للثلثاء.. وكل يوم
وحدة النقد الخليجي قادمة
 تاريخ النشر : الثلاثاء ٧ فبراير ٢٠١٢
بقلم: أحمد العبيدلي
جهود العملة الخليجية الموحدة قائمة، وتسير أربع دول موافقة عليها بموجب جدول زمني نحو التنفيذ، بحسب أكثر المعلومات توافراً. فبعد قرارات بالسعي لإيجادها اكتشف قائمون بالأمر ترتيبات ينبغي إنجازها ومؤسسات يجب إنشاؤها لتكون الطريق سالكة: كمؤسسة نقد موحدة أو مصرف مركزي مشترك لكي تتشكل جهة موحدة لإصدار عملة واحدة ولتشكيل إطار يدير السوق ويضبطه.
وبعد اكتشاف أي عائق يتم تعديل خريطة طريق التوحيد النقدي. ووسط ذلك دخلت اليونان وأزمتها على خط الإعداد للتوحيد. وحيث إن مسألة وجود عملة أوروبية موحدة كان احد عوامل تعقيد التدهور اليوناني، فقد رغب الخليجيون في الاطلاع على أسباب الحالة اليونانية وما وصلت إليه التجربة الأوروبية وما صادفها من نجاح أو فشل.
ولكن التجربة الأوروبية لا تتطابق بالكامل والحالة الخليجية. فتاريخ الأوروبيين أكثر تعقيداً، وصراعاتهم أشد، ووحدتهم تتطلب الكثير من التأني والتريث. وهذا لا يعني أن طريق الخليجيين سالكة مائة بالمائة، فهكذا ظن عرب كثيرون قادوا تجارب وحدوية انتهت إلى الفشل. ويبقى أن واقع الخليجيين أبسط وأقل تعقيداً من الأوروبيين. فالحدود النقدية كانت صارمة بين العملات الأوروبية السابقة لليورو، واستقلاليتها عن بعضها البعض كانت مطلقة.
وبالمقابل فأربع دول خليجية هي البحرين والسعودية وقطر والإمارات (لن تتبنى العملة الموحدة) يستطيع مواطنوها تبادل عملاتهم واستخدامها في السوق المحلي من دون كثير مشاكل أو خسائر نقدية. وبعملة عمان والكويت (ضمن العملة الموحدة) اختلاف في نسبة الصرف. ولذلك فخطوات ثلاث دول ستكون بمثابة تكريس قانوني وعملي لواقع قائم. وسيكون الإقدام على التوحيد هو انتقال من السهل إلى الأسهل. وستقل تكاليف الصرف على رجال الأعمال وحركة الاستثمار وتسوق المواطنين. وأذكر في هذا الصدد حضوري محاضرة خبير مالي بريطاني استقدم ليتحدث عن مصاعب وأهوال ينبغي التنبه لها حين الإقدام على التوحيد النقدي. وحين أخبرته عن حالة عملة الدول الأربع، قال إذن ليست هناك مشاكل واقعية، وإنما الأمر هو إيجاد الإطار القانوني والعملياتي الذي يسهل لبروز العملة المنتظرة.
ومثل هذه الإجراءات ضرورية. وبالأمس ذكّر الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي عبدالرحيم نقي دول المجلس بتفعيل قرار استخدام البطاقة الذكية الموحدة كدليل هوية للمواطنين بالقطاعين العام والخاص وفي تنقلهم. واضطر إلى التنبيه أن القرار بذلك صدر من قمة التعاون الأخيرة في كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١، مبيناً أن تفعيلها سيسهل التنقل وستمتد استخداماتها لتسهيل معاملات المواطنين وسرعة إنجازها.
ولذلك ستظل هناك ترتيبات عملية وقانونية ينبغي إجراؤها حتى وإن كانت العملات الأربع متداولة في أسواق الدول الأربع. ولكن نتيجتها ستكون إلغاء صعوبة من صعوبات تعترض طريق الأعمال والحركة العادية للناس بين دول المجلس. وفي كل هذه الخطوات خير مهما بدت صغيرة أو بسيطة أو أنها في واقع الأمر قائمة وتفعيلها ضروري عملياً ونفسياً، وهو ما سينعكس على الأعمال والاستثمار والتنقل.
.