(أشغال الثقافة) تحتدم في حلبة
التحدي.. التواريخ حين تصنع التاريخ
 تاريخ النشر : الأحد ٨ أبريل ٢٠١٢
بقلم: حافظ عبدالغفار
دخل عام ٢٠١٢ فاستحقت المنامة لقب (عاصمة الثقافة العربية)، ويبقى الهاجس الأكبر لدى الشيخة مي بنت محمد في أن يأتي يوم ١١-١١-٢٠١٢ ليتم تدشين مسرح البحرين الوطني ذلك الصرح العملاق الذي تريد له وزيرة الثقافة أن يتزامن مع (نوفمبر - شهر المسرح) ضمن الأجندة الموضوعة لـ (المنامة عاصمة الثقافة العربية) التي صبغت كل شهر من شهور ٢٠١٢ بلون من ألوان النشاط الثقافي المتميز.
تماماً كما تصدح عروض مسارح الأوبرا العالمية في أرجاء موسكو وروما وباريس ولندن.. ستمتزج خلال أشهر معدودات صيحات الـ (يا مال) بهدير أمواج خليج البحرين فور اكتمال العمل بمشروع المسرح العملاق الذي طالما انتظره الفنانون والمسرحيون.
هذا المشروع الوطني البالغة مساحته ١١,٨٦٩ مترا مربعا والواقع على ضفاف بحيرة متحف البحرين الوطني، قد نال نصيباً من الاهتمام والقدر الكافي من الرعاية لوقوعه تحت مظلة وزارتين لا تكفان عن تقديم المتميز والأفضل للجمهور (من مواطنين ومقيمين).. وزارتين (عصاميتين) تتفيآن مظلة الوزيرين.
لقد قام الوزيران يصحبهما فوج من المعنيين بجولة تفقدية امتدت إلى أكثر من ساعة، هي ثالث زيارة مشتركة خلال سنة، رغبة منهما في متابعة مستفيضة وجادة لمشروع عمراني يراد له أن يخدم مسيرة البحرين في قطاع الفنون ويشكل علامة بارزة في التطور الثقافي في المملكة.
لقد فوجئ عشرات العمال كانوا الذين منهمكين وسط أعمدة (سكلات) مشروع مسرح البحرين الوطني بأشخاص (رسميين) يعتمرون خِوَذا واقية يقتحمون (مسرح العمل) المكتظ بالتوصيلات والدعائم والركائز الحديدية بشكل كان السير فيه يتطلب حذراً وانتباهاً مع كل خطوة.. علماً بأن الضيوف فوجئوا أيضاً بلوحة مثبتة على مدخل موقع العمل كتب عليها بلغات إنجليزية وإيطالية وفرنسية وروسية وفلبينية وبنغالية وهندية ونيبالية عبارة (افتتاح المسرح ١١-١١-١٢) كأنها بمثابة (جرس منبه) لهم يفهمه جميع العمال بقصد عدم التأخر عن بلوغ هذا الموعد المحدد.
ووسط سيمفونية الجدية وأنغام المتابعة ومعزوفات التوجيه، راح الوزيران يباشران فصول المشروع أول بأول.. يسألان عن كل صغيرة وكبيرة، ويبحثان عن كل ذي اختصاص على أرض العمل ليذكراه بضرورة الالتزام بأداء الدور المنوط به على الوجه الأكمل إلى أن (يسدل الستار) على المشرع، فحلبة البحرين الدولية مثلاً قد كسبت رهانها مع الوقت في عام ٢٠٠٤ حين تم الانتهاء من تشييد مرافقها واحتفل بتدشينها يوم (٠٤-٠٤-٠٤)، ووسط الدعم والمباركة أنفسهما من لدن القيادة الرشيدة، فإن مسرح البحرين الوطني بدوره يتطلع لكسب التحدي الأكبر المتمثل في يوم (١١-١١-١٢) ليكون يوم تدشين صرح المسرح الوطني تزامناً مع (نوفمبر) شهر المسرح وفق الأجندة الثقافية للعام.
(٤-٤-٠٤) و(١١-١١-١٢) ليستا معادلتين صعبتين، وليستا مجرد أرقام جميلة، بل هما تواريخ أجمل تصنع التاريخ البحريني الذي يعنى بقطاعات الرياضة والثقافة والتعليم والشباب والمرأة والاقتصاد والتجارة والاستثمار.. فتاريخ البحرين جد حافل بالريادة والتقدم على مر العقود منذ افتتاح أول مدرسة نظامية في عام ١٩١٩ إلى تفجر أول بئر للنفط في عام ١٩٣٢ مما يؤكد أن البحرين ستظل تخوض سباقات الريادة والتميز والتطور بفضل سواعد أبنائها المخلصين السباقين للرقي.
وبعد أن كان المسرحيون في البحرين طوال عقود يبحثون عن خشبة مهيأة لعرض أعمالهم وإبداعاتهم المسرحية والفكرية، جاء مشروع المسرح الوطني ليوفر لهم أحدث أنظمة وتجهيزات الإضاءة والصوت والأنظمة البصرية ذات تقنية عالمية عالية لإثراء حركة الفعاليات والعروض الفنية، مع تخصيص قاعة رئيسية للمسرح تسع ١٠٠٠ متفرج، إضافة إلى أن تصميم منصة المسرح روعي فيه القدرة على استضافة مختلف العروض الثقافية والموسيقية كالأوركسترا والأوبرا.
مشروع المسرح كما قالت الوزيرة الهمامة (لطالما انتظره المسرحيون، وسينعش حتماً مستوى الحركة المسرحية وسيمهد للانطلاق بالمزيد من الأفكار الإبداعية بشكل أكبر)، ومع تأكيدات الوزير الهمام أن وزارته ستسعى جاهدة إلى تحقيق عنصر الابتكار من خلال تحليها بالجرأة في الأخذ بالفِكَر الجديدة في مشاريعها عبر توظيف التقنيات الحديثة لتعزيز مستوى خدماتها، وهذا ما ستطبقه في هذا المشروع الضخم.
بقي التذكير بروح التشاور والنقاش المشترك اللذين سادا أجواء جولة الوزيرين حيث امتد الحديث من تشييد مبنى المسرح، إلى تفاصيل أشمل وأعمق شملت الرخام الأرضي وألوان الفرش ونوع المقاعد وخاماتها مع التشديد على طاقم العمل بضرورة إنجاح وإكمال المشروع في الفترة الزمنية المقررة من دون تأخير، إضافة إلى التقيد التام بتطبيق نظام المواصفات المعتمدة في إنجاز الأعمال لضمان تحقيق تاريخ جديد لمملكة البحرين تزهو به وتفتخر.
.