بعد فوز موفاز بزعامة «كاديما».. ليفني كتبت نهايتها السياسية بيدها
 تاريخ النشر : الخميس ٥ أبريل ٢٠١٢
بيروت - من: أورينت برس
«على الرغم من فشل رئيسة حزب كاديما السابقة تسيبي ليفني في البقاء في منصبها ومن ثم الاستمرار في قيادة المعارضة الإسرائيلية، فإن ذلك لا يعني حتما توديعها للحياة السياسية في إسرائيل والتي قد تدفعها مجددا للعودة إليها»، هذا ما اكدته مصادر مقربة إليها بعد انتشار شائعات عن قرارها اعتزال العمل السياسي.
وبحسب المصادر، فإن ليفني التي كانت في يوم مضى «واحدة من أكثر النساء تأثيرا في المجريات السياسية في العالم»، ربما تكون قد فقدت الحماسة في تعاملها مع بعض القضايا المهمة، وتجاهلت الأصوات التي نصحتها بالحفاظ على عدد أعضاء كاديما ومنعهم من الانفصال عن الحزب، وهو ما أسفر عن خسارتها. وأوضحت المصادر أن ليفني لم تتعامل بحكمة مع أعضاء الكنيست من حزب كاديما الذين قاموا بالتصويت لصالح بعض مشاريع القوانين التي تطرحها الحكومة الإسرائيلية، وهو ما تزامن مع تنامي الانتقادات وارتفاع الأصوات التي اتهمت حزبها بأنه لا يمثل معارضة حقيقية أمام حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
«اورينت برس» اعدت التقرير التالي:
قبيل الانتخابات الاخيرة لرئاسة حزب كاديما، ظنت زعيمة المعارضة السابقة في اسرائيل تسيبي ليفني أنها قادرة على التغلب على كل المشكلات والعراقيل والاطاحة بغريمها على المنصب شاؤول موفاز، بالنظر لقدرتها على حصد مقاعد الكنيست لحزبها، واسترشدت في ذلك بالمؤشرات الإيجابية التي كانت تسفر عنها استطلاعات الرأي باستمرار والتي ابقتها بالصدارة، في حين بقي منافسها الذي فاز برئاسة كاديما شاؤول موفاز قابعا في الظل بانتظار ما سيسفر عنه تراكم هذه المشكلات أمام تسيبي ليفني، وقد نجحت في المحصلة استراتيجية موفاز بينما كان نصيب ليفني الفشل الذريع.
حزب بلا نكهة
في السنوات الماضية حاول رؤساء كاديما جاهدين، إثبات كونه حزبا وسطيا، لكن على يد تسيبي ليفني تحول الحزب في الواقع إلى حزب بلا طعم ولا رائحة بحسب المطلعين على الشؤون السياسية الاسرائيلية، ففي الموضوعات الجوهرية لاذ الحزب بالصمت ولم تسجل له مواقف واضحة، لا بل على العكس كان أعضاؤه يتشاجرون فيما بينهم من دون القدرة على بلورة موقف موحد. ولم يكن لحزب كاديما قول واضح في مجال السياسة والأمن، وبالتأكيد ليس في مجال الاقتصاد والاجتماع أيضاً.
وفي الأسابيع الأخيرة حاولت الرئيسة المبعدة إلقاء التهم على كل العالم، واشتكت من التآمر الداخلي عليها ممن لم يقبلوا بزعامتها للحزب. لكن الوقائع كانت مختلفة فقد كان تحت تصرف ليفني قوة يعتد بها واعتبرت من اقوى السياسيات في اسرائيل، فلم يكن هناك من إجراء لم يكن بإمكانها تمريره، لكنها مع ذلك فشلت سياسيا رغم نفوذها.
هزيمة نكراء
أصيبت ليفني بهزيمة كبيرة بحصولها على ٣٥ في المائة من الأصوات فقط، مقابل ٦١,٧ في المائة لشاؤول موفاز، وهو ما سطر نهايتها السياسية برأي كثيرين. وقد قالت ليفني لنشطائها في رد على الهزيمة: «لا أنوي الآن اعلان مواصلة طريقي السياسي». لكن عند خروجها من مقر الحزب في تل أبيب رفضت ليفني الإجابة عن سؤال إن كانت تعتزم البقاء في حزب كاديما تحت قيادة موفاز أو مغادرته، وقالت: «اتصلت بشاؤول موفاز، وتمنيت له النجاح. هذه هي النتيجة. أشكر من كل قلبي أولئك المتطوعين الرائعين الذين يقف بعضهم خلفي الآن، كل أعضاء كاديما والمواطنين الذين منحوني حبهم الكبير خلال هذا الطريق، وهذه هي النتائج».
وقبل أن تدلي بتصريح للإعلام، قالت ليفني للعاملين في حملتها الانتخابية: «هذه هي الانتخابات وهذه هي النتائج. اتخذت في حياتي قرارا أساسيا بالسير حتى النهاية، ان طريق القول لا للابتزاز والذهاب إلى المعارضة باسم المبادئ هو طريق غير محبذ في السياسة الاسرائيلية، الآن سنرتاح بعد هذا الجهد الكبير. أحبكم كثيراً وأشكركم لكل شيء، إنني واثقة أنه يوما ما سنصل إلى قيادة دولة جديرة بكم»، وكثيرون اعتبروا هذه الكلمات بمثابة كلمات وداعية، فعلى الارجح ان ليفني لن تقوم بتشكيل حزب جديد، ببساطة لانها لا تملك احدا لتتحالف معه، كما انها غير مهتمة بأن تكون نائبة لموفاز على رأس الحزب لانها خطوة تنم عن تراجع سياسي كبير بالنسبة لها.
