الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٤ - الثلاثاء ٢٨ فبراير ٢٠١٢ م، الموافق ٦ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


كيف نجعل المدن مقاومة للفيضانات ؟





بعد مرور أقل من عام على اختيار بانكوك «نموذجا يحتذى به بين المدن» من قبل الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة كجزء من حملة الأمم المتحدة للفترة بين ٢٠١٠ و٢٠١٥ الهادفة «لجعل المدن أكثر مقاومة»، شهدت المنطقة أسوأ فيضانات في تاريخها منذ نصف قرن ليصبح تميزها على المحك.

وفي هذا السياق، سئلت مجموعة من الخبراء عم تستطيع ٣ آلاف مدينة منخفضة الارتفاع مثل بانكوك - وبعض جيرانها في الدلتا - القيام به لتحسين قدرتها على التكيف مع الفيضانات؟.

تحديد الأولويات

قال أدري فيروي، وهو خبير في فيضانات المناطق الحضرية في مؤسسة دلتاريس، وهي عبارة عن مجموعة أبحاث متخصصة في إدارة المياه في هولندا، إن الخطوة الأولى تتمثل في إعداد خطة رئيسية تضم رؤى تطوير المدينة وتحدد الأولويات ومواطن الضعف. وأضاف أن «المدن تحتاج إلى تحديد مستويات الأمان التي تنشدها، والمناطق التي تحتاج إلى حماية أكثر من غيرها».

ففي هولندا، حيث تقع ٢٦% من الأراضي تحت مستوى سطح البحر، تم تصميم المدن ذات الكثافة السكانية والاقتصادية العالية بطرائق تؤهلها للصمود أمام فيضان قد يحدث مرة واحدة كل ١٠ آلاف سنة، بينما في المناطق الداخلية، صممت البلدات الريفية ذات الكثافة السكانية المنخفضة بطرائق تؤهلها للصمود أمام فيضان قد يحدث مرة واحدة كل ١٢٥٠ سنة.

العثور على

أراضٍ أكثر ارتفاعاً

من جهته، أكد أنيس الرحمن، وهو اختصاصي تخطيط استخدام الأراضي في المركز الآسيوي للوقاية من الكوارث الواقع في بانكوك، أن التنمية غير المتوازنة تشكل أضعف نقطة في التخطيط الحضري في العديد من البلدان الآسيوية، ولكن الوضع في تايلند يعتبر أكثر سوءاً حيث تم تركيز مجمل الاهتمام في الأنشطة التجارية ورأس المال السياسي. وشدد أنيس الرحمن على أن «التخطيط الأفضل يتمثل في تنمية البلاد ككل وإيلاء المزيد من الاهتمام للمدن الأخرى، بحيث تتمكن من المساعدة على تحمل الضغط، وخصوصاً في حالة وقوع كارثة مثل هذه».

وأضاف أنه بدلاً من السماح بإنشاء شركات جديدة في بانكوك وحولها، ينبغي تحويل الاستثمارات المستقبلية إلى المناطق الأقل نموا في الأراضي الأكثر ارتفاعا.

وقد تقدم نواب من الحزب الحاكم في تايلند باقتراح برلماني لنقل العاصمة إلى مقاطعة ناخون نايوك، وهي منطقة أكثر ارتفاعاً.

إدارة الموارد المائية

أما بالنسبة إلى تاكيا كيميو، وهو مستشار رفيع المستوى في مكتب الوكالة اليابانية للتعاون الدولي «جايكا» في بانكوك، فإن كلمتي «التخزين والتحويل» تلخصان جميع استراتيجيات السيطرة على الفيضانات. وتعني كلمة «التخزين» بناء المزيد من الخزانات والبرك لحجز المياه عند المنبع. أما كلمة «التحويل»، فتعني تطوير قنوات كافية في منتصف الطريق وعند المصب لنقل الفائض إلى البحر.

من جهته، أفاد نات مارجانغ، وهو محاضر في هندسة الموارد المائية بجامعة كاسيتسارت بمدينة بانكوك، أنه فيما يتعلق بالمدن التي تغرق ببطء وتعاني ارتفاع مستويات البحار، يتعين على الحكومات تنظيم الموارد المائية. وأضاف أنه «قبل تطبيق القانون الذي ينظم استخراج المياه الجوفية في تايلند، قام العديد من المصانع بحفر آبار خاصة بها لاستخراج المياه للاستخدام الصناعي، وهذا هو أحد العوامل المهمة التي تسهم في هبوط مستوى الأرض».

ووفقاً لإدارة العاصمة التايلندية، تغرق بانكوك بمعدل ٣٠ مليمترا سنويا.

دور القطاع الخاص

أما جيري فيلاسكيز، كبير المنسقين الإقليميين للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث في آسيا والمحيط الهادئ، فإنه يرى أنه على القطاع الخاص أن يشارك بصورة مباشرة في إدارة الفيضانات.

وعلق على ذلك بقوله «ما نحتاج إليه من القطاع الخاص ليس فقط المسؤولية الاجتماعية للشركات والمال، ولكن أيضاً مشاركته النشطة التي قد تكون بسيطة مثل بناء سد حول مصانعه، واختيار المواقع المناسبة لبناء المصانع، وإعداد خطط لمواجهة الكوارث الطارئة».

وكان اتحاد الصناعات التايلندية قد قدر الخسائر الناجمة عن الفيضانات في المناطق الصناعية السبع الأكثر تضرراً بنحو ١٣ مليار دولار، ويشمل ذلك ٨٩١ مصنعاً و٤٦٠ الف عامل، وفقاً لوسائل الاعلام المحلية.

إعادة تقييم نظام

مكافحة الفيضانات

على الرغم من وجود شبكة واسعة من البنية التحتية لوسائل السيطرة على الفيضانات في بانكوك، فإن الخبراء يؤكدون أنها فشلت إلى حد كبير في مواكبة التوسع العمراني والتنموي السريع بالمدينة.

ففي الفترة بين ١٩٨٥ و٢٠١٠، زاد عدد السكان المقيمين في المناطق الحضرية في تايلند بنسبة تتراوح بين ٢٦,٨ و٣٤%، وذلك يعني انضمام ١٠,٥ ملايين نسمة من السكان الجدد إلى سكان المدن، وفقاً لأحدث توقعات الأمم المتحدة حول التوسع الحضري في العالم.

وأضاف فيروي أن البلدان المعرضة للفيضانات بحاجة إلى أن تكون أكثر استعداداً مما هي عليه الآن، معلقاً على ذلك بقوله «لقد أعجبت بسرعة وضع أكياس الرمل وتوزيع الغذاء والماء في تايلند، ولكن أكياس الرمل لا تستطيع دائما أن تحل المشاكل، لقد كان عدم استعداد الناس لمواجهة الفيضان صادما، كأن ظاهرة الفيضانات منسية تماماً في تايلند».

وقد زادت مخاطر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيضانات في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأكثر من ١٦٠% منذ ثمانينيات القرن الماضي، أي بنسبة تفوق النمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث. وحسب تقرير حديث للبنك الدولي، يقع تسع من أكبر ١٠ مدن ساحلية معرضة للفيضانات حتى عام ٢٠٧٠ في قارة آسيا، بما في ذلك بانكوك.

كما تقع أكثر من نصف مدن العالم النامي الأكثر عرضة للفيضانات في قارة آسيا، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة