الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٦٦ - الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ١٩ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

زاوية غائمة


إذا سرقت اسرق جسر.. وليس «جمل»





في أعقاب سقوط حكم زوج سوزان في مصر، بدأت أعمال التنقيب عن الأموال المسروقة والصفقات المشبوهة، والأراضي التي تم الاستيلاء عليها عنوة أو بالفهلوة، ولكن هناك سرقة شهدتها القاهرة قبل نحو عشرين سنة مازلت متشوقا لمعرفة أسرارها وتفاصيلها، ولم أسمع عن تشكيل لجنة تحقيق بشأنها، فأثناء أعمال الحفريات لتمديد مترو الأنفاق، اختفت حفارة/ ونش ارتفاعها يساوي عمارة من ١٦ طابقا، ووزنها نحو ٢٠٠ طن والطن الواحد يساوي الف كيلوجرام، وسرعة الحفارة خمسة كيلومترات في الساعة!!.. تلك الحفارة فص ملح وداب، ولم يعرف الدبان الأزرق لها طريقا.. إذا اتضح ان من سرقها لص عادي فإنني أقترح منحه جائزة الدولة التقديرية لأنه إما عبقري وإما حاوي.

(تذكرت حكاية الرجل الذي عاد إلى بيته ليلا وألقى القبض على لص يحمل مجوهرات، وما غلا ثمنه من ممتلكات زوجته، فتجمد اللص من الخوف وبدأ يتوسل للرجل كي لا يبلغ عنه الشرطة، فقال له الزوج: لن أبلغ الشرطة إذا شرحت لي كيف نجحت في التسلل إلى البيت وبالتحديد إلى غرفة النوم من دون ان توقظ زوجتي).. ولا يعقل بالطبع أن ينجح لص او عصابة لصوص عادية حتى في سرقة ونش عادي لتحميل السفن والشاحنات وإخفائه عن الأعين عشرين سنة.. هذه شغلانة لا يقدر عليها إلا حرامي «رسمي».. يعني مسؤول حكومي رفيع، له قدرات الحاوي الأمريكي الأشهر ديفيد كوبرفيلد الذي نجح في إخفاء تمثال الحرية في نيويورك عن أعين ملايين المشاهدين الى حين من الوقت.

وقبل أيام نجح لصوص في جمهورية التشيك في تفكيك جسر كامل من الحديد الصلب يزن عشرة أطنان، وكان مخصصا لعبور المشاة فوق تقاطع للسكك الحديدية، وقاموا بتحميل مكونات الجسر، ومعه قضبان القطارات، في أسطول من الشاحنات واختفوا عن الأنظار، وكان «مسؤولون» قد رأوا العصابة وهي تقوم بتفكيك الجسر وإزالة الخط الحديدي فسألوا أفرادها «عن الحاصل»، فقالوا إنهم عاملون في شركة ستقوم بإنشاء طريق بري يلغي الحاجة إلى الجسر وخط السكة الحديد.. وهنا كما في حفارة مصر، لا بد أن يكون العقل المدبر لسرقة جسر وقضبان القطارات من «الكبارات»، فتخزين حفارة أو جسر ليس بالأمر الهين، ولا يقدر عليه إلا شخص يعرف أنه ما من أحد يستطيع ان يقول له: تلت التلاتة كم؟

بالمناسبة هل أنا شجاع لدرجة التهور؟ أطرح هذا السؤال لأنني أقول في كل مكان وبدون مناسبة أنّ تلت التلاتة «واحد»، ولم يعرضني هذا لأي نوع من المشاكل، ولكنني أعترف أنه لو سألني مسؤول حكومي رفيع: النسبة المئوية للبطالة عندنا كم؟ أقول بكل شجاعة «واحد».. واللي بدو يصير يصير.

وكل من لديه بريد إلكتروني لا بد وأن جاءته طرفة ثلاثة زعماء تبادلوا الزيارات، وفي الدولة (دعنا نسميها رقم ١) قال الزعيم لرفيقيه: شايفين الجسر ده؟ قالوا: نعم، فقال لهم: نصف مخصصاته في جيبي، ثم اجتمع الزعماء الثلاثة في الدولة رقم ٢، فقال لهم زعيمها أثناء جولة: شايفين الطريق السريع ده؟ جاء الرد بالإيجاب، فقال لهم: كان من المفترض أن يكون طوله ألف كيلو وجعلته عشرين كيلو وفرق السعر في جيبي، ولما اجتمعوا في الدولة رقم ٣ وقف بهم زعيمها أمام أرض منبسطة وقال لهم: شايفين ناطحات السحاب أمّ ١٠٠ طابق دي؟ قالو: لا، مش شايفين حاجة!! قال لهم: فلوسها كلها في جيبي (إلى أي بلد ينتمي زعيم الدولة رقم ٣ قول إنت بأه يا شجاع يا من تستطيع ان تقول كم هو تلت التلاتة!!)





jafabbas١٩@gmail.com



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة