تاريخ طويل من العقوبات الأمريكية ضد إيران
 تاريخ النشر : الأحد ٦ مايو ٢٠١٢
واشنطون - من: أورينت برس
تواجه الجمهورية الإسلامية في إيران جميع أنواع العقوبات الدولية منذ عام ١٩٧٩ حين فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات الأحادية الجانب ضد إيران، وهي عقوبات لم يتم إيقافها خلال أكثر من ٣٠ عاما. كما أنها تتعرض لعقوبات أوروبية متزايدة منذ عام ٢٠٠٦ قبل أن يتم تشديدها مطلع العام الحالي، ناهيك عن العقوبات الأممية التي أقرها مجلس الأمن منذ عام ٢٠٠٦ بموجب قرارات متتالية وبلغت أربع مجموعات من العقوبات. تغطي المجموعة الأولى المواد النووية الحساسة وتجمد أصول أفراد وشركات إيرانية ذات علاقة بالبرنامج النووي، وتتضمن المجموعة الثانية عقوبات مالية وتجميد أصول أفراد وشركات لها صلة أو تدعم العمل النووي، وزادت المجموعة الثالثة في عام ٢٠٠٨ القيود المالية والقيود على السفر للأفراد والشركات واستيراد المواد والتقنيات، فيما المجموعة الرابعة فرضت تدابير ضد بنوك إيرانية جديدة لها علاقة بالبرنامج النووي أو برنامج الصواريخ الإيرانية.
لكن العقوبات الأكثر تشددا هي العقوبات الامريكية العديدة التي سنوردها تفصيلا في التقرير التالي من «اورينت برس»:
فرضت العقوبات الأمريكية الأولى ضد إيران عقب اقتحام الطلاب الإيرانيين سفارة الولايات المتحدة في طهران واحتجازهم دبلوماسيين أمريكيين كرهائن عام ١٩٧٩، ومنعت بموجب هذه العقوبات دخول الصادرات الإيرانية إلى واشنطون باستثناء الهدايا الصغيرة والأغذية وبعض أنواع السجاد.
وفي عام ١٩٩٥ أصدر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون أوامر تنفيذية تمنع الشركات الأمريكية من الاستثمار في النفط والغاز الإيرانيين والاتجار مع إيران، وفي العام نفسه أقر الكونجرس قانونا يفرض على الإدارة الأمريكية ان تفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تستثمر في قطاع الطاقة الإيراني بأكثر من ٢٠ مليون دولار في السنة.
تاريخ العقوبات
أما في أكتوبر من عام ٢٠٠٧ ففرضت واشنطون عقوبات على ثلاثة بنوك إيرانية وأطلقت عبارة «ناشر أسلحة الدمار الشامل» على الحرس الثوري الإيراني. ومنذ ذلك الوقت أضافت وزارة الخزانة المالية العديد من المصارف الإيرانية الأخرى إلى قائمتها السوداء، وحددت وزارة الخزانة الأمريكية نحو ٢٠ شركة بترولية وبتروكيميائية دولية على أنها واقعة تحت سيطرة الحكومة الإيرانية، الأمر الذي يجعلها غير مؤهلة للتعامل مع قطاع الأعمال الأمريكي.
وفي ٢٤ يونيو من عام ٢٠١٠ أقر الكونجرس الأمريكي عقوبات جديدة من طرف واحد بهدف الضغط على قطاعي الطاقة والمصارف الإيرانيين. وفرض عقوبات على الشركات العالمية التي تزود إيران بمعدات بترولية متطورة تبلغ قيمتها أكثر من خمسة ملايين دولار في العام. كما أنه حرم فعليا على البنوك العالمية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي إذا قامت هذه البنوك بالتعامل تجاريا مع البنوك الإيرانية أو قوات الحرس الثوري.
أما في مايو من عام ٢٠١١ فقد أعلنت الولايات المتحدة عقوبات جديدة ضد شركة «بي.دي. في. إس. اي» الفنزويلية البترولية المملوكة للدولة وست شركات بترولية صغيرة أخرى وشركات نقل بحري لتعاملها تجاريا مع إيران منتهكة الحظر الأمريكي، الأمر الذي أثار غضب حكومة الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز.
كذلك الأمر في يونيو من العام ذاته أعلنت واشنطون عقوبات جديدة ضد قوات الحرس الثوري الإيراني وقوات الباسيج الإيرانية وقوات إعمال القانون الإيراني وقائدها إسماعيل أحمدي مقدم، ويتم بموجب هذه العقوبات تجميد أي أصول تؤول للمستهدفين وتحظر على كل الأمريكيين أفرادا أو شركات التعامل مع الجهات المذكورة، وفي ٢١ نوفمبر من عام ٢٠١١ وصفت واشنطون إيران بأنها «منطقة رئيسية لغسل الأموال»، وهي خطوة كان الهدف منها إقناع البنوك غير الأمريكية في العالم بوقف التعامل مع إيران. كما قامت الولايات المتحدة بوضع ١١ جهة متهمة بمساعدة إيران فيما يتصل ببرنامجها النووي على قائمتها السوداء ووسعت عقوباتها لتستهدف شركات تساعد إيران في صناعتها النفطية والبتروكيميائية، وفي ٣١ ديسمبر ٢٠١١ أقر الرئيس الأمريكي باراك أوباما قانون تمويل الدفاع الذي يفرض عقوبات على المؤسسات المالية التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني الذي يعد القناة الرئيسة لعوائد النفط الإيراني، وبموجب هذا القانون ستستبعد المؤسسات التي تطولها العقوبات من الأسواق المالية الأمريكية، وفي ١٣ يناير المنصرم فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد مؤسسة «ذوهاي زهنرونغ» الصينية للتجارة في الطاقة المملوكة للحكومة الصينية التي وصفتها واشنطون بأنها أكبر مزود لإيران بالمنتجات البترولية، كما حظرت أيضاً شركة «كو أويل بي تي إي» السنغافورية.
عقوبات أحادية
كانت العقوبات الأحادية الجانب من طرف الولايات المتحدة دائما مرتبطة بالتدهور الذي أصاب علاقات البلدين بعد سقوط النظام الشاه في إيران، وأزمة الرهائن الأمريكية التي أعقبت ذلك، ولم تتغير سياسة واشنطون في معاقبة إيران اقتصاديا رغم التغير الذي أصاب الإدارات الأمريكية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ابتداء من إدارة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ومرورا بإدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، وإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ثم إدارة الرئيس بيل كلينتون، ثم إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وأخيرا إدارة الرئيس باراك أوباما.
وقد ركزت العقوبات في محاولة حرمان إيران من التكنولوجيا الحديثة، ومنع الشركات من الاستثمار في الصناعات النفطية والبتروكيماوية الإيرانية، وكذلك التضييق على حركة الشركات الإيرانية ومحاولة إغلاق الأسواق أمام البضائع الإيرانية.
وتأثر بالعقوبات قطاع المواصلات ولاسيما الطيران الجوي، حيث حرمت إيران من تجديد أسطولها الجوي من طراز «بوينج» و«اير باص»، الأمر الذي أدى إلى تزايد حوادث الطيران الداخلي فيها، ما دفع إيران إلى التوجه نحو تكنولوجيا بديلة قادمة من الشرق ولاسيما الصين وروسيا والهند، أضف إلى ذلك محاولتها تطوير صناعاتها الداخلية لملء الفراغ والتعويض عن التكنولوجيا التي منعتها تلك العقوبات.
وقد كانت مبررات فرض العقوبات دائما على صلة بسياسات النظام الإيراني التي كانت تتعارض بشكل عميق مع سياسات القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، فمن المعروف ان إيران تكن عداء قويا لواشنطون وإسرائيل، وترفض فكرة قبول وجود إسرائيل، وتقدم نفسها كدولة داعمة لحركات المقاومة بدءا من حركات المقاومة الإسلامية مثل حماس والجهاد وصولاً إلى ذراعها العسكرية في لبنان أي حزب الله. يضاف إلى ذلك جميعا طبعاً محاولة إيران تطوير قدراتها العسكرية التقليدية وغير التقليدية ولاسيما برنامجها النووي، الذي أصبح منذ عام ٢٠٠٦ السبب القوي المعلن والمبرر لفرض حزم العقوبات المتنوعة ضد إيران، سواء تلك العقوبات الأحادية الجانب أم تلك التي تلتزم بها الدول بموجب عضويتها في منظمة الأمم المتحدة.
استهداف
البرنامج النووي
لقد ركزت حزم العقوبات الدولية التي سبقت الإشارة إليها في استهداف كل ما يعتبره المجتمع الدولي داعما لتطوير البرنامج النووي الإيراني وقدرات طهران العسكرية، ولاسيما مع رفض إيران وقف تخصيب اليورانيوم، ومن ثم زيادة أجهزة الطرد المركزي والتحرك بشكل منتظم لرفع مستوى التخصيب إلى مستوى اكثر من ٢٠ في المائة. من هنا كان تركيز العقوبات في مؤسسات وأشخاص لهم علاقة ببرنامج طهران النووي وصناعاتها العسكرية، كما تم استهداف بنوك ومؤسسات مالية. ويأتي في هذا الإطار العقوبات المالية والنفطية التي فرضت على إيران في يناير من العام الحالي ٢٠١٢، وقد بقي قطاعا النفط والمال الإيرانيين بعيدين عن أي عقوبات مؤثرة حتى بداية عام ٢٠١٢، كما استطاعت إيران أن تتحول في استثماراتها من الدول الغربية والأمريكية تدريجيا إلى آسيا حيث الشركات الصينية والهندية واليابانية، وبقي كذلك بعض الشركات الأوروبية تعمل في إيران باستثمارات أقل من السابق، مثل شل الفرنسية، لكن العقوبات الأخيرة قد تغير من هذه الصورة مع أنها أثبتت حتى الآن عدم نجاحها في وقف البرنامج النووي الإيراني.
.
مقالات أخرى...
- خلافات حول معايير اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور القادم في مصر - (6 مايو 2012)
- من يريد إقحام لبنان في المستنقع السوري؟ - (5 مايو 2012)
- تعيين خبير إنساني على رأس البنك الدولي - (4 مايو 2012)
- تباين المواقف الأمريكية من الخيار العسكري تجاه المفاعلات الإيرانية - (4 مايو 2012)
- حلف «ميركوزي» بين ألمانيا وفرنسا قد يذهب أدراج الرياح - (4 مايو 2012)
- فصل جديد من الحرب الإلكترونية بين إيران والغرب - (29 أبريل 2012)
- معركة كسب أصوات اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية - (28 أبريل 2012)
- لماذا لم يحقق أردوغان غرضه من زيارة الصين؟ - (27 أبريل 2012)
- الخطايا العشر لجماعة «الإخوان» في مصر منذ ثورة ٢٥ يناير - (27 أبريل 2012)