الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٥٩ - الخميس ٣ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٢ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

قضايا و آراء


هؤلاء هم أعداء البحرين





ثمة أعداء كثيرون لهذه البلاد الطيبة، بعضهم ظاهر وكثيرون منهم يمارسون حقدهم على أرض النخيل والأشرعة في السر ومن وراء الكواليس، أعداء في الداخل وآخرون في الخارج، بعضهم يدري أنه عدو ويتعامل على هذا الأساس وكثير لا يدرون أنهم بأعمالهم يخدمون مصالح أعداء البحرين فيصبحون من أعدائها بجهل وعدم دراية.

العدو الأول:

هو من يختبئ وراء ظهر الدولة ويرتكب جميع أنواع التجاوزات وهو يعتقد أنه يخدمها بالمخالفات، ويقدم بذلك هدية ثمينة إلى الجماعات السياسية المناوئة للدولة والمجتمع معا التي تريد تقويض البحرين «الدولة» والبحرين المجتمع في الداخل، كما يقدم خدمة مجانية للمنظمات والأحزاب السياسية البحرينية والأجنبية في الخارج التي تتربص بالبحرين الدوائر، وتؤدي تصرفاته وسلوكه إلى إقناع فئة كبيرة من الناس بأنها سياسة منهجية لا تصرفات فردية يمكن تطويقها ومحاسبة المسئولين عنها، فتدان الدولة بسببه على أعلى المستويات.

العدو الثاني:

من يخلط «السياسي» بـ «الديني» عن عمد ليجعل الدين خادما للسياسة لا العكس، ويقوم باستغلال المنابر الدينية في المساجد والجوامع ودور العبادة في التحريض السياسي والتحشيد الطائفي والشحن العرقي والمناطقي، ويأمر بالمنكر وينهى عن المعروف لكن باسم الدين، لأن «الغاية عنده تبرر الوسيلة» مستخدما النصوص الدينية في غير مكانها ليقنع العامة بعكس مضامينها خدمة لأجندات سياسية لا علاقة لها بالدين وإن تحدثت باسمه، فيؤدي ذلك إلى احتراب المجتمع وتمزقه وإثارة الأحقاد والضغائن بين طوائفه وأعراقه وكل مكوناته التي تعايشت منذ قديم الزمان، ففي الوقت الذي يرتدي فيه هؤلاء السياسيون أثواب علماء الدين والفضلاء والصلحاء إمعانا في الخداع فإن تصرفاتهم تلك أبعد ما تكون عن الدين.

العدو الثالث:

أحزاب و«جماعات إسقاط النظام» في الداخل والخارج التي ما انفكت تعمل على إسقاط نظام الحكم، من دون النظر إلى الظروف الموضوعية، وسلاحها الأول هو الصبية في القرى على وجه الخصوص الذين يتم تحريضهم على مواجهة الدولة ولو بالأيدي المجردة والصدور العارية، ويزين لهم الموت بالمجان، وتلك الجماعات التي تسكن فنادق لندن والعواصم الأوروبية وقصور بيروت وطهران وقم تستأنس بسقوط أي ضحية، وتستبشر أيما استبشار إن جرح شخص أو أصابه مكروه، فثمة عمل قادم يتأسس على تلك المعاناة التي نعيشها يشغل ماكنة الإعلام الحزبي المدعوم إقليميا ودوليا من قبل دول لها أجندات خاصة في البحرين والخليج العربي، فعندما يعلن خبر قتيل تندلع المظاهرات وأعمال العنف التي قد يسقط فيها قتيل أو أكثر، وأثناء إقامة مراسم الفاتحة على روحه تستمر فعاليات الدم المنذرة بسقوط الضحايا، وهكذا الحال عند انتهاء الفاتحة وفي أربعينية الضحية كذلك، وفي سنويته، وكل ضحية تجر وراءها مجموعة من الضحايا لتستمر دورة الدم الجهنمية التي تحصد الأرواح وتزيت آلة «الثورة المزعومة» على حساب أبنائنا وسلامتهم ومستقبلهم.

العدو الرابع:

«المنافقون»، وهم أخطر الأعداء، لأنهم يتلونون كالحرباء؛ فعندما يكونون مع مسئولي الدولة فهم يريدون «إصلاح النظام لا إسقاطه»، وعندما ينقلبون إلى «جماعات إسقاط النظام» فهم منهم في شعاراتهم ومنهجهم وأسلوبهم، وعندما يطلون علينا من القنوات الفضائية الإيرانية والعراقية فهم «ثوريون» حتى النخاع، وعندما يظهرون في القنوات الأجنبية فهم يريدون «إسقاط الحكومة فقط»، و«إسقاط ديكتاتورية النظام وليس النظام ذاته»، مع الاحتفاظ بمفردة «إسقاط» لضمان عدم «هروب» الجماهير وتفرقها عن أحزابهم.

وهم مع «الإصلاح»، لكنهم ليسوا ضد فكرة «إسقاط النظام» ولا ضد جماعاتها وأحزابها، وهم ضد «الحوار» مع الدولة في العلن، لكنهم يؤيدون «المفاوضات» معها في السر، وهم يعدون المملكة العربية السعودية «شقيقة» وفي ذات الخطاب هي «محتل»، ومرة لا يحتاجون فيها إلى وصف الخليج بـ «العربي» في بياناتهم باعتبار هذه الصفة أمرا «شكليا»، وأخرى هو خليج «عربي» و«محوره السعودية»، مرة هم مع «ولاية الفقيه» وثانية مع «الدولة الليبرالية»، مرة هم مع العلمانية والعلمانيين في «خندق واحد»، وأخرى يهتفون مع جماهيرهم «فلتسقط العلمانية». هم سلميون دائما، لكنهم في الوقت ذاته لا يعارضون سد الطرق وإحراق الإطارات وتعطيل مصالح الناس والإضرار بهم ومواجهة الشرطة بالمولوتوف والحجارة «باعتبار ذلك دفاعا مشروعا عن النفس».

لقد احترف «المنافقون» الركض وراء الجمهور إلى حد اللهاث، ولما لم يفد ذلك صاروا يرقصون أمام الجمهور كي يكونوا دائما في المقدمة.

وبعد.. أما آن لهذا الأرخبيل أن يهدأ؟ أما آن لنزيف الدم أن يتوقف؟ أما آن للجميع أن يقف بصدق أمام قامة الوطن وينظر ما اقترفت يداه في حقه؟ أما آن لأعداء الوطن الذين جرحوه باسم مصلحته أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إلى حضن الوطن؟



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة