مشكلة تلوث الهواء في المعامير وما حولها
 تاريخ النشر : السبت ٢١ يناير ٢٠١٢
بقلم: د. إسماعيل محمد المدني
في ١٣ مارس ١٩٩١ في العمود الأسبوعي الذي أكتبه في أخبار الخليج في صفحة «بيئتنا»، نَشرتُ مقالاً تحت عنوان «قنبلة كيميائية فوق البحرين»، ولو نشرتُ المقال نفسه اليوم فلن يعرف أحد بأنه منشور منذ أكثر من عشرين عاماً!
ففي ذلك المقال وصفت حالة من حالات تدهور الهواء وتلوثه بالمواد الكيميائية ذات الروائح النتنة كرائحة البيض الفاسد في بعض المناطق في البحرين، وبالتحديد المعامير، والنويدرات، والرفاع، وعالي، ومدينة عيسى، ونقلتُ فيه شكوى المواطنين من هذه الروائح الفاسدة، وشخصت بشكلٍ واضح أسباب وقوعها وتكرر حدوثها بين الفينة والأخرى.
كما ذكرت في المقال أن هذه الحالة من تلوث الهواء تشبه الحالات التي تلقى فيها قنابل كيميائية أثناء الحروب،اكتب المعادلة هنا. حيث كانت الحرب مشتعلة، والمعارك مستمرة في تلك الحقبة المؤلمة من تاريخ الخليج العربي، والشعب الخليجي كان يعيش حالة من الخوف والفزع من استخدام قنابل كيميائية في الحرب التي كانت جارية آنذاك.
ومنذ ذلك الوقت ومثل هذه الحالة من تلوث الهواء الجوي تتكرر بين الحين والآخر في مناطق معروفة من البلاد، وبخاصة عندما تكون الظروف المناخية ملائمة ومناسبة فتؤدي إلى ظهور هذه الحالة وتفاقم تأثيراتها على الذين يتعرضون لها. فعندما تكون الرياح ساكنة وغير متحركة، ويحدث انقلاب حراري في طبقات الجو السفلى، فإن الملوثات التي تنطلق إلى الهواء الجوي من مصادرها المختلفة لا يتخفف تركيزها في الهواء الجوي، ولا تتشتت هذه الملوثات في أعالي السماء، وإنما يزيد تركيزها مع الوقت، فتتراكم وتتضخم نسبتها في الهواء ويشعر الناس بوجودها ويشمون رائحتها العفنة الضارة.
وهنا أريد أن أؤكد بعض النقاط المهمة المتعلقة بهذه المشكلة المستدامة لكي نعالجها جذرياً فلا تنكشف مرة أخرى.
أولاً: يجب أن ندرس هذه المشكلة على النطاق الجغرافي الواسع أولاً، وهي قضية تدهور نوعية الهواء الجوي في البحرين برمتها. فمصادر التلوث في ازدياد مع الوقت، وتركيز بعض الملوثات في ارتفاعٍ مستمرٍ ومشهود، حتى إن مستوياتها في الكثير من الأوقات تزيد عن المعايير الوطنية الخاصة بجودة الهواء الجوي في مملكة البحرين.
ثانياً: يجب تحديد مصادر تلوث الهواء كافة في المناطق التي يشتكي فيها الناس من التلوث، ثم قياس نوعية وكمية الملوثات التي تنبعث مباشرة من هذه المصادر.
ثالثاً: يجب في الوقت نفسه دراسة تركيز الملوثات في الهواء الجوي بشكلٍ خاص في المناطق التي يشتكي فيها الناس من تدهور صحة الهواء الجوي ويعانون من مشكلة بيئية محددة متعلقة بنوعية الهواء، فتقوم هذه الدراسات بالتركيز على مستوى بعض الملوثات التي يقاسي الناس من وجودها والتي لا تقيسها أجهزة قياس جودة الهواء المتحركة، على أن يكون القياس يومياً وعلى مدار العام، حتى نتمكن من التعرف على التغيرات اليومية والشهرية والسنوية لتركيز الملوثات في الهواء الجوي، ونربطها بشكاوى المواطنين في تلك المناطق، ثم نقوم بدراسة مقارنة بين تركيز ونوعية الملوثات في هذه المناطق مع المناطق الأخرى.
رابعاً: إجراء دراسات وبائية صحية في المناطق التي يعاني الناس فيها من سوء نوعية الهواء الجوي، والتعرف على الأمراض السائدة في تلك المناطق، وبخاصة السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، ومقارنة وجود هذه الأمراض وأعداد المصابين بها بالمناطق غير المعروفة بتدهور نوعية الهواء الجوي في البحرين.
.