الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٤٥ - الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ١٦ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


المؤتمر الوطني وتجمع الوحدة الوطنية: «بروفة» أولى





} بمقاييس كثيرة سنعتبر المؤتمر الوطني الذي دعا إليه «تجمع الوحدة الوطنية» وانعقد في السابع من يناير تحت عنوان: «أعمال التخريب والسلم الأهلي» سنعتبره مؤتمرا أوليا أو بروفة أولى، لما يجب أن يكون عليه المؤتمر الوطني بهذا الخصوص الذي تنشده وتنشد نتائجه جميع قطاعات الشعب البحريني، بما يتناسب مع حجم الضرر الكلي الواقع على مجتمعنا وعلى السلم الأهلي، بسبب حجم العنف والتخريب اللذين وصلا اليوم وتدريجيا إلى مراتب الإرهاب المنظم والعنف الممنهج، في أماكن مختلفة من البحرين، انه يحركه «ريموت كونترول» واحد، على الرغم من تنوع واختلاف مصادر التهديد، التي يقودها قادة التحريض والتطرف ويعدون بالمزيد من العنف في المرحلة القادمة، وهذا ما يحتاج إلى مزيد من الحراك الشعبي لمواجهته، إلى جانب جهود الدولة التي تحتاج بدورها إلى مزيد من التصويب الشعبي.

} ولأن التصعيد في العنف والإرهاب خطاب تتداخل فيه التأثيرات المختلفة، وله جذور في الخطاب الديني التحريضي ذاته، ويتستر تحت رداء ما يسمى الربيع العربي، وتتشابك فيه أصابع محلية وعربية وإقليمية ودولية، وتحت لافتات من الدعم المختلف بدوره حسب وظيفة الجهة الداعمة لحراك التخريب في البحرين، ومحاولة إشاعة الفوضى في جنباتها، فإن أي مؤتمر وطني كالذي انعقد باسم منظمات شعبية مختلفة، تمثل غالبية سياسية ومدنية وأهلية وشبابية ونسائية وغيرها، كان لابد أن يكون أكثر جدية وتنظيماً، وأكثر عمقاً وحسماً في بيانه الختامي ورسالته الموجهة، وأن يكون بمثابة ورشة عمل حقيقية، تتوزع فيها المهام وتنطلق منها الرؤى والمواقف العملية، وبما يتناسب مع حجم التهديد القائم للسلم الأهلي وحجم ومنهجية العنف والتخريب اللذين يُراد تصعيدهما، وتحديد مصادرهما ومصادر التحريض فيهما، وحيث المسئولية في ذلك ليست فقط وكما قلنا مراراً هي مسئولية الدولة، وإنما أيضاً مسئولية جميع القطاعات المجتمعية، التي لابد لها من وقفة حقيقية، وأن توصل رسالة واضحة إلى الفئة التي تدير العنف وتحرض عليه وتستخدم الأطفال والمراهقين والشباب المدربين للقيام بعملياته وكل حسب نوع العمل الموكل إليه في التخريب والعنف.

} إن البيان الختامي الذي تمخض عنه المؤتمر اتسم بشيء من الضعف والهلامية وبافتقاد توجيه رسالة قوية ضد العنف والتخريب والإرهاب ومصادرها، وبما لا يتناسب مع أحجامها الراهنة والموعود مجتمعنا بمزيد منها، مثلما اتسم بشيء من الضبابية في توصيل الرسالة المطلوبة إلى جهات التحريض، وهي متعددة ما بين جمعيات سياسية تعمل في إطار الشرعية، وأخرى سياسية ودينية تعمل خارج إطار القانون والشرعية، ويتمركز بعضها في الداخل والبعض الآخر في الخارج، إلى جانب بعض الشخوص الحقوقية التي تقلب الحقائق، وتلعب أدواراً خبيثة، وجميعها معاً تعمل إلى جانب التحريض وإدارة العنف داخليا، على التأليب الخارجي للتدخل في الشئون الداخلية في البحرين.

} مجتمعنا اليوم بحاجة إلى مؤتمر وطني يتم تدارس فحواه العملية وتقديم الرؤى والمقترحات، وتقديم أوراق عمل، والتشجيع على كتابة دراسات علمية رصينة من جانب المراكز المتخصصة المدنية والأهلية في المجتمع البحريني لدراسة (ظاهرة العنف والإرهاب في البحرين.. جذورها وتطوراتها) خاصة بعد أزمة فبراير، وتقديم الحلول العملية لمواجهتها وفك الاشتباك بينها وبين العمل السياسي، وبالتعاون مع مؤسسات الدولة المعنية، لأن المتضرر من هذه الظاهرة التي تتم تغطيتها بالغطاء السياسي والمطلبي هو الجميع وليست الدولة وحدها.

وهذا يستلزم قبل انعقاد المؤتمر الوطني «الثاني» تحت راية كل المنظمات الشعبية أيضاً والرافضة ما يحدث من عنف وإرهاب وتسييس لهما، أن تكون هناك قبلها رؤية واضحة من جهة، وأن تكون هناك أجندة تحرك عملي فاعل من جهة أخرى، وأن يتم إيصال الموقف الشعبي في ذلك إلى كل المنظمات الدولية وسفارات الدول الكبرى التي تغض الطرف عما يدور في البحرين من إرهاب، وتعتبره كأنه حقوق مشروعة في التعبير عن الرأي وعن المطالب، وعلى الرغم من مخالفة ذلك لكل الاتفاقيات والقوانين الدولية.

× المنظمات الشعبية بكل تشعباتها السياسية والأهلية والمهنية والاقتصادية والتجارية والعمالية والنقابية والنسائية والشبابية والشخصيات الوطنية، مطالبة اليوم بالمزيد من التحرك وعقد مؤتمرات ذات مردود فعال وتأثير عملي، لمجابهة كل خطاب سياسي أو ممارسة على الأرض أو خطاب ديني، تعمل معاً على ضرب السلم الأهلي، وعلى تفتيت القوى المجتمعية لإقصائها عن عملية الدفاع عن الوطن وعن المصالح الشعبية المتضررة بسبب (فئة) تواصل ما عملته منذ فبراير الماضي، وما تسببت به من أضرار كبيرة على كل المستويات وما عرضت له البحرين من مخاطر، على الرغم من أن الغطاء المخادع لكل ذلك هو السلمية والمطالب والإصلاح، وهو الغطاء الذي آن الأوان لرفعه عن العنف والإرهاب في البحرين.

} لأننا نثق كثيرا بالتوجهات الوطنية لرئيس تجمع الوحدة الوطنية «الدكتور عبداللطيف المحمود» باعتباره يقود اليوم تجمعاً نابعاً من طموح شعبي كبير إلى الدفاع عن البحرين، تمخض عن التجمع التاريخي في «الفاتح»، فإننا نثق أيضاً بأنه وكل الوطنيين الشرفاء في هذا البلد، يدركون أن حجم الأزمة الراهنة التي تديرها قبضة العنف والإرهاب في البحرين، تستحق المزيد من الجهود ومن المؤتمرات ومن المواجهات الحاسمة للأطراف التي تخل بالمصلحتين الوطنية والشعبية، ولذلك فليسمح لنا الدكتور «المحمود» بعد شكره وشكر التجمع لجهود الدعوة وعقد المؤتمر الوطني، بأن نعتبره مجرد مؤتمر وطني أول يحتاج في هذا الخصوص إلى مؤتمرات أخرى ومواقف أكثر قوة وحسماً، ورؤى أكثر عمقاً، ودراسات علمية وأجندة عمل فاعلة، لمواجهة المخاطر التي تحيط بهذا الوطن، وأكبرها على الإطلاق العنف والإرهاب تحت عنوان المطالب السياسية، حتى ترتقي جهود المنظمات الشعبية بما يتناسب وحجم القلق والطموح الشعبيين.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة