ثــورة الفاتــح
 تاريخ النشر : الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٢
حامد عزت الصياد
بهذه الثورة، استردت البحرين عافيتها، واتجهت للاقتصاد الحر، والسوق المفتوح.
لم يكن هناك مكان للحديث في البحرين عن ثورة، إلا ثورة الفاتح، ولم يكن هناك من شعب اغتنم الفرصة بنجاح، إلا شعب الفاتح، حيث أربك الحسابات الأمريكية، وأسقط المؤامرة الإيرانية، وأفشل مخططات أبنائها إلى غير رجعة، ولم يعد لهم إلا بعض التابعين في ساحة الأمويين في دمشق، والضاحية الجنوبية ببيروت، والمنطقة الخضراء في بغداد، وجماعات تنكفئ على نفسها أقل انتشارا على سواحل الخليج العربي، وربما في بعض المناطق الوعرة من جبال صعدة في اليمن.
لقد اثبت «فاتح البحرين» أنه حركة شعبية مطلبية كأرقى ثورة سلمية عرفتها الثورات العربية على الإطلاق، انطلقت في المنامة بدافع الحب للوطن والخوف عليه، حيث أتاح توازنات في المطالب، وأبقى ضمانات لتحقيقها، لكنه بعد مرور عام كامل اكتسب شرعيته الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية من ٤٥٠ ألف بحريني، وأصبح في هذه المرحلة حركة شعبية مستمرة دون توقف، وقد لاحظ حجم سلطاته فكانت من أكبر منجزاته، إخماد حركات التمرد الطائفي التي شهدتها البحرين من ١٤ فبراير وحتى ١٥ مارس .٢٠١١
بعد انتشار قوات درع الجزيرة التي كانت أحد سببين في فشل المؤامرة الإيرانية وجماعتها في الداخل، ما لبث الفاتح أن وجد طريقه إلى الساحات الرئيسية كسبب أول أسقط حسابات إيران والأمريكان، وبالتالي يحاول إيجاد حل في تخفيض سقف المطالب المتعارضة مع جموع الشعب البحريني، وكان حريصا في بث رسائل اطمئنان لأصدقاء البحرين في الخارج، بأن البحرين لها ثوابت لا تحيد عنها، في التمسك بشرعية الحكم، والدستور، وتطبيق القانون، واحترام حقوق الإنسان في الرأي وحرية التعبير، وهي ثوابت مازالت قائمة منذ سنوات كإحدى وسائل تحقيق الديمقراطية التي أعلنها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى حفظه الله.
وبما أن جماهير الفاتح كانت تواقة إلى ممارسة مزيد من الحريات، عقدت الندوات والمؤتمرات والتجمعات الشعبية، وتحول الفاتح في لمح البصر إلى قوى فاعلة في المجتمع البحريني، وانضوى سياسيا تحت مسمى جمعية «تجمع الوحدة الوطنية»، التي كان أبطالها بلا منازع، الشرفاء الأوفياء من أبناء وبنات هذا الشعب الكريم، وقد اختاروا رجلا كريما يملك كفاءة عالية وقوة مؤثرة في الشارع البحريني، هو فضيلة الشيخ الدكتور عبداللطيف محمود آل محمود حفظه الله، حيث أصبح الرجل أمام العالم «بطل عبور» هذا الفاتح.
كان ذلك مختلفا بالطبع عما كانت عليه الأحوال لدى فئة طائفية خرجت على الحاكم تطلب المستحيل، وتنكر المعروف، ولم تحقق شيئا من تطلعاتها، وتؤذي المقيمين، وتتحرش بشركاء الوطن، وزاد شعورها بالإحباط عندما أدرك الناس حجم المؤامرة وانكشاف الباطل.
لقد استطاع الفاتح أن يعبر بالبحرين من الظلام إلى النور، ومن الكراهية إلى المحبة، ومن دجل القارعين على طبول المظلومية والانعتاق في الماضي، إلى الحرية والعزة والكرامة والانفتاح واستكمال البناء، بعدما كادت طائفة من الخارجين على شرعية الحكم وثوابت الدولة تستقر على خرق قواعد الدستور والقانون، أن تسيطر على البحرين بإشعال الحرائق، أو تخطفها وتجعلها رهينة لمحاصصات طائفية بامتياز.
.