الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٦٩ - الجمعة ٣ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


عظمة في البلعوم





«ما درجة الحرارة اليوم؟ وكم عدد القتلى السوريين؟» هذا - للأسف - ما آلت إليه الأوضاع حتى أصبحنا نسأل عن عدد الشهداء كل يوم وبشكل روتيني وكأننا نتكلم عن حالة الطقس، وليس عن أرواح بريئة تزهق يوميا بشكل وحشي. اليوم أصبح الوضع السوري بالنسبة إلينا كأفلام الرعب التي لا يمكننا سوى أن نتفرج عليها أو أن نصرف أنظارنا عن ما يعرض على شاشات التلفاز حتى لا نرى تلك الوحشية التي يتم ارتكابها في حق هذا الشعب الأبي. الأمر المخزي أن من يملكون القدرة على اتخاذ القرار الحازم حيال هذا الأمر اكتفوا بالتفرج على هذا النظام وهو يقضي على آلاف الأرواح ومئات الأطفال الأبرياء، مكتفين بإصدار تلك البيانات الهزيلة التي «تدين» قتل الأبرياء السوريين والتي تبعتها المهلة تلو الأخرى التي استغلها هذا النظام ابشع استغلال في قمع وقتل المزيد من الأبرياء. لكنهم أخيرا «تلحلحوا» واجتمعوا بمجلس الأمن الدولي لحل أزمة الشعب السوري، التي نتمنى أن ينتج عنه موقفا صارما وتحركا فعليا هذه المرة. ومن ناحية روسيا والصين نجد أنهما مازالتا - ومن انضم إلى صفهم مؤخرا - على موقفهما من رفض تنحي الرئيس السوري.

روسيا تتعذر بأن سبب دعمها للنظام هو خوفها من التدخل الخارجي في سوريا - كما حدث في ليبيا - إن تمت تنحية الرئيس بشار الأسد عن الكرسي، وهذا عذر واه تستخدمه روسيا كغطاء لدافعها الحقيقي وراء دعمها للرئيس السوري. سبب تشبث روسيا بقرارها هو خوفها من خسارة نافذتها إلى البحر الأبيض المتوسط إذا سقط هذا النظام، حيث تملك روسيا قاعدة لمركز الدعم المادي التقني للاسطول البحري السوفييتي في مدينة طرطوس والتي تعتبر أهم ميناء في سوريا. كما تخشى روسيا أن تخسر سوريا كموّرد مهم لأسلحتها (لدرجة أن الديون تراكمت على سوريا وصولا إلى مليارات الدولارات بسبب توريدها للأسلحة الروسية). والأدهى والأمر، أن روسيا مازالت تمد هذا النظام بالأسلحة التي يستخدمها لقتل الأبرياء السوريين بدم بارد! وقال سيرغي ماركوف، النائب الروسي السابق في حزب روسيا المتحدة، لإذاعة (ا بي سي) الاسترالية أن عملية بيع السلاح الروسي لسوريا شرعية لأن النظام يستخدمها في قتال المتظاهرين وليس المدنيين! وكأن المعارضة ليسوا بشرا لهم حقوق! وكأن النظام لم يقتل أي طفل بهذه الأسلحة! والمضحك أن روسيا وتبيعاتها يدعون المعارضة السورية أن تتعاون وتتحاور مع النظام السوري حتى تحل الأزمة! أي حوار يتكلمون عنه؟ أي حوار سيحصل بعد أن سقط من سقط من الشهداء، وقتل من قتل من الأطفال؟ أي حوار يحدث بعد حالات الإختطاف والهجوم على منازل الأبرياء وتدميرها؟ ما اقترفه النظام السوري في حق المواطنين أمر تعدى طاولة الحوار بكثير. روسيا تدعي بأنها تريد مصلحة سوريا وبأنها تريد أن تتحقق الديمقراطية بداخلها، ولكنها في واقع الأمر ليست فقط عقبة في طريق تحقيق الديمقراطية في سوريا، بل هي شريكة في قتل المدنيين السوريين كما وصفها د. مرهف جويجاتي، أستاذ في قسم العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن.

مخطئ من يعتقد أنه بدعمه لهذا النظام (وبكونه عظمة في بلعوم تحقيق الديمقراطية السورية) وبتزويده بالأسلحة التي تستخدم في قمع الشعب، سيتمكن من إخماد أصوات الشعب السوري. الشعب السوري الحر قد اتخذ قراره وهو على دراية بالثمن الذي سيدفعه، الثمن الذي وصل إلى أكثر من ستة آلاف شهيد وفي تزايد. مخطئ من يظن أن الشعب سييأس وسيستسلم، فبعد كل هذه المجازر ليس للشعب ما يخسره، فهو بإذن الله صامد حتى يأتي النصر. وكما قال د. محي الدين اللاذقي الكاتب والمفكر السوري في برنامج الإتجاه المعاكس يوم الثلاثاء (الذي انتهي بعراك الأيدي) على قناة الجزيرة: «جميع الثورات تبدأ بحلم، وحلم الشعب السوري أن يرحل الرئيس بأسرع وقت ممكن!» ونحن بدورنا لا يسعنا إلا أن نقدم الدعم المعنوي وأقوى سلاح نملكه لإخواننا في سوريا وهو: الدعاء. علينا أن لا ننسى إخواننا في سوريا من دعائنا في كل صلاة، علينا أن ندعو لهم بالثبات، وبالصبر وبالنصر القريب بإذن الله.

رحاب العباسي



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة