إنهم الأبطال الحقيقيون
 تاريخ النشر : الجمعة ٢٧ أبريل ٢٠١٢
بقلم: د. نبيل العسومي
يسهرون الليل بطوله وعرضه لننام هانئين، يقفون طوال النهار والليل تحت الشمس الحارة والبرد القارص طوال العام، يقفون عند المداخل والإشارات وعلى الجسور وفي المنافذ وفي كل مكان كي يؤمنوا سلامتنا وحياتنا ويسهلوا أمورنا أينما حللنا.
إنهم الأبطال الحقيقيون الذين يواجهون كل ليلة جحافل المجرمين والخارجين عن القانون ولوفرية الشوارع والمأزومين والعابثين بأمن البلاد والعباد ومن ورائهم من الفاشلين في السياسة والأخلاق والقيم التي تربت عليها البحرين جيلا بعد جيل، هؤلاء الذين زادتهم فتوى رجال الدين المهووسين جنونا وخروجا عن العقل والمنطق والقيم قيم الدين وقيم المجتمع، ولذلك تحولوا من دون عناء كبير إلى قطاع طرق وإرهابيين حقيقيين يستهدفون هؤلاء الأبطال الذين لا ينامون الليل.
إن رجال الأمن رمز الوطنية الحقة ورمز البطولة الحقيقية الذين وهبوا أنفسهم لهذا البلد وشعب هذا البلد هم الذين يستحقون منا وقفة اجلال واحترام ومهما فعلنا من أجلهم فلن نوفيهم حقهم أبدا، قوات الأمن تواجه كل يوم وليلة حربا حقيقية لكنها ملؤها الحقد الدفين والكفر بالإنسان والإجرام المنظم والمبرر دينيا وطائفيا بعض الاحيان من رجال الدين أنفسهم، هؤلاء يتعرضون لهجوم إرهابي يستهدف حياتهم ، إنهم يستهدفون أبناء هذا الوطن من البواسل الذين يحمون أمننا وأماننا، ولذلك لابد من وقفة حقيقية تعطي هؤلاء الأبطال المكانة التي تليق بهم:
أولا: لابد للدولة أن توفر لرجال الأمن والأمان الوسائل الكفيلة التي تمكنهم من التعامل مع الإرهاب والإرهابيين مثلما هو الشأن في جميع دول العالم المتحضر، رجل الأمن لابد أن يتوافر له ما يحمي نفسه أولا حتى يكون قادرا على حماية المجتمع. إن الحفاظ على حضارية العمل الأمني لا تتنافى مع توفير أعلى شروط الأمن والسلامة لرجال الأمن، وقد لاحظنا خلال الأيام الأخيرة وخصوصا بعد فتاوى السحق والتهديدات المزيد من العمليات التي استهدفت دوريات الشرطة وتعرضها للحرق وإلقاء القنابل وزجاجات المولوتوف حتى أصبحت حياة رجال الأمن مهددة وهذا أمر لا يمكن السماح به.
ثانيا: لابد من إعادة النظر في البيئة التشريعية المرتبطة بتجريم هذه الأعمال في مواجهة رجال الأمن أو المواطنين وتكون عقوبة إلقاء الزجاجات الحارقة رادعة ويكون الضرب بيد من حديد على كل من يلقي مثل هذه الزجاجات على رجال الأمن أو السيارات العابرة للطريق فليس للإلقاء إلا هدفا واحدا وهو القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد سواء أصاب الهدف أم لا وأعتقد أن على المجلس التشريعي أن يتولى بالسرعة اللازمة إعادة النظر في هذا الموضوع لأنه لا يعقل أن يلقي هؤلاء المجرمين زجاجاتهم كل ليلة ويعودون إلى بيوتهم قريري العين في حين يحترق رجال الأمن وتحترق مركباتهم.
ثالثا: لا يمكن أن تكتمل الدائرة في هذا السياق إلا بتغليظ عقوبة الاعتداء على رجال الأمن بهذه الصورة والعداوة غير المسبوقة وغير المألوفة، إلا بتغليظ العقوبة على المجرمين واعتبار المحرضين في مقام الفاعل وأكثر مثلما هو الشأن في جميع البلدان المتقدمة في العالم حيث يتم إلقاء القبض على المحرضين، وقد كان الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي في لقائه الاعلامي الأخير قد قال صراحة إن الذين لا يحترمون قيم الجمهورية عليهم أن يغادروا هذا البلد، فلن نسمح بأي فعل يتناقض مع القيم الثابتة التي قامت عليها الدولة، ونعتقد من جانبنا أن الذين يخرجون عن القيم والثوابت التي قام عليها هذا البلد من مئات السنين على الدولة أن تضع حدا لانفلاتهم حيث لا يعقل أبدا أن يستمر هؤلاء في التحريض العلني من دون أن يحالوا إلى القضاء في حين يمكن أن يحاكم مواطن بسيط ويحكم عليه بالسجن لمجرد غلطة صغيرة قالها في لحظة غضب.
هذه الإجراءات التي نراها ضرورية ليس فقط لحماية رجال أمننا البواسل وحفظ كرامتهم والدفاع عن حياتهم بل هي ضرورية لنعيش في أمن وأمان، فإذا لم تضرب الدولة بيد من حديد وبواسطة القانون هؤلاء المجرمين وتوقفهم عند حدهم فإن الفوضى ستسود وإذا سادت فلن يكون للقانون أي قيمة أو احترام.
.