الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٠٥ - السبت ١٠ مارس ٢٠١٢ م، الموافق ١٧ ربيع الثاني ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)


هل يستعد المارينز الأمريكان لمغادرة أوكيناوا؟





طوكيو - من: أورينت برس

بينما تحول الولايات المتحدة محور اهتمامها الأمني باتجاه آسيا والمحيط الهادئ من خلال توسيع وجودها العسكري في أستراليا والفلبين وفيتنام، يرى بعض المحللين العسكريين انه ربما يكون الوقت قد حان لمغادرة سلاح مشاة البحرية الامريكية قاعدة أوكيناوا في اليابان.

فمع تزايد المخاوف الامنية في المنطقة، وعلى الأخص نظرا لقدرات الصين وتعزيزاتها العسكرية الاخيرة، من المرجح ان يتم تهميش وجود مشاة البحرية الامريكية في الجزيرة اليابانية وهو امر كان ينتظره سكان الجزيرة منذ وقت طويل.

«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:

صدقت اليابان والولايات المتحدة اخيراً على اتفاق لنقل نحو ٤٧٠٠ جندي من مشاة البحرية من قاعدة اوكيناوا الى قواعد امريكية في المحيط الهادئ وجزيرة جوام، في حين تمكست الدولتان بالخطة التي قوبلت بمعارضة شديدة وتقضي بنقل المحطة الجوية الامريكية من فوتينما إلى قاعدة بحرية جديدة سيتم بناؤها في المناطق الساحلية قبالة معسكر شواب، وهي قاعدة بحرية اخرى في مدينة ناجو، شمال أوكيناوا.

تغيير المسار

ويشكل نقل الجنود المشاة إلى جوام خروجا عن اتفاق سابق تم توقيعه بين البلدين عام ٢٠٠٦ حول إعادة انتشار القوات الامريكية في اليابان. حتى وقت قريب، كانت الولايات المتحدة قد ادعت أن عملية نقل ٨ آلاف جندي من مشاة البحرية من قاعدة اوكيناوا إلى جوام، والانتهاء من بناء قاعدة هينوكو الجوية في ناجو كانت بمثابة صفقة شاملة، اي واحدة مقابل الاخرى. وقد طالبت واشنطن اليابانيين أيضا بإظهار «تقدم ملموس» في بناء مهبط جديد لطائرات الهليكوبتر كشرط أساسي لنقل مشاة البحرية إلى جوام. لكن اليوم يبدو انها لن تنتظر طوكيو وستقوم بالحد من وجودها في اوكيناوا من تلقاء نفسها. وبحسب بيان مشترك بين وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الخارجية اليابانية «فالولايات المتحدة أجرت مراجعة استراتيجية لوضع دفاعها ووجودها في آسيا.. واليابان ترحب بهذه المبادرة».

فلماذا تغير الولايات المتحدة من مسارها من خلال فك الارتباط بين نقل مشاة البحرية الى جوام وقضية نقل قاعدة فوتينما الشائكة؟

الضرورات والمحظورات

على الارجح ان الضرورات تبيح المحظورات. في المقام الأول، يبدو ان وزارة الدفاع الامريكية قد فقدت صبرها في انتظار انجلاء الأزمة السياسية الناجمة عن معارضة سكان أوكيناوا لبناء القاعدة الجوية الجديدة في ناجو. على الرغم من أن حكومة طوكيو تدعم الخطة، فإن سكان أوكيناوا يعارضونها بشدة منذ اقتراحها.

ولطالما اكد حاكم اوكيناوا ان تنفيذ خطة نقل قاعدة فوتينما بدون موافقة السلطات سيكون مستحيلاً، وسيكون نقل الآلاف من مشاة البحرية إلى جوام من دون إحراز تقدم بشأن نقل قاعدة فوتينما بمثابة جزء من استراتيجية الولايات المتحدة المستمرة في مواجهة الحشد العسكري الصيني، وخاصة قوات الصين البحرية المتنامية غربي المحيط الهادئ.

تراقب وزارة الدفاع الامريكية الاستراتيجية العسكرية الصينية عن كثب، هذه الاستراتيجية التي تتضمن اعاقة حركة السفن الامريكية في المحيط الهادئ، فمن خلال إنشائها خطين من الدفاعات الساحلية في المنطقة، يعتقد محللون عسكريون ان بكين تهدف إلى إلغاء قدرات حاملات الطائرات الامريكية والدفاعات الجوية داخل المنطقة وتحجيمها قدر الامكان.

عقيدة المعركة

ويبدو ان عقيدة «المعركة الجوية البحرية» التي تتحضر لها واشنطن تستمد جذورها من عقيدة «المعركة البرية الجوية» الامريكية التي طبقت في حقبة الحرب الباردة عندما كانت الولايات المتحدة تتحضر لغزو سوفيتي محتمل.

اليوم، تهدف عقيدة «المعركة الجوية البحرية» الجديدة الى مكافحة قوة الصين العسكرية المتنامية، وهي لا تتناسب مع وجود مستويات عالية من القوات الامريكية في أوكيناوا، اذ ان الأخيرة لا يمكن نقلها بسرعة وسيكون استهدافها سهلا من قبل الصين بواسطة الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى.

لذلك فإن استراتيجية المعركة الجديدة لقوات وزارة الدفاع تجبر واشنطن على نقل القوات الامريكية الى مناطق خارج نطاق استهداف صواريخ الصين. وبحسب المحللين العسكريين فإنه «من الافضل لمشاة البحرية الامريكية الحفاظ على مسافة آمنة من الصين، وبالتالي الابتعاد عن اليابان». وهناك من يتوقع أن الولايات المتحدة ستسعى لتحصين جوام كقاعدة عسكرية قوية من الآن فصاعدا.

الى ذلك، ذكرت وسائل الاعلام اليابانية انه بصرف النظر عن نقل ٤٧٠٠ من مشاة البحرية من اوكيناوا الى جوام، فإن وزارة الدفاع الامريكية تدرس أيضا بالتناوب نقل ٣٣٠٠ جندي إلى قواعد امريكية أخرى في المحيط الهادئ مثل هاواي واستراليا والفلبين. وذكرت تقارير انه سيتم نشر ألف جندي في هاواي و٨٠٠ سيتم نقلهم الى البر الامريكي. في هذه الأثناء، تحدثت معلومات اخرى عن نقل ٢٣٠٠ الى داروين في شمال استراليا.

كما أفيد أيضا أن الولايات المتحدة قد جست نبض طوكيو حول نقل نحو ١٥٠٠ من مشاة البحرية الى القاعدة البحرية ايواكوني بمنطقة ياماجوتشي لكن الحكومات المركزية والمحلية اليابانية ترفض هذه الفكرة بشكل قاطع.

كذلك يتردد انه من المحتمل نقل بعض مشاة البحرية الامريكية المتمركزة في أوكيناوا الى كوريا الجنوبية. لكن الناطق باسم البنتاجون ليزلي هال رايد نفى صحة هذه المعلومة وقال انه «لم يكن هناك أي نقاش بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية فيما يخص هذه القضية».

إحصاءات غير دقيقة

حتى اليوم، لا توجد احصاءات دقيقة منشورة حول عديد القوات الامريكية في اوكيناوا، وهو ما يؤجج الرأي العام الياباني. ففي حين تزعم الحكومتان الامريكية واليابانية بوجود ١٨ ألفا من مشاة البحرية في اوكيناوا، تقول حكومة محافظة اوكيناوا ان عدد الجنود وصل الى ١٤٩٥٨ اعتبارا من شهر سبتمبر عام .٢٠٠٩ ويقدر خبراء عسكريون ان العدد انزلق الى ما بين ١٢ و١٤ الف جندي فقط في السنوات المنصرمة الاخيرة بسبب الانتشار الامريكي في العراق وافغانستان.

لكن حكومتي الولايات المتحدة واليابان تقولان ان هناك ١٠ آلاف من مشاة البحرية سيبقون في اوكيناوا حتى بعد نقل ٨ آلاف جندي. لكن يمكن لهذا الادعاء أن يكون مجرد ذريعة لتجنب خفض الميزانية العسكرية. علما ان خطط خفض ميزانية وزارة الدفاع الامريكية هي سبب رئيسي آخر لعملية نقل الجنود الامريكيين من اوكيناوا قبل التوصل الى اتفاق قاطع بشأن نقل القاعدة الجوية فوتينما، فمع العجز في الميزانية الوطنية البالغ تريليون دولار، كشف الرئيس الامريكي باراك أوباما النقاب عن الاستراتيجية الدفاعية الجديدة التي تهدف إلى خفض ملموس في الانفاق الدفاعي للبلاد، وهو ما ادى بالتالي الى تقليص حجم القوات الامريكية في اليابان ونشرها في مناطق ذات اولوية في آسيا والمحيط الهادئ.

وتسعى وزارة الدفاع الامريكية إلى خفض الانفاق الدفاعي بنحو ٤٨٧ مليار دولار على مدى السنوات الـعشر المقبلة من خلال الغاء انتشار ١٠٠ الف جندي من القوات الامريكية حول العالم. وعلى وجه التحديد، هي تخطط لخفض عدد مشاة البحرية في الخدمة الفعلية بنحو ٢٠ الف جندي ليصل تعدادهم الى ١٨٢ الف جندي.

هينوكو خطة المستحيل

بموازاة ما يحصل يجمع جميع المحللين على أن نقل قاعدة فوتينما الجوية الامريكية الى خليج هينوكو ناجو سيكون من المستحيل بسبب المعارضة القوية من سكان أوكيناوا. لكن الغاء هذه الخطة لايزال يبدو من المحرمات بين الولايات المتحدة وصانعي السياسات اليابانية، علما ان تنفيذ الخطة تأجل اليوم بعد التغير في المسار الامريكي. وفيما تبدو الخطة المستحيلة لا تستطيع اليابان حتى الآن رفض الطلبات الامريكية. علما ان الاستياء الياباني العام تجاه القواعد العسكرية الأمريكية في أوكيناوا آخذ في الارتفاع، خصوصا ان الحملة الرسمية للانتخابات البلدية في مدينة جينوان التي انطلقت في الاول من شهر فبراير من هذا العام تشكل خطة نقل القاعدة الجوية فوتينما القضية الأولى في الطروحات السياسية للمرشحين.































.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة