الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٥ - الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٢ م، الموافق ٨ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

المال و الاقتصاد

نائب رئيس جمعية المحللين الماليين في البحرين لـ «أخبار الخليج»:
شدة تقلب أسعار الصرف ومعدلات الفائدة وأسعار السلع أكبر المخاطر المالية التي تواجه الشركات





يمكن من خلال الإفصاح عن المخاطر أن يكون المستثمرون على دراية بطبيعة المخاطر المالية وحجمها ومدى جودة إدارتها. وتعقيباً على مقال سابق نشرته صحيفة فاينانشال تايمز (ملحق FTfm) يذهب كل من فنسنت بابا، مدير سياسات الإبلاغ عن المخاطر في معهد CFA، بالاشتراك مع لميس البحارنة، نائب رئيس جمعية المحللين الماليين المعتمدين في البحرين، إلى أن الأزمة الراهنة أبرزت أهمية جودة التواصل المؤسساتي فيما يخص التعرض للمخاطر المالية وإدارة هذه المخاطر. إن لهذا الأمر أهميته الواضحة في منطقة مجلس التعاون الخليجي مثلما هو مهم في أماكن أخرى، لأن المنطقة واجهت سلسلة من فشل الشركات بسبب الأزمة المالية.

ما هو مصدر أكبر المخاطر المالية التي تواجه الشركات؟

ينجم التعرض للمخاطر المالية عن عدد من العوامل، من بينها شدة تقلب أسعار الصرف ومعدلات الفائدة وأسعار السلع. كما ينجم عن الأدوات المالية المعقدة، من قبيل الأدوات المشتَقَّة، كما تنبع من أدوات القروض المستخدمة في الهيكلية الرأسمالية. ويملي كل نوع من الأعمال حساسية خاصة تجاه أنواع مختلفة من المخاطر. فعلى سبيل المثال، نجد أن شركات الطيران تعاني من تقلبات أسعار وقود الطائرات. وتعاني شركات التنقيب من تقلب أسعار السلع. ومن المرجح أن تواجه الشركات التي تدير عمليات عالمية مخاطر تقلبات أسعار العملات الأجنبية. كما أن البنوك معرّضة لمخاطر ائتمانية خلال مراحل الدورة الاقتصادية كلها، والمخاطر الائتمانية ناشئة في المقام الأول من احتمال إخفاق المقترضين في الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك.

ما الذي يجعل المخاطر المالية مرتفعة إلى هذا الحد الآن؟

بالنسبة إلى الشركات المالية وغير المالية على حد سواء، تتأثر المخاطر المالية بالدورة الاقتصادية. فمثلاً، تظهر الخسائر المرتبطة بالمخاطر الائتمانية عادةً في البيئات الاقتصادية المتوترة، حيث يرجح أن يعاني المقترضون، من الأفراد والشركات، من مصاعب مالية. ومن الممكن أن تؤدي المخاطر الائتمانية إلى مفاقمة مخاطر التمويل التي تواجهها البنوك مما يسبب مشكلات في إعادة تمويل الجزء الدائن من هيكلية رأس المال. وعلى سبيل المثال، عانت البنوك الأوروبية خلال أزمة الديون السيادية الأوروبية المتواصلة الآن من تخفيضات مهمة في مستويات «التمويل بالاقتراض» المتاحة، وخاصة التمويل القصير الأمد من صناديق سوق التمويل الأمريكية. وقد أبرزت الأزمة «مخاطر الطرف الآخر» أيضاً. وفي بيئات السوق المضطربة، يمكن حدوث خسائر كبيرة لدى المؤسسات المالية التي تكون بائعاً صافياً للحماية الائتمانية من خلال عقود «التداول الائتماني الاختياري» CDS. وتعتبر «مخاطرة الطريق الخاطئ» شكلاً مختلفاً لمخاطر الطرف الآخر، حيث يعجز الطرف الآخر الذي يقدم تأمين المخاطر الائتمانية عن الوفاء بكامل التزاماته التأمينية، بسبب ما يتعرض له من صعوبات مالية.

