الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٩ - الخميس ٣ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


حرية التعبير بين الحرية والتأطير





يشهد العالم طفرة نوعية متسابقاً في معايير حقوق الإنسان التي وضعت مقاييسها دول الغرب والتي في الوقت نفسه لا تتسم بعشر الجزء من الواحد بتطبيقها، معايير اختلفت وأخرى تخلفت وبعضها تخالف من دون أن يكون موضوع المعيار سند القانون والقانونية الدولية، وضعتها منظمات تدعي حقوق الإنسان وهي لا تعرف قيمة الإنسانية التي تناشدها، ولن نكون مغالين في طرحنا إذا ما قلنا ذلك، والدليل دولة فلسطين والانتهاكات التي طالتها، في الوقت ذاته أقرت منظمة الأمم المتحدة معاييرها الجديدة لحقوق الإنسان، ومع كل المعاهدات والاتفاقيات مع اسرائيل إلا أنه لا شيء منها قد تحقق على أرض الواقع الذي شهد ويشهد المزيد من الانتهاكات على مر أكثر من ٦٠ سنة مضت، أكثر من ٨٠٠ مدينة صغيرة وقرية تم طرد أهلها منها، أكثر من ١٠٠٠ قرية تحت تهديد السلاح بشكل يومي، ملايين اللاجئين الفلسطينيين تستقبلهم دول العالم حتى الآن، هدر أموال الدولة الفلسطينية وكرامة المواطن الفلسطيني، ٨٠ من أرض فلسطين محتلة، هدمت مساجد وبيوت لا تعد، وجرفت أراض وهدمت مخازن ومزارع، وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين بنار الغدر الإسرائيلي ما فاق عشرة آلاف شهيد خلال ٤٠ سنة من الاحتلال الصهيوني، والإحصائيات لاتزال مجهولة في الرقم الحقيقي للشهداء منذ بداية الاحتلال حتى الآن.

بدأت دول العالم تتبنى مبادئ حقوق الإنسان بمفاهيمها الجديدة ومعاييرها المختلفة، وولدت نقلة تاريخية حقوقية اسهمت في تعريف الناس بمفاهيم الحقوق والواجبات والمواطنة والوطنية والانتماء والولاء، لكنها لم تجد صدى حقيقيا بالنسبة إلى المنتسبين إليها من منظمات ومنها منظمة الأمم المتحدة العالمية الرسمية التي أعلنت الأمم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام ١٩٨٤م، وقادت هذه الإعلانات مفاهيم جديدة تحت عناوين متغايرة منها (التساوي بالحقوق) وكلمات ودلالات مثل (الحقوق الطبيعية) و(الحقوق الإنسانية) و(الحقوق البشرية) ووضعت معايير لهذه الحقول على أن تكون متساوية للجميع ونفسها للجميع، ويمكن تطبيقها في كل مكان، وأن تكون أصيلة من داخل الإنسان، كل ذلك لم يكن ليُعمل في منظمات الحقوق التي راجت وانتشرت وظل طابعها ليتحول من طابع حقوق إلى طابع جمع رؤوس أموال وتمويل منظمات حتى تشكل بعض المنظمات الممولة وتحولت إلى منظمات إرهابية وتفشت الإرهابية في كل دول العالم، تحولت قوالب البشر إلى أحزاب وهتافات ورغبات، وشيئا فشيئا بدأت هذه المنظمات الإعداد الحقيقي لقلب انظمة الحكم وركزت في الدول العربية واليوم هي تستهدف دول الخليج.

لو كانت هذه المنظمات قادرة على تحقيق المبادئ التي رتبتها والقيم التي وضعتها والمواثيق التي تعاهدتها لكانت دولة فلسطين اليوم دولة عربية يملكها الفلسطينيون من دون وجود اسرائيل المحتلة، وهو أكبر الأدلة على عدم مصداقية وجود هيئات ومنظمات لها ثقل قانوني حقيقي في العالم، وعلى كذب هذه المنظمات وتسببها في هدر اموال العالم، وتمكنها من زلزلة الأوضاع الأمنية في العالم، وتدخلها في شئون الدول باسم حقوق الإنسان.

والبحرين خير شاهد بعد أكثر من ٥٠ سنة عمل لهذه المنظمات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومنها المنظمات الوهمية التي بلغ عدد بعض الاحصائيات عنها أنها تزيد على ١٠٠ ألف منظمة في العالم منتشرة من دون وجه قانوني، بل هي سراب يدعي وجوده وهماً للسيطرة على مقدرات الدول، وتستعين بها الفئات المتطرفة في دول العالم، والشاهد عندنا قوى التأزيم التي تحولت لأحزاب وقوات إرهابية ومنظمات تكتيكية وبعضها عسكرية من تمويل إرهابي واهم في قدرته على اسقاط النظام الخليفي الخليجي العربي.

وإذا ما جئنا إلى حرية التعبير التي هو مبدأ من مبادئ المنظمات الحقوقية ومن القيم الأخرى التي تضاف لرصيد متابعة الحقوق وإثبات وجودها، فإن الإسلام أولى بضمان مثل هذا الحق وبقية الحقوق من جمعيات ومؤسسات ومنظمات لا تعرف إدارة الدين للإنسان وكيفيته، فالدين الإسلامي وضع للكلمة حدا ووحدها بفصل لم يزد على مقياس الشريعة التي تنهى عن التنابز والتلاقب والتساقط وتنهى عن الفتنة والغيبة والنميمة والحسد والحقد، وكلها مبادئ السماء الأصيلة التي لا تجد طريقها في منظمات حقوق الإنسان التي تجد من التجسس أصلاً ثابتاً لتنفيذ أجنداتها.

هكذا نفهم القيم والمبادئ بين حرية التعبير وقيمة التأطير الإسلامي من تقنينه وحمله إلى محامل محددة لا تخرج عن أطر الإنسانية وغير الفعل الأخلاقي البعيد كل البعد عن ممارسات الفئات المتطرفة في العالم بوجه عام وفي البحرين بوجه خاص.

والسؤال حين ترسم الجمعيات السياسة معالمها على نحو حقوق الإنسان فأين الحق في سب صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة؟ وأين الحق في سب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة؟ وأين الحق في سب الحكومة وسب عائلة آل خليفة؟ وأين الحق في تشويه سمعة مملكة البحرين؟ وأين الحق في تخريب الممتلكات؟ وأين الحق في السرقات والانتهاكات؟

إننا في أزمة حقيقية بسبب مفهوم حرية التعبير ويجب معالجته قبل فوات الأوان، بأن تنهي هذه القوى الهمجية تسليطها وتسلطها على الوطن والقيادة الرشيدة.

حمى الله البحرين أرض الحضارة العربية.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة