مهد الجعفرية والخلافة الصفوية
 تاريخ النشر : الخميس ٥ أبريل ٢٠١٢
بقلم: الشيخ د. عبدالله المقابي
ما أشبه الأمس باليوم! وما أشبه الغد بالأمس! إن لم يكن للعقل دور في تنمية قدرات الإنسان متخطياً حدود التقليد الأعمى أو العيش في مظلة الوهم والتطرف، تحرقهم كلمة صفوي وتجرح شعورهم كلمة مجوسي وتعجبهم أفعال منسوبة في التاريخ إلى دين الصفوية والمجوس، فالتطرف في رد الفعل وقبوله معناه التطرف في الفكر وتعليق معاني المرونة الفكرية، ما يؤدي إلى غلق أبواب التفهم المنشودة في التنمية البشرية، إن ديدن الصفوية بارز في طلب الحكم بسياسة جمع الأنصار والمؤيدين وصناعة الدول المملوكة، والشيعة براء من مذهب الصفوية النكراء، فالشيعة نسب متصل إلى العرب، والصفوية نسب ممتد إلى الفرس، والتدين بدين الصفوية هو تدليس للتشيع الذي هو مذهب جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، فالشاه اسماعيل استغل التشيع لمحوه بخرافات وبدع صفوية، غياب هذه الحقيقة والتمادي بالخوض في متاهات السياسة وخلط الأوراق والتذرع بالديمقراطية والحرية لا يعني غياب التاريخ ونزوحه عن فكرةٍ خطرت ذات يوم في بال الشاه اسماعيل الصفوي مؤسس الدولة الصفوية وناقل فكر المذهب المتطرف.
إن التطرف الديني والغلو المذهبي هما أكبر الأعداء للتطور الإسلامي والتعايش السلمي بين أطياف المسلمين، فالاختلاف الذي ينقله التاريخ لا يعني بالضرورة مورداً للخلاف، وما يوجد في الساحة الإسلامية من خلافات منشؤها التعصبات الفكرية الخارجة عن أطر تحديد المسئولية الفردية في المجتمع الإسلامي، فالدين الحنيف يدعو بدعوة صريحة مفادها شهادة الإسلام بالتوحيد والإقرار بالعبودية لله وحده والتعاون بالتقوى والمبرة لمناصرة الحق أياً كان اتجاهه، ومهما بلغت حدة الاختلافات وتباعدت وجهات النظر لم يكن لفرد حجر فكر ينبع من منشأ الاختلاف في العقيدة بما هو منصوص عليه في تاريخ تعدد المذاهب الدينية وما لا يغاير في صورة الإسلام الحق ويتسبب في تشويه صورته وصيرورته.
أما التقليد واتباع ما ليس في الدين لا تاريخياً ولا عرفاً ولا ارتضاء لإنسانية الإنسان من أفعال مخلة تسيء للدين الإسلامي وللمسلم ولبلاد المسلمين فهو أمر مرفوض بجميع انواع الرفض لاستقباح الفعل الصادر عقلاً وشرعاً وسجيةً، فلا ارتضاء لضرب قانون العقل ودستور الدين ومنهج العقيدة السوية.
في البحرين اختلفت مناهج وتعايشت أمم وطوائف منذ القدم، ولم يُعرف ما يسيء لهذا الوطن أو لطوائف المسلمين إلا من فئة قليلة مارست أنواع الضغط النفسي والحسي والعاطفي والجسدي من أجل تحقيق أجندات قديمة تاريخياً، ممارسات وأفعال مشينة مرفوضة اجتماعياً، استهداف الأفراد المضادة بالرأي، تطويق الفكر الفردي وتعميمه، تغيير الحقائق والوقائع، القفز على الثوابت الدينية والوطنية، دمج الديمقراطية بمبدأ الماسونية، أعمال صفوية إرهابية لا تمت للتشيع بصلة، قامت فئات المجتمع بمناداة من تصدر عنهم هذه الأفعال بالصفوية والمجوسية لتشابه الفعل المخل بالذوق الإنساني، فأفعال الأفراد مهما كانت مُبرراتها إن انتسبت إلى مذهب أو مشرب أو دين فهي تُمثله بشكل لا واعي، وقد تقود لاستحسان باقي معتقدات مذهب انطبقت عليه أفعال مسلك ما تترتب عليه ذات الصفات منه إليه.
البحرين بلد التعايش بين أبناء الأمة الإسلامية وأبناء الطائفة الشيعية وباقي الطوائف والديانات بمختلف هويتها، في البحرين نتسالم على الأعراف والتقاليد ونتشاور في القرارات بطبيعة تحمل عامل التكامل المنسجم بين أفراد الوطن، ما حل في البحرين غيّر هذه الصورة السلمية ومن فئة معدودة تعمدت ضرب اللحمة الوطنية بقصد أو غير قصد، ما ننشد له الآن أن تعي هذه الفئة بخطورة الوضع كي لا يتفاقم، فمازال المجال مفتوحاً لهم من أجل التعايش، وتكفينا مصالحة جلالة الملك لأطياف شعبه كافة ودعم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان لهذه المصالحة ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة لها، علماً أن ما أدمى الفؤاد لن يُنسى إلا بتصحيح المسار وتغيير المعادلة المنهوبة والثغرات المفتوحة من جهات أجنبية.
من يحب البحرين يجب أن يُفكر في البحرين حاضر ومستقبل أجيال وطن البحرين، والصورة الموجودة الان تُنذر بكارثة تاريخية قادمة لا محالة في حال استمر الوضع على ما عليه الآن، فلن يسلم العابثون من جور الزمن وهم في نعمة يمرحون، نؤكد في الوقت ذاته الحفاظ على ما اكتسبته المملكة طوال الأعوام الماضية، والحفاظ على الإنجازات وتعميمها وذكرها ونشرها والسعي لتحقيق المزيد لصالح المواطن البحريني.
مهمة الشعب اليوم مهمة إعادة إعمار سمعة الوطن التي تلوثت وستعود لأفضل ما كانت بفضل القيادة العربية الأصيلة الخليجية الخليفية الرشيدة، ومع الإصلاح ومطلب الصلاح نتقدم ونشكر قيادتنا على العطاء المتواصل بنجاح مهمة لجنة متابعة لجنة تقصي الحقائق بمباركة ملكية مشكورة، وندعم انجازات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان وإنجازات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظهم الله، في بناء وتعزيز أواصر المجتمع ببناء المزيد من التعاون الوطني.
كلمة أخيرة لو قارن أهل البحرين شعباً إنجازاته لن يتمكن من إحصائها ومقارنتها بإنجازات شعب آخر، فالبحرين وشعبها ذرة خليجية محفوفة بالحظوظ الكبيرة فهنيئاً للبحرين بشعبها الكريم وقيادتها الحكيمة، دامت البحرين هوى خليفياً عربياً.
.