الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٥٢ - الثلاثاء ١٧ يناير ٢٠١٢ م، الموافق ٢٣ صفر ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


«الوفاق» وأتباعها وسعي دائم إلى جلب التدخل الخارجي





} أي معارضة هذه التي تتحين كل الفرص وأي فرصة لتسعى سريعا خلف المطالبة بالتدخل الخارجي، وليكون شغلها الشاغل هو اللعب على هذا الوتر وعبر اختلاق التبريرات والحجج، وخاصة بعد أن فقدت جل أوراقها الداخلية، فأصبحت في كل تحركاتها تستعين بالعطار «الخارجي» لمعالجة ما أفسده انكشافها وانكشاف أوراقها كاملة في الداخل ليتم فرضها على الناس بالقوة؟

لم يبق باب في الخارج لم تطرقه بدءا من الأمم المتحدة وأمينها العام، ومن المنظمات الدولية والمحاكم الخارجية وصولا الى المطالبات المستعرة بلجان تحقيق خارجية حتى لأسباب وفيات طبيعية، فهي تطالب بتلك اللجان للتحقيق فيها في مشهد سريالي.

} وفي الوقت الذي تتمادى في (سلخ نفسها) عن الوطن وعن الإصلاح وعن مكونات المجتمع كافة، تنزوي في زاوية وخلفها اتباعها من الجمعيات السياسية (الذيلية) لتولول وتصرخ طوال الوقت، في حالة هستيرية تنتمي الى الجانب السيكولوجي المرضي، أكثر مما تنتمي الى حالة سياسية أو فكرية بها شيء ولو قليل من العقل والتعقل، فكل شيء في الواقع البحريني مرفوض بالنسبة إليها، وكل شيء يعني كل شيء: القانون وتطبيقه على المخالفين والجناة مرفوض، الديمقراطية كاذبة وزائفة، الإصلاح شكلي وسطحي وفارغ المحتوى، الشعب في غالبيته مجرد «بلطجية» ومرتزقة وموالين ومجنسين.

وفي الوقت ذاته تطالب بالديمقراطية وتمارس الديكتاتورية وإقصاء كل مكونات الشعب البحريني ثم تدعي تمثيله. تدعي السلمية وتحرض على العنف. تدعي اللاطائفية وتحرض على الطائفية عبر قيادتها لاصطفاف طائفي ممن نجحت في غسل عقولهم. تدعي المدنية والليبرالية (مؤخرا) متجاهلة على وقع إعلان سابق لأمينها العام بأنه خادم وسيف في غمد الولي الفقيه والمرجعية «عيسى قاسم». تدعي الحرص على السلم الأهلي وترعى وتتبنى جماعات العنف والتخريب. تدعي ان الحكومة تستخدم ميليشيات مدنية وتستعرض هي ميليشياتها في «سترة»، وتدعي الوطنية، وخطوطها وقنواتها مفتوحة طوال الوقت للاستنجاد بالتدخل الخارجي، كأنها وجدت ضالتها في ذلك.

} ونحن نقترب من مرور عام على أزمة تحتاج الى مجلدات لسرد ما تسببت فيه هذه الجمعية الولائية وأذنابها من جمعيات أخريات من كوارث وأخطاء، فان لعبة اللطم والولولة وادعاء المظلومية، تحولت الى خطاب يومي سواء على المنابر أو في الفضائيات أو في السفارات أو في اللقاءات الخارجية، أو في رسائل الاستنجاد. لم تبق ولم تذر، وكل ذلك في إطار ممنهج ومنظم لتشويه صورة البحرين وشعبها، ومنظارها في ذلك هو المنظار الأسود الذي اعتادته، وحيث كل شيء في البحرين هو أسود ينتظر ما تتصوره وهو بياض ملاءتها حين تلقيه على البلاد والعباد، فيتحول حينها كل شيء الى الديمقراطية الصحيحة والعدل والإصلاح، وحيث لا أحد سيكون في هذه البلاد، إلا هي وأتباعها، والعقد الملزم والرباط المقدس بتسليم البحرين لنائب صاحب الزمان، الذي يعمل على سريان المبدأ ذاته على الخليج العربي كله تعجيلا لظهور المهدي المنتظر، فيما شعبنا اليوم هو رهينة هذه الأمراض الفكرية والعقدية والسياسية.

