الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٤٤ - الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٢٦ جمادى الأولى ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

شبابيك
الحكم على «المليفي» والدروس المستفادة للمجتمع البحريني (١-٢)





جاء الحكم الصادر من محكمة كويتية على الكاتب الكويتي «السني» «محمد المليفي» بالسجن سبع سنوات وغرامة قدرها ١٨ ألف دولار، بعد إدانته بتهمة نشر أقوال عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، اُعتبرت مسيئة إلى الشيعة، ومثيرة للفتنة الطائفية، ليفتح الباب واسعا على مناقشات ذات أبعاد مختلفة ورؤى متباينة ليس فقط داخل المجتمع الكويتي، حيث تمثل القضية نموذجا كثيرًا ما يتكرر، بما يستوجب وقفة حقيقية وموضوعية بشأن ضرورة قراءة تلك القضية قراءة كاشفة عن ملابساتها وموضحة لكل جوانبها ومحذرة في الوقت ذاته من آثارها وتداعياتها على مستقبل الوطن وضمان امنه واستقراره.

بداية، لا يعتبر «المليفي» ظاهرة خاصة من حيث تناولها القدح والذم في مذهب إسلامي، بل هناك الكثير من الحالات سواء في الكويت أو في الخليج بصفة عامة وهي معروفة بالأسماء، ولها تسجيلات مسموعة ومرئية، وفيها إساءات ووقاحات لا حدّ لها، وفيها تطاول واضح وصارخ على الرموز الإسلامية، ومع ذلك لم تتخذ ضدهم أية خطوة شبيهة بالخطوة التي اتخذت ضد «المليفي».

ومن دون الدخول في تفاصيل تلك القضايا والتجاوزات والخروقات التي تصدر هنا أو هناك، ثمة ضرورة إلى معالجة تلك القضية معالجة جامعة مانعة لأبعادها المختلفة وهو ما يتضح في النقاط التالية والتي تمثل دروسا مستفادة من تلك القضية:

أولا- الحرية قيمة عليا وحق مكفول لكل إنسان تحميها قوانين الدولة وكذلك المواثيق والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها الدولة والتي أضحت جزءا من منظومتها التشريعية الداخلية وتفرض على سلطات الدولة احترامها وضمان ممارستها من دون اعتداءات أو تجاوزات.

ثانيًا: الحرية لا تعني الفوضى، فالحرية البناءة التي أكدها الشرع الاسلامي واقرتها الاتفاقيات والمواثيق الدولية وقننتها التشريعات الوطنية هي الحرية المسئولة التي تستهدف كشف الحقائق وتوضيح الملابسات في ضوء احترام قيم المجتمع وتقاليده وعاداته وكذلك قوانينه ولوائحه.

فإذا كان من حق اي شخص ان يعتنق ما يشاء من دون أكراه أو اجبار، وان يعبر عن معتقداته وينشر آراءه وأفكاره بالطرق التي يراها مناسبة له، فإنه كذلك من حق المجتمع ممثلا في سلطاته ان يحمي وان يصون حقوق بقية أفراد المجتمع وحرياتهم من أي ممارسة خاطئة لتلك الحرية، تطبيقا للقاعدة العرفية التي اضحت حاكمة في العلاقات المجتمعية «حريتي تنتهي عند حريات وحقوق الآخرين».

لذا تحرص الدول على وضع الضوابط اللازمة لكي لا تتحول الحريات إلى فوضى وانفلات من دون رادع أو حاكم، فلا يمكن أن نتخيل حقا من دون واجب أو حرية من دون مسؤولية، وإذا وجدنا تعارضا بين الحرية ومصالح المجتمع فالسبب بالتأكيد هو سوء ممارسة تلك الحرية والفهم الخاطئ لمعانيها ومداها.

ثالثًا: ربما يرى البعض أن الحكم ضد «المليفي» كان قاسيًا وهو ما برره القضاء بضرورة الحفاظ على هيبة الدولة الكويتية وعدم الإضرار بمصالحها القومية، وهذا يؤكد بوضوح أن الحفاظ على مصالح الدولة وهيبتها يأتي أولاً، وبعدها يمكن الحديث عن الحريات والحقوق، فإذا حدث تعارض بينهما كانت الأولوية لهيبة الدولة ومصالحها القومية.

وهذه ليست بدعة كويتية بل أمر سائد في جميع الدول وفي أكثرها حرية وديمقراطية كبريطانيا والتي تعتبر نموذجًا يتطلع إليه بعض الاشخاص، حيث رأينا هذه الدولة تتحول إلى دولة بوليسية في مواجهتها لأزمة العنف التي تورط فيها بعض الصبية واستمرت فترة أسبوع واحد فقط خلال شهر أغسطس الماضي، ورغم ذلك حشدت بريطانيا كل قواها العسكرية واتخذت إجراءاتها القمعية وتوعدت بملاحقة نشطاء الفيس بوك وتويتر والهواتف الذكية التي اتهمتها السلطات بأنها كانت وسيلة المتظاهرين لتنظيم وتأجيج العنف في العاصمة لندن.

وللحديث بقية،،



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة