الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩١ - السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٣ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


معارضة تمديد اليوم المدرسي.. معارضة لتحسين التعليم





الغريب في ثقافتنا الاجتماعية الحالية الميل إلى عدم تغير الروتين الذي درج عليه هذا المجتمع سنوات، وقد كنت خلال السنوات الثلاثين الماضية شاهدا على التحولات والتطويرات التربوية التي شهدتها مدارسنا الحكومية، وما من مرة حدث تغير أو تطوير إلا وقام الناس عليه قيامة، أذكر ذلك في نظام التفريع في الثمانينيات ونظام المقررات في التسعينيات وتدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي منذ سنوات قليلة وإدخال اللغة الفرنسية إلى المرحلة الإعدادية مؤخرا، وتوحيد المسارات الأكاديمية وتمديد اليوم المدرسي أخيرا، ففي جميع هذه المحطات كان المجتمع يرفض أي تغيير ويريد أن تبقى الأمور على حالها حتى إن أثبتت الدراسات التي تنجزها وزارة التربية والتعليم أو بيوت الخبرة العالمية ضرورة التغيير والتطوير، فهذا كله أمر لا يبدو انه يعني جزءا كبيرا من أفراد المجتمع.

دفعني إلى هذا الكلام ما سمعته وقرأته خلال الأشهر القليلة الماضية من معارضة غريبة وغير مفهومة حتى غير لائقة لتمديد الزمن المدرسي بنسبة بسيطة في المرحلة الثانوية لزيادة فترة التعلم وتحسينها لصالح الأبناء الطلبة، فقد قامت قيامة من تعودوا الركون إلى تقاليد راسخة والجدول المدرسي القديم لا يريدون له تغييرا بأي شكل من الأشكال حتى إن كان عدم التغير يضر بالطلبة والتعليم حتى إن كان التغيير والتمديد يوفران للطلبة فرصة فضلى للتعلم وفرصة كبرى للحصول على المزيد من المعرفة واكتساب المزيد من المهارات.

النقطة الثانية التي لفتت انتباهي وأراها غريبة ومسيئة إلى تطورنا البحريني الذي يفترض أن يكون حضاريا ومتقبلا لأي تمديد تتمثل في أن جميع المعلومات والدراسات والإحصائيات تؤكد أن طلبتنا في المدارس الحكومية يتلقون ساعات تعلم أقل بكثير من تلك التي يتلقاها الطلبة في المدارس الخاصة وفي الدول المتقدمة، فإذا كانت الإحصائيات قد بينت أن طلبة المدارس الخاصة في البحرين - القسم الثانوي يحصلون على ساعات تعلم تتراوح بين ٩٠٠ و١٤٠٠ ساعة في حين أن طلبتنا في المدارس الحكومية يحصلون على زهاء ٦٣٥ ساعة فقط فهل يعقل أن يستمر مثل هذا الخلل الكبير والمفجع وهل يعقل أن يقف المجتمع وبعض نخبه الواعدة ضد تعديل هذا الوضع؟ هذا الأمر لا أكاد أفهمه أبدا لأن العكس هو الذي يجب أن يكون، فكنت أتوقع مثلا أن يقف المجتمع كاملا بنخبه مع أي تعديل أو إصلاح للتعليم يستفيد منه الأبناء الطلبة، كنت أتوقع أن ينادي أولياء الأمور والنواب إلى زيادة عدد ساعات التعلم في المدارس أسوة بالمدارس الخاصة، من دون اعتبار لمقارنات مع الدول المتقدمة أو مع الدول العربية التي يزيد فيها وقت التعلم بكثير على ما هو موجود عندنا.

فمن واقع الحياة المشاهدة التي نعرفها عن كثب فإن طلبة المدارس الحكومية لا يمتلكون اليوم في جزء كبير منهم الاستعدادات الكافية لمواجهة متطلبات سوق العمل التي ينافسون فيها كفاءات وقدرات تفوقهم كفاءة ومعرفة ولذلك من هنا نصت رؤية البحرين ٢٠٣٠ في المحور المخصص للتعليم على ضرورة إعداد الطلبة البحرينيين إعدادا علميا وتربويا وتدريبا متقدما للمنافسة على الوظائف في سوق العمل، ومن هنا يطمح مشروع إصلاح التعليم إلى معالجة هذا الخلل وتزويد كل طالب بحريني بالمهارات اللازمة لينخرط في التعليم العالي بكفاءة أو ليلتحق بسوق العمل بسهولة وليصبح قادرا على انتزاع الوظائف العليا المتميزة.

إن النظرة الموضوعية والاستراتيجية لإصلاح التعليم يجب أن تكون مطابقة للنظر في أي تمديد أو تطوير لمسيرة التعليم، ومن هنا أنظر شخصيا إلى تمديد الزمن المدرسي في المرحلة الثانوية كخطوة ضرورية لتعديل مسيرتنا التعليمية نحو تحقيق الهدف الذي أشرنا إليه من خلال الجمع بين البرنامج اليومي وتحسين نوعية التعليم لتحقيق المزيد من الفرص أمام طلبة المدارس الثانوية.

فإذا كانت الدولة ممثلة في مجلس الوزراء الموقر قد أقرت مثل هذا البرنامج، وإذا كانت الجهات التعليمية المتمثلة في وزارة التربية والتعليم قد أعدت ما ينبغي اعداده لإنجاح هذا المشروع ووفرت ما يساعد على استيعاب هذه الزيادة البسيطة لليوم الدراسي سواء ما يتعلق بالبنية المدرسية أو المواصلات أو غير ذلك من الجوانب، فما هو الضرر إذاً وما هو الإشكال الذي يحاربه بعض الناس اليوم، هؤلاء الذين يقاتلون يوميا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو عن طريق الصحف أو عن طريق النواب لمعارضة هذا المشروع؟ وما هو الهدف من هذه المعارضة الغريبة وغير المفهومة؟



.

نسخة للطباعة

تحية وطنية لرجال الأمن

في لقاء لمعالي وزير الداخلية مع الصحافة المحلية في مطلع هذا الشهر، سألت «أخبار الخليج» الوزير: ما هي رؤيتكم... [المزيد]

الأعداد السابقة