مسببات الفشل
من المسببات الاساسية لفشل ليفني في الصراع مع موفاز على قيادة كاديما اداؤها الفاشل بصفتها رئيسة المعارضة، فقد كانت ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ المبادرات، فعلى مدى سنوات، ترأس المعارضة في اسرائيل بعض السياسيين الذين تركوا تأثيرا في القرارات الرئيسية للحكومة ومنهم ارييل شارون وشيمون بيريز وبنيامين نتنياهو وعمير بيريتس، وقد ترك كل واحد منهم أثرا ما في منصبه إما بعرض سياسة بديلة عن سياسة الحكومة وإما بخطبه التي استقطبت الأنصار، وإما بقدرته على ان يكتل حوله كل احزاب المعارضة من اجل صراع مع الحكومة. لكن ليفني هي الوحيدة التي لم تنجح في ترك أي أثر، علما انها لطالما حرصت على الصعود الى منبر الخطباء والقاء الكلمات الرنانة التي تحمل نقدا لاذعا للحكومة ورئيسها، كما انها التقت ضيوفا مهمين من الخارج زاروا إسرائيل، وقامت بجولات خارجية في اوقات متقاربة جدا للدول الغربية لكنها لم تستطع ان تصيب النجاح في منصبها كزعيمة للمعراضة.
الاهم من ذلك انها فشلت في محاولة تشكيل جبهة موحدة من احزاب المعارضة لمجابهة حكومة نتنياهو في اجراءات سن القوانين البرلمانية. وفي المرات المعدودة التي تمت فيها مثل هذه المحاولات كانت رئيسة الكتلة الحزبية في الكنيست داليا ايتسيك هي التي جمعت ممثلي الاتحاد الوطني وميريتس وحداش والاحزاب العربية للقيام بمعركة على مشاريع قوانين تريد حكومة نتنياهو تمريرها.
اكثر النساء تاثيرا
بالاضافة الى ذلك لم تنجح تسيبي ليفني ايضا في ان تربط اعضاء كتلة كاديما بنضالات برلمانية، ولطالما غاب جميع اعضاء كتلة كاديما عن جلسات الكنيست عندما كان يتم التصويت على مشروع قانون مهم لانهم كانوا يفشلون في توحيد موقفهم. وفي المحصلة، لم تنجح المعارضة في ان تجيز أي قانون عارضته الحكومة.
اليوم، يبدو ان نهاية تسيبي ليفني السياسية قد كتبت بالفعل. تجدر الاشارة الى ان ليفني لم تعرف الفشل من قبل بل لطالما كانت تتقدم الى الامام سياسيا خلال السنوات الاخيرة الماضية ومنذ ان كانت وزيرة خارجية سابقة، حتى انها خلال الانتخابات العامة الاخيرة تمكنت من ان تحصد ٢٨ مقعدا في الكنيست لصالح حزب كاديما بفضل اجندتها السياسية، لكن سرعان ما اخذت الامور منحى مغايراً وبدأت سياساتها بالتدهور الى حد اتهامها بأنها مقصرة وبأن وجودها على رأس المعارضة لا يؤثر ولو بشكل طفيف في حكومة بنيامين نتنياهو التي لم تكن تقيم اي اعتبار للمعارضين باعتبارهم قوة غير متماسكة.
وهكذا، لم تعد الصحف المحلية والعالمية تلمح الى ليفني على انها «من اكثر النساء تأثيرا في العالم» بل بدأت الانتقادات تحوم حول ادائها منذ ان اخذت بنصيحة حاييم رامون وقامت بحسم الامور مع اعضاء من كاديما كانوا قد قرروا الانفصال عن الحزب وهو ما دفعهم الى تركه نهائيا.
الى ذلك، لم تتمكن ليفني من حصد ثمار الاعتصامات والتحركات الاحتجاجية ضد حكومة نتنياهو التي قام بها الاسرائيليون منذ الصيف الماضي، بل فشلت في استقطاب الحشود التي نزلت الى الساحات واقامت خيم الاعتصام احتجاجا على غلاء اسعار الشقق واقساط الجامعات حتى المواد الغذائية بما فيها الالبان والاجبان. لم تتمكن ليفني من ان تكون صوت هؤلاء المحتجين، وهو ما يعزوه المراقبون الى خفوت حماستها السياسية وثقتها الزائدة بالنفس بانها قادرة على التغلب على موفاز.
.
مقالات أخرى...
- هل الرئيس الإيراني نجاد رئيس بلا سلطة فعلية؟ - (1 أبريل 2012)
- الثورات العربية.. هل تبشر بقدوم دولة الخلافة الإسلامية؟ - (1 أبريل 2012)
- أكدوا أن الانتخابات الرئاسية باطلة:سياسيون: الرئيس المصري القادم سيخرج من عباءة العسكري - (28 مارس 2012)
- الإسلام في الانتخابات الرئاسية الأمريكية تحريض متواصل ضد الإسلام خلال الخطابات العامة - (28 مارس 2012)
- الرئيس اليمني الجديد في مواجهة عوائق الحكم - (26 مارس 2012)
- السيناريو العسكري المحتمل للحرب على إيران - (21 مارس 2012)
- وثيقة الأزهر للحريات.. رسالة تنويرية وحجر أساس للدستور الجديد - (21 مارس 2012)
- في حوار مع الفقيه الدستوري د. ثروت بدوي يؤكد: النظام الرئاسي في مصر يصنع ديكتاتورًا - (19 مارس 2012)
- هل تصبح فوزية كوفي أول رئيسة لأفغانستان؟ - (19 مارس 2012)