ما مدى جودة تواصل الشركات بشأن إدارة المخاطر المالية؟

يمكن أن تجري إدارة المخاطر المالية من خلال عدد من الخيارات المتاحة للشركات. تعمد البنوك مثلاً إلى الاحتفاظ بأصول سائلة لتخفيف مخاطر سحب العملاء إيداعاتهم. ويمكن أن تحمل البنوك قدراً أكبر من رأس النال الاحتياطي من أجل امتصاص الخسائر غير المتوقعة. فضلاً عن هذا، فإن إدارة المخاطر تتضمن نشاطات تحوّط لتخفيف مخاطر بعينها تواجهها الشركات. فيمكن التحوّط باستخدام أدوات مالية، من قبيل المشتقات المالية؛ وكذلك من خلال تحوّطات اقتصادية، كإيرادات العملات الأجنبية التي تحوّط بالاقتراض بعملات أجنبية أيضاً، لكن الشركات تكون عادة غير شفافة بخصوص بعض استراتيجيات التحوّط، مما يجعل المستثمرين غير مدركين لعدم فعّالية هذه الاستراتيجيات إلا في وقت متأخر، أي بعد أن يتكبدوا الخسائر. وخاصة فيما يتعلق باستراتيجيات التحوّط المعقدة والمركبة.

هل من مخاطر مالية تواجهها دول مجلس التعاون الخليجي تحديداً؟

نظرا لكون معظم عملات دول مجلس التعاون الخليجي مرتبطة بالدولار الأمريكي، فإن مخاطر العملة هي المشكلة المهيمنة. وفي حين يطمح الاتحاد النقدي الخليجي الذي كثر الحديث عنه إلى التوصل إلى عملة خليجيّة موحدة (على غرار اليورو)، فإن من غير المرجح أن يؤدي هذا إلى تخفيف مخاطر العملة. كما أن منطقة مجلس التعاون تضم عدداً من الشركات الكبرى التي هي شركات عائلية على الأغلب. وقد حمل هذا في الماضي قدراً كبيراً من السمعة الجيّدة وروّج لمفهوم «الاقتراض بالاسم»، لكن الأزمة المالية خلقت إخفاقات واسعة النطاق على مستوى الشركات، لفتت الأنظار إلى تزايد مستوى المخاطر في المنطقة. هذا بالإضافة إلى أن نقص الشفافية والتواصل يزيد من حجم هذه المشكلة في مجلس التعاون الخليجي.

كيف يمكن تحسين التواصل بشأن المخاطر من خلال التقارير المالية؟

أجرى معهد CFA دراسة تناولت سبل الكشف عن المخاطر بموجب المعايير الدولية للتقارير المالية IFRS. وقدمت هذه الدراسة عدداً من التوصيات من أجل تطوير الكشف عن المخاطر، بغية إيصال معلومات مفهومة ومفيدة إلى المستثمرين. ومن أهم هذه التوصيات هي أن الموجز التنفيذي يجب أن يحتوي على جميع الفئات الرئيسية التي تتعرض للمخاطر في كل شركة. يجب أن يكون هذا الموجز مختصرا واضحا، وأن يقدم صورة كاملة عن احتمالات المخاطر بالنسبة لمختلف نواحي الشركة، فضلاً عن مدى فعالية إدارة هذه المخاطر.

وجاءت أيضاً توصية أخرى بضرورة وجود عرض متكامل للمعلومات المتعلقة بالمخاطر. وهذا التكامل ضروري خاصة للبنوك، حيث كثيراً ما يجري تقديم ما تشترطه اتفاقية بازل الثالثة بشكل مختلف عن اشتراطات المعايير الدولية للمخاطر المالية IFRS. وقد أوصينا أيضاً بضرورة التحليل الكافي للمعلومات، ووضوح تقديمها من حيث التفاصيل الكمية، فضلاً عن ضرورة إجراء تطوير كبير على الكشف النوعي، والتركيز على التوضيح الكافي لاستراتيجيات إدارة المخاطر التي تعتمدها الشركة.

وبصرف النظر عن «ترسانة» الخيارات المستخدمة لإدارة المخاطر المالية، فلا بد من الإفصاح العالي الجودة عن هذه المخاطر من أجل تمكين المستثمرين من إجراء تقييم مطلع لفعالية استراتيجيات إدارة المخاطر. ولهذه الغاية، لابد للإفصاح عن المخاطر أن يضمن إيصال تفاصيل وافية عن طبيعة استراتيجيات إدارة المخاطر المطبقة.



.

نسخة للطباعة

مقالات أخرى...

الأعداد السابقة