} هل هو إيغال في الوهم السياسي الذي لا يرى ملابسات والتباسات الواقع بعين الواقع نفسه؟ أم هو مرض نفسي جماعي لدى هؤلاء يلقي بعبئه وببلائه على هذا الوطن؟ مثال صغير: ما ان يموت أحدهم أو احداهن حتى لو بلغ أو بلغت من العمر عتيا فوق الثمانين مثلا، حتى لو كان حادث مرور، أو اصطدام بحائط، أو غرق في البحر، أو انتحار لمريض نفسي، فان أيا من تلك الحوادث سرعان ما يكون ساحة مفتوحة للشهادة وللمطالبة بلجان تحقيق خارجية، فلا القضاء معترف به ولا التقارير الطبية تسجل أسباب الوفاة الحقيقية، ولا شيء معترف به.

هي فقط تعترف بنفسها وبأتباعها وكل شيء بعد ذلك في موقع الانكار والمعالجة سهلة بالايغال في المزيد من الوهم والكذب، والباب مفتوح دائما أمام الدعوة إلى الخارج لكي يتدخل في التحقيق حتى في الوفيات الطبيعية، والسبب انها تبحث عن أي مدخل للاستنجاد المستمر بالخارج و(لزيادة عدد الشهداء) حسب توصيفها.

} لن نناقش ردة الفعل على خطاب جلالة الملك يوم الأحد الماضي، فالرد كان جاهزا برفض التعديلات الدستورية، سبقها بأيام خطاب منها ومن الجمعيات «الذيلية» الى الأمين العام للأمم المتحدة ومن دون حياء وباسم (غالبية الشعب بجميع مكوناته السياسية والاجتماعية والمذهبية) - وبين القوسين كما ورد في نص البيان - لتصور أن البحرين تعيش في جحيم من تدهور الحقوق والانتهاكات الخطرة وبما يفيد عدم تطبيق توصيات تقرير بسيوني، ولتطالب (باجبار) السلطة على الحوار على أساس ما سمته (وثيقة المنامة) ولتعيد اسطوانة الحكومة المنتخبة وتنظيراتها حول الإصلاح والديمقراطية والعدالة ...الخ، ولتضع نقاطها أو شروطها أمام الأمين العام للأمم المتحدة ليتدخل بفرضها على البحرين، بينها (فتح مكتب دائم للأمم المتحدة وأن ينتدب عدد من ممثلي المفوضية العليا لحقوق الإنسان، يتولى المهام الحمائية والرقابية والمساعدة الفنية) وبين القوسين من نص البيان الذي قال في فقرة أخرى (إن الأوضاع الحقوقية في مملكة البحرين آخذة في التدهور المستمر، وما لم تشعر السلطة بضغط دولي حقيقي ومطالب واضحة وفقا لجدول زمني محدد، فان الحالة الأمنية مرشحة للتأزم وهو ما لا يرضي محبا للبحرين) انتهى بيانهم، ولا نعرف هنا هل هو تهديد مبطن حول الحالة الأمنية المرشحة إلى التأزم، على خلفية تصعيد العنف والتخريب في الشارع وضد رجال الأمن بل المدنيين أم ماذا؟ وليستنجد البيان مجددا بالمجتمع الدولي ومسؤوليته بعد قلب كل الحقائق التي يعرفها المواطن البحريني المخالف لهذه الجمعية واتباعها، ليطلق البيان النداء الدراماتيكي الأخير (اننا نتطلع لتدخلكم الفوري والعاجل وتوفير الحماية الدولية).

ولعل هذا البيان مجرد نموذج لأسلوب يتم ترويجه منذ فبراير الماضي في المحافل الخارجية باسم غالبية الشعب البحريني، اختطافا لصوت هذا الشعب وصوت مكوناته طلبا من دون خجل وحياء (للحماية الدولية والتدخل الاجنبي أو الخارجي)، الذي لم تفوت هذه الجمعية وأذنابها وأبواق الانقلاب في الخارج أي فرصة للمطالبة بهما، بعد ان افلست أوراق الداخل.

} والسؤال: هل من تحريض على التدخل الخارجي أكثر من هذا؟

وهل من تصوير زائف لما يحدث في البحرين أكثر من هذا؟

أين إذاً الميثاق واين الدستور واين القانون؟

قلناها سابقا وقالها غيرنا: الشعب حدد موقفه من هذه الجمعيات والابواق اللاوطنية، وقد سئم كل الحماقات والجرائم التي ارتكبتها في حقه كشعب.

متى تحدد الدولة موقفها وتدرك انها لا تتعامل مع جهة وطنية تريد حماية الوطن، أو تنشد حقيقة الإصلاح والديمقراطية، وانما هي - كدولة - تتعامل مع جهة تثبت كل يوم انها مستعدة لحرق هذا الوطن ورهنه للحماية الأجنبية، لتجلس وحدها بعد ذلك على تلة الرماد الأسود؟

والغريب ان الخارج الذي تراهن عليه هذه الفئة الانقلابية هو ذات الخارج الذي تراهن عليه الدولة فماذا نفعل؟ وما العمل؟



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة