الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٣٨ - الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٠ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

أسراب الطائرات المقاتلة بلا طيار ستغزو سماءنا

تطوير أجيال جديدة من طائرات حربية مقاتلة بلا طيار





فلننس اللعب الالكترونية، وجميع الاجهزة الصغيرة الاخرى التي تسهل حياتنا أو تقدم لنا التسلية والمعارف بكبسة زر، ولننظر معاً إلى الطائرات بلا طيار التي اعتبرت رسميا أفضل ما قدمتها التكنولوجيا لعالم الطيران، لكنها تعتبر بالنسبة إلى الشعوب بمثابة «سفيرة الموت» التي تحصد الارواح آليا.

الامريكيون والإسرائيليون ينتجون الطائرات بلا طيار ويبيعونها مثل الخبز الساخن. المكسيكيون فعلوا ذلك ايضاً ويستخدمونها اليوم للقيام بدوريات على جانبهم من الحدود. البرازيليون يريدون تصنيعها للقيام بدوريات في الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو ومكافحة الجريمة والمخدرات. السعوديون يريدونها أيضاً لحماية حدودهم ولاسيما مع اليمن. الاوزبك، مع جيرانهم في دول آسيا الوسطى، يرغبون الطائرات بلا طيار.، كأننا اذاً أمام نشيد عالمي يمجد هذه الطائرات ويُصرّح بحب الدول أجمع لها.

لكن الطائرات بلا طيار لن تبقى على حالها. هي اليوم مخصصة للمراقبة والاستطلاع والقاء القنابل على بعض الاهداف، لكنها في المستقبل ستتحول إلى اسراب قتالية لشن الحروب من دون الاستعانة بالبشر.

«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:

يبدو ان عصر الطائرات بلا طيار الاستطلاعية والتقليدية قد انتهى لتحل محله طائرات حربية ومقاتلة بلا طيار، وتسمى هذه المركبات الجوية القتالية بدون طيار «VACU»، وهي فئة تجريبية حتى الآن، حيث تقوم دول عدة وعلى رأسها الولايات المتحدة بتطويرها والعمل عليها لتصبح جاهزة في غضون سنوات قليلة، وتختلف هذه الطائرات الجديدة في تصميمها عن تصميم الطائرات بدون طيار العادية لأنها مصممة لتحمل أسلحة هجومية وهي تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلال الذاتي، بدون مخاطر وقوع حوادث للأطقم البشرية الموجودة على متن الطائرات المقاتلة العادية، وبالطبع مع توفير بأوزان العديد من المعدات اللازمة لوجود طيار على الطائرة (مثل قمرة القيادة، المقعد، ضوابط الرحلة، الأكسجين، مقعد الإخراج وما إلى ذلك)، وتختلف عن الطائرات بدون طيار العادية لقدرتها على حمل أوزان أكبر من القنابل والصواريخ بالإضافة إلى قدرتها المميزة على المناورة.

وتستطيع هذه الطائرات المقاتلة العمل بصورة مستقلة بعد برمجتها للقيام بالمهام المكلفة بها من دون حاجة إلى مساعدة من وحدات التحكم البشرية،اي انها لا تحتاج إلى عسكري او ضابط يديرها من مكان آخر على الارض بل تكفي برمجتها لتعمل بمفردها كما الرجل الآلي.

الوجه الاول

لحروب المستقبل

يرى الكثير من المراقبين ان ما يحدث اليوم في سماء افغانستان وباكستان ليس مجرد حرب عادية، بل هو الوجه الاول لحرب الطائرات المقاتلة بلا طيار التي ستدور رحاها في المستقبل. الطائرات الحربية بلا طيار هي ادوات الحرب المستقبلية، وأسوأ ما في الامر ان الولايات المتحدة ودولا اخرى بدأت تنتج جيلا جديدا منها، لا يختص فقط بالتجسس والمراقبة والاستطلاع بل جيلا حربيا بامتياز ومدججا بالاسلحة مهمته القيام بالحروب العسكرية بدلاً من الضباط والعسكريين البشريين.

والمتوقع ان عام ٢٠١٢ سيكون العام الذي سيشهد انتاج اكبر عدد من الطائرات الحربية بلا طيار في الولايات المتحدة.

وقد قررت القوات الجوية الامريكية عدم شراء المزيد من طائرات الريبر التقليدية بلا طيار التي غيرت معالم الحرب الجوية، وانهت هذ العام برنامجها القاضي بشراء ٢٦٨ طائرة البريداتور باعتبارها آخر شحنة من الطائرات التي ستشتريها، وهي بذلك تستعد لاستقبال الطائرات الحربية الاكثر فتكاً.

توسيع المهام

وقد كشف تقرير لسلاح الجو الأمريكي عن التخطيط لتصنيع أجيال جديدة من الطائرات بدون طيار، في إطار السعي لتوسيع مهامها كي تشمل تلك التي تضطلع بها قاذفات القنابل وطائرات الشحن، في حين ان الطائرات الصغيرة بدون طيار التي يجرى توجيهها والسيطرة عليها عن بعد، تستخدم حاليا في جمع المعلومات الاستخبارية واستهداف «المتمردين» بالقذائف فحسب. كما يعمل سلاح الجو الأمريكي على تطوير أنظمة طيران بدون طيار بحيث يمكنها في نهاية المطاف التحليق على شكل أسراب، وقصف الأهداف المعادية والدفاع ضد تهديدات مشابهة قد يستخدمها «المتمردون» ضد القوات الأمريكية في الميدان.

والآن، يوجد نحو ٣ تصاميم لطائرات حربية بلا طيار في كاليفورنيا لاختبارها، وهي ستكون الجيل الجديد الذي سيخلف طائرات اف-٣٥ القتالية التقليدية التي يعتقد البعض انها اخر الطائرات الحربية التي يقودها طيار تطلبها القوات الجوية الامريكية والتي تستهلك الكثير من ميزانية وزارة الدفاع.

وقد تأكد الجيش الامريكي من حاجته المتنامية إلى هكذا طائرات اليوم لتحل محل طائرات اف-١٥ واف-١٦ واف-١٨، فقد تبين له من التجارب الميدانية ومن المواجهات والنزاعات العسكرية ان الطائرات بلا طيار كانت احد ابرز الادوات التي استخدمها لتحقيق الاهداف منذ حرب البلقان في التسعينيات حتى حربي العراق وافغانستان، ورغم الارواح البريئة التي ازهقت من خلال هجمات هذه الطائرات التي تطلق القنابل من دون رحمة، فإن هذا الموضوع لا يشكل عائقاً امام حماة الامن القومي الامريكي طالما انه لا يمس الامريكيين بسوء.

وعدا انها ارخص للإنتاج والشراء والتشغيل، فهذه الطائرات تستطيع ان تحمل المزيد من الوقود عوضاً عن اوزان ربان الطائرة والمقعد وسائر الطائرات الحربية التي يقودها العسكريون، وبالتالي يمكنها البقاء في الجو فترات اطول.

فضلا عن ان احداً لن يتأذى في حال تعطلت او اصطدمت او تم اسقاطها بواسطة صاروخ جو ارض، وهو ما يعني ان الجيش قد يستخدم هذه الطائرات الحربية الجديدة بلا طيار للقيام بالمهمات الاكثر قذارة وصعوبة التي ليس بامكان حتى اكثر ربابين الطائرات مهارة القيام بها. وبفضل قدرتها على المناورة ودخول المناطق الوعرة، ستؤمن هذه الطائرات للجيش الامريكي القدرة على التوغل في اماكن لم تخطر على بال ضباطه من قبل.

على نفقة البنتاجون

اليوم، تبدو الطائرات بلا طيار الموجودة خفيفة وواهية جدا ازاء الجيل المنتظر من الطائرات، فهي غير قادرة على اختراق النظم الدفاعية الجوية لدول مثل الصين وايران، لذلك سيتم تخطي نقطة الضعف هذه خلال انتاج الطائرات الحربية بلا طيار الجديدة من خلال برامج على نفقة البنتاجون.

في الماضي، كانت هناك محاولات لانتاج طائرات حربية بلا طيار بحيث تم تعديل ودمج برامج طائرة بوينج اكس-٤٥ وطائرة نورثروب غرامان اكس-٤٧، وتم تطوير طائرة اكس-٤٥ التي يبلغ طولها ٢٧ قدما وجناحها ٣٤ قدما، فيما فترة طيرانها المتواصل تقدر بـ٢٤ ساعة.وقد صممت لحمل ما بين الف إلى ثلاثة آلاف رطل من الذخائر ومهمتها ضرب وإخماد دفاعات العدو، علماً بأن بوينج كانت تعمل على هذا المشروع منذ عام ٢٠٠٦ لكن البنتاجون اوقف تمويله له، لكن الشركة واظبت على العمل عليه سريا لانها كانت تثق بأن القوات الجوية الامريكية ستحتاج إلى الطائرات الحربية القاتلة بلا طيار، وقد صدقت توقعاتها وعادت القوات الجوية لتطلب إليها تطوير الطائرة.

كما ان المشروع يطمح إلى صناعة طائرات بدون طيار تتراوح في أحجامها بين الفراشة التي تدخل المنازل لجمع المعلومات مرورا بمتوسطة الحجم لاستخدامها في مهاجمة المقاتلات والأهداف الأرضية للعدو والتشويش على اتصالاته، وانتهاء بطائرات كبيرة تشبه القاذفات الاستراتيجية أو تلك التي تستخدم للتزود بالوقود جوا، وهو ما يعني جيلا جديدا تماما من الطائرات الحربية التي ستتحرك في سمائنا من تلقاء نفسها ومن دون اي وجود بشري بداخلها رغم انها ستحمل على متنها الآلاف من القنابل والصواريخ والاسلحة الخطرة والفتاكة التي قد تبيد مدناً بكاملها. ويبقى الامل عندما يتم اطلاق هذه الطائرات في المستقبل القريب ايلاء الاهمية الكافية لبرمجياتها حتى لا يؤدي اي خطأ تقني إلى ابادة شارع أو مدينة أو قرية.











.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة