الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٨ - الخميس ٢ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


تحذير للجنة الأولمبية البريطانية





«الرياضيون في خطر»، هكذا صرح بكل شفافية ووضوح أحد العلماء البريطانيين البارزين، والمتحدث الرسمي باسم جمعية الرئة البريطانية )noitaicossA gnuL hsitirB( في ١٦ يناير .٢٠١٢

فقد أكدت هذه الجمعية الطبية المتخصصة أن الوضع الحالي المتدهور لنوعية الهواء الجوي في لندن لو استمر حتى افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في أغسطس ٢٠١٢ فإنه حتماً سينعكس سلباً على صحة اللاعبين، ويسبب لهم آلاماً في الصدر والتهابات في الجهاز التنفسي، وبالتالي سيؤثر في قُدراتهم وأدائهم أثناء المسابقات الرياضية ويمنعهم من تحقيق انجازات تاريخية تتمثل في تحطيم الأرقام الرياضية الأولمبية السابقة.

وهذه المردودات الصحية الخطرة ستظهر بشكلٍ مشهود وملموس على أداء المتسابقين في أنواع الرياضات التي تحتاج إلى نفسٍ عميق ومتواصل ولفترة زمنية طويلة، كالعدائين في سباقات الجري للمسافات الطويلة التي تُجرى عادة خارج الملعب الأولمبي وفي الشوارع العامة للمدينة، أو الرياضيين في سباقات الدراجات.

والجدير بالذكر أن هذا التحذير الصريح ليس هو الأول من نوعه، فقد جاءت تحذيرات سابقة من رجال السياسة البريطانيين في مجلس العموم، ونُشر العديد من الدراسات والتقارير العلمية التي تشخص الوضع السيئ لنوعية الهواء في لندن مقارنة بالمدن الأوروبية الأخرى.

كما جاءت تحذيرات قوية وشديدة اللهجة من الاتحاد الأوروبي، وتمثلت في فرض غرامة مالية قدرها ٣٠٠ مليون جنيه، أي قرابة ١٨٦ مليون دينار، لارتفاع تركيز الجسيمات الدقيقة التي قطرها أقل من ١٠ ميكرونات في الهواء، علماً بأن المواصفات الأوروبية للمعدل السنوي لتركيز الجسيمات الدقيقة في الهواء الجوي هي ٤٠ ميكروجراماً للمتر المكعب، ولندن تجاوزت هذه الحدود والمعايير مراتٍ كثيرة ولعدة سنوات متتالية.

وهذه الحالة التي تعانيها لندن قبيل افتتاح الألعاب الأولمبية ليست جديدة في تاريخنا المعاصر، فقد مرَّت بها دول أخرى من قبل استضافت هذه الدورة الرياضية، مثل مدينة لوس انجلوس الأمريكية عام ١٩٨٤، ومدينة بكين الصينية عام .٢٠٠٨

أما مدينة لوس أنجلوس فهي تعاني منذ الأربعينات من القرن المنصرم وحتى الآن ظهور سحب صفراء بنية اللون يُطلق عليها الضباب الضوئي الكيميائي، وهذه السحب عندما تنكشف في السماء، تُنذر وسائل الإعلام المواطنين كافة، وبخاصة الأطفال وكبار السن والذين يعانون مشكلات في الجهاز التنفسي والقلب، من الخروج من منازلهم، وتنبه الناس من ممارسة أي نشاط خارجي، فهذه السحب تحتوي على مجموعة خطرة من السموم التي تؤثر في الصحة، وعادة ما تظهر عندما تزيد نسبة الملوثات في الهواء الجوي وتكون الظروف المناخية مناسبة فتؤدي إلى تراكم هذه الملوثات وتمنع انتشارها وتخفيفها في الهواء الجوي.

ولذلك كان لابد من مواجهة هذا التحدي البيئي لإنجاح الألعاب الأولمبية وطرح الحلول المستدامة للتخلص من هذه السموم في الهواء، وتمثل ذلك في تبني عدة حلول منها زرع مليون شجرة في منطقة القرية الأولمبية لامتصاص وترشيح الملوثات من الهواء الجوي قبل أن يتعرض لها الرياضي أثناء السباق.

ومدينة بكين أيضاً كانت تعيش تحت وطأة الظاهرة نفسها، فجاء الحل في منع مصادر تلوث الهواء الجوي، وبخاصة السيارات والمصانع، حيث اتخذت الصين إجراءات صارمة لخفض نسبة الملوثات في الهواء، تمثلت في منع مليون سيارة من الحركة أثناء الألعاب الأولمبية، كما أغلقت بعض المصانع الملوثة للهواء الجوي.

والآن يأتي دور لندن لمواجهة تلوث الهواء ومكافحة هذه الظاهرة البيئية الصحية السامة، وعليها أن تتخذ فوراً خطوات فاعلة وجذرية لخفض تركيز الملوثات التي ضربت أطنابها في أعماق بيئة لندن منذ بدء الثورة الصناعية الأولى، وإذا لم تقم بتنفيذ إجراءات حاسمة لتحسين نوعية الهواء، وتوفير جوٍ صحي للمتسابقين، فإن هذه الدورة للألعاب الأولمبية لن يكتب لها النجاح، وستضيع هباءً في صفحات التاريخ الرياضي.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة