من كان على الحق.. فلا يشوه!
 تاريخ النشر : الخميس ١٦ فبراير ٢٠١٢
بقلم: علي فردان محمد
من الواضح أن الطريق إلى حب الله هو امتلاك المرء قلباً سليماً، وهذا الطريق طويل ومملوء بالمنغصات ومحفوف بالمخاطر في الحياة الدنيوية، الذي اُعتبر جهادًا للنفس وهو (الجهاد الأكبر)، وتتوقف ثقافته وسلوكياته على معرفة الواقع وتطهير القلب لدى كل فردٍ من أفراد المجتمع، فالواقع أكثر غيباً من كونه ظاهراً أو شاهداً، فعالم الشهادة والوضوح إذا قيس بعالم الغيب لا يكاد يذكر، فالإنسان الواقعي الوحيد في هذا الوجود هو الذي يدرك هذه الحقيقة فيعطي الدنيا جُلّ ما تستحق، ويقدم للآخرة كل ما يستطيع، فيزهد فيها ولا ينسى أخذ نصيبه منها، وبذلك يرصد كل ما آتاه الله إلى الآخرة ويبذله في مرضاة الله عز وجل والناس فيعمل على إعمار النفس والأهل والمجتمع من أجل حفظ الأوطان من مكر وكيد ما كسبته أيادي المفسدين، فيقاوم ظلمه لنفسه ولمجتمعه ولوطنه، باعتبار ذلك جزءا من واجباته التي أمر بها الحق ذاته، ومن غير تلك الحقيقة فإن الإنسان الغافل المفسد يحاول تشويه العالم الواقعي ويعيش فيه بثقافة الوهم والرجعية والتخلف عن ركب المصلحين.
ومن ناحية أخرى يأتي تطهير القلب، لأن عدم تزكيته وتطهيره من أمراض الحقد والكراهية والحسد وغيرها من الأمراض القلبية يكون سببا رئيسياً للانزلاق والانحدار الأخلاقي سواء كان عند الفرد أو في المجتمع، ومن هنا يتأكد أنه لا يسقط الإنسان في سوء العاقبة فجأة وبلا مقدمات، بل هناك مقدمات كثيرة وعوامل تتفاعل في قلبه ونفسه وسلوكه، حتى يواجه هذا المصير الضائع أو تلك الكارثة التي أحدثها لنفسه أو لأسرته أو لمجتمعه، ومن هذه العوامل وجود وانتشار الأمراض القلبية في سلوك الناس والمجتمع وخاصة في مجالي الفكر في المعتقد، والأخلاق في البيت والشارع، وإن لم يحظ قلب كل فردٍ منا بالرعاية الدائمة منذ طفولته في هذين النهجين (العقيدة والأخلاق)، فمن المؤكد أنه مهدد بسوء العاقبة والضياع لا محالة.. (ثُمَ كَانَ عَاِقبَةَ الذِينَ أَساؤُوا السُوأىَ أن كذبُوا بِآيَاتِ اللهِ وكانُوا بِهَا يَستَهزِءُونَ).
وحينما نحاول أن نستعرض آثار محبة الله بالقلبِ السليم نجد أن ذلك يتجلى في كل الميادين، ومن الواضح أن أهل القرى والمدن في مملكة البحرين لن يعمرهم إلا تنفيذ وإقامة العدل الاجتماعي فيهم وبينهم، وهو لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تم العمل على احتواء المواطن والسعي في بنائه بناء سليماً، يؤمن هو في ذاته بالعدالة في كيانه الفردي والاجتماعي، مما يؤهله لبسط العدل وتحقيقه والعمل به في بيته وقريته ومدينته ووطنه، ولا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا بالرجوع إلى تصحيح مساراتنا إلى مناهج العقيدة والأخلاق، ولكن للأسف الشديد والمؤلم أن رؤوس مكوني المجتمع البحريني العربي يعيشون عكس ذلك، وسيظل الخوف وعدم الثقة ببعضهما البعض يزحف تحت نيران الفساد وسلطة المفسدين ما لم تتصف وتتحلى الأمتان بصفات الفضيلة ومنهجية العدل والاعتدال، ومن منهج العدل والحق الذي لا يقبل التشويه أطرحُ سؤالاً: أين ناموس الأخلاق والمواقف العملية المشرفة عند من تزعموا حِرَاك الشارع ضد وطنهم...؟!.
.