الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٧ - الثلاثاء ١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

بقعة ضوء


الكائنات الغريبة الغازية





كنا في ورشة عمل ذات يوم، ومن خلال الورشة عرض فيلم علمي حول الكائنات الحية التي تنتقل من مكان إلى آخر، ولا نقصد هنا تلك الكائنات الحية مثل الطيور والفراشات والأسماك التي تهاجر من منطقة إلى أخرى للتزاوج ومن ثم تعود إلى موطنها الأصلي، وإنما ما نقصده هي تلك الكائنات التي تدخل إلى منطقة خارج توزيعها الطبيعي أو الجغرافي في الماضي أو الحاضر، وتشتمل على أي جزء أو مشيج أو بذور أو بيض أو مادة نباتية للأنواع التي يمكن أن تعيش وتتكاثر في وقت لاحق؛ باختصار «الأنواع الغريبة الغازية» تعني أنواعا غريبة التي يهدد إدخالها أو انتشارها التنوع البيولوجي للمنطقة التي يتم غزوها، فتقضي على الكائنات الحية والأجهزة وثروات المنطقة.

عرض الفيلم بعضا من أنواع القواقع البحرية التي غزت عدة مناطق بحرية في البحر المتوسط، ومن الغريب أن هذه القواقع دخلت كل جزء من السفن والأجهزة الموضوعة في البحر حتى لفترات قصيرة، حيث كانت تتكاثر بطريقة سريعة جدا وذلك بسبب أن هذه القواقع ليس لها أعداء طبيعيون في هذه المناطق فلا توجد من يقتات عليها أو أن تكون جزءا من السلسلة الغذائية للأنواع التي تعيش في المنطقة، لذلك فإنها تتكاثر بطريقة غير منطقية وهذا التكاثر الرهيب في الأجهزة والأماكن التي من المفروض ألا تنمو فيها يسبب تعطيل تلك الأجهزة وتلفها.

في البحرين دخل العديد من تلك الأنواع الغازية مثل الغراب الدوري، المينه، البلبل أحمر العجز، شجرة الكنوكربس، سوسة النخيل الحمراء وبعض الأنواع الأخرى، ومن الملاحظ أن هذه الكائنات دخلت أرض الوطن - فترة من الزمن - من غير أن يلتفت إليها أحد، فتكاثرت وعربدت وسببت العديد من المشكلات، وإننا اليوم نحاربها بالكثير من المال والوقت والجهد ومن غير جدوى، وهنا - أعتقد - يحق لنا أن نتساءل: ألم يكن من الأجدى منع دخولها أو القضاء عليها منذ لحظة البداية بدلا من تعششها في أرض الوطن وبالتالي نلتفت إليها بعد فوات الأوان؟

ونعتقد أن هذا الموضوع «الكائنات الغريبة الغازية» يجب أن يكون من الموضوعات ذات الأولوية على أجندة «اللجنة الوطنية التوجيهية للتنوع البيولوجي» التي صدر في إنشائها قرار مجلس الوزراء رقم ٤٤ لسنة .٢٠١١

وإليكم بعض الإجراءات التي قامت وتقوم بها بعض الدول:

ففي فنلندا، تقدم الاستراتيجية الوطنية بشأن الأنواع الغريبة الغازية تدابير ذات صلة تشمل تحسين وتجانس التشريعات الخاصة بالأنواع الغريبة الغازية، وإنشاء مجلس وطني للأنواع الغريبة الغازية للإشراف على تنفيذ الاستراتيجية، وبدء إجراءات للتواصل والتدريب بشأن هذه الأنواع، وإنشاء بوابة معلومات وطنية عن الأنواع الغريبة الغازية، وإقامة نظام للإنذار المبكر والرصد بشأن هذه الأنواع، وإنشاء نظام لتقدير المخاطر المحتملة لهذه الأنواع وزيادة البحوث المتعلقة بها وخاصة تلك المتعلقة بعمليات تقدير المخاطر.

ووضعت السويد استراتيجية وطنية وخطة عمل بشأن الأنواع والتركيبات الوراثية الغريبة مما ييسر الاتصال بين جهات الاتصال الوطنية لمنظمات وضع المواصفات واتفاقية التنوع البيولوجي. وتسهم السويد بنشاط في وضع استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن الأنواع الغريبة الغازية، وفي إجراء تعديلات على نظم الصحة النباتية والحيوانية في الاتحاد الأوروبي التي يتوقع أن يكون لها نتائج إيجابية عن العمل المعني بمعالجة الأنواع الغريبة الغازية على المستوى الوطني.

وأشارت المملكة المتحدة إلى أهمية العمل الذي تضطلع به المفوضية الأوروبية في وضع استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن الأنواع الغريبة الغازية التي يتوقع الانتهاء منها في ٢٠١٢ وصدورها في شكل توجيه جديد. وأوصى استعراض لنظام الصحة النباتية للاتحاد بأن يشمل هذا النظام النباتات الضارة بالبيئة (أي النباتات الغريبة الغازية) بالإضافة إلى التركيز الحالي عن الآفات والأمراض النباتية. وفي الوقت نفسه، أبلغت المملكة المتحدة عن التعاون والتنسيق الجيدين فيما بين مختلف المؤسسات الحكومية المسئولة عن قضايا سياسات الصحة النباتية وتلك العاملة في مجال التنوع البيولوجي والسياسات البيئية.

هل نحن في البحرين أقل شأنا من هذه الدول؟ هل نترك حدودنا من غير حماية؟ ألا يمكن أن نضع خطة لمنع دخول مثل هذه الكائنات أرض الوطن؟ وإن دخلت ألا يمكن التصدي لها ومنعها من التكاثر؟

أعتقد أننا نحتاج إلى عمل دؤوب.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة