خلايا الشفط.
عائشة البستكي
.