تحية وطنية لرجال الأمن
 تاريخ النشر : السبت ٢٥ فبراير ٢٠١٢
أنور عبدالرحمن
في لقاء لمعالي وزير الداخلية مع الصحافة المحلية في مطلع هذا الشهر، سألت «أخبار الخليج» الوزير: ما هي رؤيتكم لما ستكون عليه الأوضاع في البلاد يوم ١٤ فبراير المقبل في ضوء ما تردده أوساط «الوفاق» وأتباعها عن مفاجآت مذهلة سوف تحدث؟
وقد كان لهذا السؤال أهميته البالغة في ضوء أن كل الناس في هذا الوطن وفي البلدان الخليجية الشقيقة كانوا يتخوفون من احتمالات غير معلومة بشأن امكانية حدوث تصعيد أو تدهور أمني في البحرين.
وبعد الانتهاء من طرح السؤال، نظر وزير الداخلية في وجوه الصحفيين الحاضرين وقال: هل أنتم أيضا تتفقون مع ما طرحته «أخبار الخليج» أم ان لديكم تساؤلات أخرى؟ وفوجئ الحضور بأن جميع الصحفيين قالوا: نعم نحن نسأل السؤال نفسه.
وعندئذ فكر الوزير قليلا ثم قال: دعوني أوضح لكم ما نراه ونتوقعه، فباستطاعتي أن أؤكد لكم: إننا لن نفاجأ مطلقا، بل سترون وستشعرون بأنه سيأتي يوم ١٤ فبراير ويمر بسلام على البلاد.
وبصفتي كنت حاضرا هذا اللقاء، فقد سررت للغاية من طمأنة الوزير لنا على الوضع الأمني، لكن علامات الاستفهام ومشاعر القلق لم تتلاش على الرغم من تأكيدات معالي الوزير.
ولكن للحق والإنصاف فإن علينا الآن أن نقر ونجل، في الوقت ذاته، ما قاله لنا معالي الوزير، لأنه كان على علم ومعرفة تامة بشأن كل الاحتمالات المتوقعة ومدى استعدادات الوزارة ورجال الأمن لمواجهة المتطرفين ودعاة العنف بأعلى درجة من الكفاءة والمهنية الفائقة البعيدة تماما عن استعمال الذخيرة الحية من جانب رجال الأمن، فلم يكن هناك أي استخدام «للطلقات المطاطية أو غير المطاطية» بأي شكل من الأشكال.
إننا ينبغي أن ننوه بهذا النجاح الكبير لقوات الأمن، على الرغم من أن قوى التطرف حاولت استعمال كل وسائل التخريب الممكنة لإشعال الموقف، لكنهم لم يفلحوا مطلقا في الوصول الى غاياتهم الشريرة الرامية الى زعزعة الأمن والاستقرار واشاعة أجواء الفوضى واثارة الرعب والخوف في ربوع المجتمع.
وبالإضافة الى ذلك، يمكن القول إنه حتى الطرق والشوارع التي كانت سابقا مسرحا للفوضى والاضطراب مثل شارع البديع ومنطقة سار وسترة، حيث كانت تشهد تكرارا حرق الإطارات بهدف عرقلة حركة السيارات وتعطيل المرور وعدم السماح للمواطنين والمقيمين بالوصول إلى بيوتهم ومقار أعمالهم، فإن الملاحظ أن مظاهر الشغب فيها اختفت تماما، واستطاعت أجهزة الأمن فرض السيطرة الكاملة على تلك الشوارع.
إن هذا العمل المتقن والأداء النوعي الرفيع هو من دون شك نتاج العمل الشاق والتفاني من قبل رجال الأمن من أجل السهر على راحة المواطنين والمقيمين، فهؤلاء الرجال المخلصون كانوا يخاطرون بحياتهم في سبيل أداء واجبهم تجاه الوطن إيمانا منهم برسالتهم الأمنية النبيلة.
إننا لو قمنا بعمل مسح إحصائي دقيق لحصيلة أحداث الشغب، فإننا سنجد أن عدد رجال الأمن الذين فقدوا حياتهم سواء دوسا بالسيارات أو حرقا بالمولوتوف هو عدد لا يستهان به، الأمر الذي يشكل خسارة فادحة للوطن.
ولكن على الرغم من كل هذه الحقائق المؤلمة والحزينة لفقدان رفاق الواجب، فقد وجدنا روحا وثابة واصرارا كبيرا وعزما أكيدا من قبل رجالات الشرطة على الالتزام بواجبهم وأداء مهامهم، وهو التزام يزداد يوما بعد يوم بل شهرا بعد شهر.
الأمر الذي يدعونا إلى تأكيد حقيقة أن روح الالتزام بأخلاقيات الأداء الشرطي الرفيع في البحرين وصلت إلى أعلى درجات المهنية والكفاءة.
وفي هذا السياق، لا بد من الاشارة الى ملحوظة قيّمة تستحق التنويه والاشادة، ففي ضوء ما قام به رجال الأمن من جهود فائقة لحماية الأمن والاستقرار في البلاد في الأيام الماضية، فإن الكثير من الخبراء ورجال المال والأعمال أعادوا النظر تماما في رؤيتهم وتقييمهم لحالة الحركة الاقتصادية في البحرين باتجاه الإعراب عن عودة الثقة الكاملة في مستقبل الاقتصاد البحريني.
ولعل هذا ما لمسته شخصيا من خلال الالتقاء بعدد كبير من الخبراء والمثقفين والجنرالات والمستشارين الذين زاروا البحرين مؤخرا وشاركوا في ندوة «العلاقات البحرينية ــ البريطانية»، إذ أكدوا لي من خلال الأحاديث المتبادلة والتصريحات العلنية أن نظرة الدول الكبرى قد تغيرت تماما بشأن قراءة حقيقة الموقف في البحرين.
وهنا نشير بصفة خاصة إلى تصريحات رجال السياسة والمال والأعمال والجنرالات في بريطانيا بشأن الأوضاع في البحرين في الأيام الماضية، مما يؤكد نجاح البحرين حكومة وشعبا في شرح وإيضاح قضية البحرين العادلة أمام الرأي العام العالمي.
فقد باتت النظرة السائدة حاليا ان هذه الدولة الصغيرة في قلب الخليج العربي تؤمن بحقوق الإنسان وبالتطور الديمقراطي الذي يواصل تقدمه بخطوات متدرجة ومتصاعدة إلى الأمام بما يتناسب ومعطيات الواقع البحريني وتأثير الأعراف والتقاليد والمؤثرات الثقافية الأخرى السائدة في المجتمع.
ولمعلومات القارئ فقد شارك في هذا المنتدى الفكري عن العلاقات البحرينية ــ البريطانية ممثلون من بريطانيا وأمريكا وروسيا واليابان والصين والدول الأوروبية، وأيضا ممثلون للمعارضة الايرانية وكلهم خرجوا بانطباعات وأفكار مغايرة لما تبثه وسائل الإعلام المغرضة والمشبوهة عن الأوضاع في البحرين.
وختاما لا يسعنا إلا أن نزجي تحية وطنية صادقة من منبر الصحافة الوطنية وقرائها إلى رجالات الأمن الشجعان في بلادنا.
.