سفينة القرش
 تاريخ النشر : الأحد ٢٥ مارس ٢٠١٢
جمال زويد
يُحكى في تاريخنا الإسلامي العظيم، في صفحاته الناصعة البياض عن أسباب بقاء الدول وتنامي قوتها، في جانب العدالة والمحافظة على المال العام؛ أن خليفة المسلمين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد خرج يوماً إلى السوق، فرأى إبلاً سماناً، فسأل: إبل من هذه؟ فقال الناس: إبل عبدالله بن عمر. فانتفض عمر وكأن القيامة قد قامت! ويقول: عبدالله بن عمر، بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين! ائتوني به. ويأتي عبدالله على الفور ليقف بين يدي عمر رضي الله عنه، فيقول عمر بن الخطاب لولده عبدالله: ما هذه الإبل يا عبدالله؟! فيقول: يا أمير المؤمنين! إنها إبلي اشتريتها بخالص مالي، وكانت إبلاً هزيلة، فأرسلت بها إلى المرعى أبتغي ما يبتغيه المسلمون: أتاجر فيها. فقال عمر بن الخطاب في تهكّم لاذع مرير: نعم وإذا رآها الناس قالوا: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، واسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين! قال عبدالله: نعم يا أبتِ، قال: اذهب وبع هذه الإبل كلها، وخذ رأس مالك فقط، ورد الربح إلى بيت مال المسلمين. والله إن قلبي لينتفض!
وسيُحكى عن تاريخنا المعاصر، في صفحاته السوداء عن أسباب ضعف الدول وسقوطها، في جانب الاستيلاء على ثروات الشعوب ونهب خيراتها، أنه على سبيل المثال، أن الابن الرابع للعقيد معمر القذافي، واسمه هنيبعل، وكان يُشرف في عهد والده على المرافئ الليبية وشركات الشحن البحري في بلاده؛ قد أوصى وتعاقد على بناء سفينة سياحية عملاقة للترفيه عما يصل إلى (٣٥٠٠) شخص من ضيوفه، وطلب من الشركة الفرنسية المصنعة تزويد السفينة بخزان ضخم، بعض جدرانه زجاجية، يتسع لنحو (١٢٠) طناً من المياه المحلاة ما يسمح لست سمكات قرش من مختلف الأصناف بالسباحة فيها أمام الضيوف. ومن بين ما طلبه هذا الابن المدلل أن تضم السفينة التي كان سيطلق عليها اسم «فينيسيا» آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا وأمر بأن تزود بعواميد من الرخام والمرمر والمرايا. وقيل أن تكلفتها الابتدائية هي بمئات الملايين من الدولارات، لكن هذه السفينة (حلم هنيبعل) لم تتحق وذلك بسبب الإطاحة بوالده إثر ثورة شعبية في ليبيا غير أن هذه السفينة وأمثالها ستبقى شاهداً على أن سنن الله الكونية ماضية في عباده، ومنها قوله تعالى: «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمرناها تدميرا».
سانحة:
يقول آينشتاين: الغباء هو عمل نفس العمل مرتين بنفس الأدوات، بنفس الخطوات، في نفس الأجواء مع انتظار نتائج مختلفة.
.
مقالات أخرى...
- سابقة مدرسة الدير - (18 مارس 2012)
- مذبحة غوام ومذبحة قندهار - (14 مارس 2012)
- الحوار والكباب - (13 مارس 2012)
- اجتماع بيت التجار - (12 مارس 2012)
- طرْح المعاودة - (6 مارس 2012)
- متى تُفتح المغاليق؟! - (5 مارس 2012)
- وجدي والشطي - (4 مارس 2012)
- اليهودي أحسن حالاً من المسلم السني في إيران - (1 مارس 2012)
- قلوب وإجراءات ووفاءولقطات واقتطاع واستغلال - (27 يناير 2012)