الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٣٩٨ - السبت ٣ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

مخاوف في أوروبا وبداية انفراج في أمريكا
تقرير لجلوبل يتتبع مسار مؤشرات الاقتصاد العالمي





بلغت المخاوف من احتمال انزلاق الاقتصاد العالمي إلى السيناريو المخيف - ركود عميق أو كساد - أعلى مستوياتها في شهر نوفمبر وبدايات ديسمبر ٢٠١١، وبدأ مسلسل الانحسار في شهري يناير وفبراير ٢٠١٢، ولا تزال مرتفعة.

وجاء الانحسار من الشعور بجدية مواجهة أوروبا الوحدة النقدية لمشكلاتها، وآخرها تمرير دفعة الدعم الثانية لليونان، وكانت القسوة البالغة، في التعامل مع أزمة اليونان، رسالة واضحة فهمها ثالث ورابع - إيطاليا وإسبانيا- اقتصادات منطقة اليورو، وقاما بما يفترض أن يقوما به من إجراءات تقشف وإصلاحات جوهرية، بعضها سياسي.

وعلى الضفة الأخرى من المحيط، بدأ الاقتصاد الأمريكي يعطي بعض المؤشرات الإيجابية، وأهمها على الإطلاق كان هبوط معدل البطالة إلى مستوى ٨.٣% بعد أن كان قد بلغ حدود الـ ١٠% في وقت ما بعد خريف عام ٢٠٠٨.

وكان صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي، في عام ٢٠١٢، من ٤% في تقرير سبتمبر ٢٠١١، إلى ٣.٣% في تقرير يناير ٢٠١٢، وخفض توقعاته لنمو منطقة اليورو، للعام الجاري، من موجب ١.١% في تقرير سبتمبر ٢٠١١ إلى سالب -٠.٥% في تقرير يناير ٢٠١٢. وجاء الأثر السالب، معظمه، من تخفيض توقعاته لكل من الاقتصاد الإيطالي، المتوقع له نمواً سالباً بنحو -٢.٢%، والأسباني بنمو سالب بنحو -١.٧%، وفي اسبانيا بلغ معدل البطالة نحو ٢٣%. بينما حافظ الاقتصاد الأمريكي على نموه الموجب عند ١.٨% في تقرير سبتمبر ٢٠١١ وتقرير يناير ٢٠١٢، وذلك يعني أنه غير مهدد بدخول حقبة ركود، وهو مؤشر مهم من الناحية النفسية، حتى وإن كان مستوى النمو غير واعد بخلق ما يكفي من فرص عمل جديدة.

وخفض تقرير يناير ٢٠١٢ للصندوق، أيضاً، توقعاته لنمو الاقتصادات الناشئة والنامية بنحو ٠.٧% ما بين التقريرين، وخفضه للصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم بنحو ٠.٨%، ولكنه أبقاه فوق المستوى الحرج بالنسبة لها، إذ كان بحدود ٨.٢%، أي أعلى، قليلاً، من المستوى الحرج البالغ ٨%. بينما أبقى توقعاته لنمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط، ثابتاً، ما بين التقريرين وبحدود ٣.٢%، ولعل التفسير يكمن في تعادل تأثير المؤشرات السلبية والإيجابية، فبينما تتأثر بعض اقتصاداته، ضمن المنطقة، سلباً، بحالة الاقتصاد العالمي وأحداث الربيع العربي، تؤثر الأخرى إيجاباً، بفضل تماسك أسعار النفط فوق حاجز الـ ١٠٠ دولار أمريكي للبرميل.

وأهم الدروس التي يمكن الإفادة منها يأتي من التجربة الأوروبية، فما يبدو، حالياً، من قسوة مفرطة تجاه اليونان، هي رسالة حضارية من دول الشمال الملتزمة، إلى دول الجنوب المفرطة في رخاوة الالتزام. فعندما أصبحت دول الجنوب عضواً في منطقة اليورو، انخفضت كُلفة اقتراضها باليورو كثيراً، وبدلاً من استخدام حصيلة الاقتراض في البناء، أفرطت في الاستهلاك، وكذبت في مؤشرات الالتزام، مثل سقف الالتزام بنسبة القروض السيادية إلى الناتج المحلي الإجمالي، أو نسبة العجز في موازناتها المالية.

وما تقوم به، حالياً، من خفض رواتب القطاع العام وتسريح بعضها وبيع أصوله ورفع سن التقاعد وخفض النفقات الضرورية بما تسببه من ارتفاع معدلات البطالة والاستجداء، كلها كانت محرمات وأصبحت ممارسة يومية في دول الأزمة، التي فقدت خياراتها، كلها.

وما تنصح به التقارير الجادة، كلها، هو أن بلوغ هذه المرحلة، في الكويت، حتمي، إن استمرت السياسات المالية المنفلتة، والاختلاف هو حول الوقت، وحينها لن تكون هناك دول شمال تفتح باب أمل، وإن كان مؤديا، إلى الخروج من الأزمة.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة