الجريدة اليومية الأولى في البحرين

العدد : ١٢٤٧٧ - الاثنين ٢١ مايو ٢٠١٢ م، الموافق ٣٠ جمادى الآخرة ١٤٣٣ هـ
(العودة للعدد الأخير)

عالم يتغير


الشهية الإيرانية المفتوحة وأبناء «العلقمي» الجدد





} لا أوافق الكثيرين في أن التصريحات الايرانية الأخيرة بخصوص البحرين والسعودية والاتحاد الخليجي، هي مجرد تصريحات «استفزازية»، بل هي تصريحات داخلة في صلب المخطط الايراني وأطماع إيران المتطورة في البحرين ودول الخليج، بل الدول العربية وبعض الدول الإسلامية، مما يستدعي تحركا خليجيا سريعا وجادا تجاه الجامعة العربية والأمم المتحدة، في إطار عربي جماعي لمواجهة عملية ليس فقط للنهج العدواني الإيراني تجاه البحرين والخليج الذي لم يتوقف قط، وانما لمواجهة التصريحات الخطرة مؤخرا، التي تكشف عن نية مبيتة لتحركات إيرانية قادمة لتنفيذ مخططها ومشروعها التوسعي مشفوعة بأبناء «العلقمي» الجدد في البحرين والمنطقة الشرقية والكويت وفي الدول الاخرى، مما يضع أمام الدولة وأمام شعبنا وضع تحركات «الوفاق» (تحت ضوء جديد) وحسب التدرج في المخطط بين عملاء إيران والموالين لها وبين إيران نفسها، الذي جاء إعلان التفكير في الاتحاد الخليجي هذه المرة دفعا قويا لكشف الأبعاد الأخرى للمخطط الإيراني ـ الأمريكي في ابتلاع دول المنطقة بدءا من البحرين واحدة بعد الأخرى الذي انكشف بعض وجهه أثناء أحداث الدوار.

} وسواء قريبا أو بعيدا من كل ما قلناه سابقا في متابعة الشأن الوفاقي والفئة الانقلابية بشكل عام، فإن «الوفاق» التي دأبت على تعقيد الوضع في البحرين بشكل مستمر، لم يكن دأبها في التعقيد اعتباطا أو تفويتا للفرص أو غباء، وكل ذلك يصح لو كانت تزن نفسها حقيقة في الميزان الوطني السليم، ولكن لأنها ليست كذلك وانما هي تقوم بكل جرأة مفضوحة تماما بدور (ابن العلقمي) الذي سلم العراق للتتار، طمعا في الحكم، وقصته مشهورة ومعروفة، فإن «أبناء العلقمي» الجدد في البحرين وعلى رأسهم «الوفاق» تقوم بمناوراتها السياسية مع الدولة، وفقا للتعاليم الإيرانية أو مدرستها في المناورة، هذه الوفاق (تعقد) الوضع في البحرين حتى تأتي الفرصة الملائمة، التي تنفذ فيها إيران مشفوعة بغطرسة القوة، التي تعتقدها في نفسها (باحتلال البحرين) حسب المخطط الذي عجل هذه المرة في انكشافه نية دول الخليج العربية إعلان الاتحاد الخليجي، فبرزت هي على السطح تماما، فيما تحاول أمريكا ان تواري نفسها بعض الشيء.

} ولنعد قليلا إلى الوراء، فمنذ أن تم (تشييع إيران) عبر البطش والمجازر قبل ٥٠٠ عام على يد مؤسس الدولة الصفوية «إسماعيل الصفوي» ومنذ ان ابتلعت هذه الدولة أراضي القوميات الاخرى، التي تشكل جزءا من إيران الحالية، وصولا إلى ابتلاع (الاحواز) عام ١٩٢٥، لتتمدد في رقعتها الجغرافية الخاصة التي سبقت بها الكيان الصهيوني وعلى حساب الآخرين، ومنذ ان جيرت «لبنان» لحسابها على يد الأمين العام لحزب الله الذي انكشفت خدعته للشعوب العربية فانحدر سريعا مع أحداث البحرين وسوريا من موقع سيد المقاومة العربية كما كان الظن إلى موقعه الحقيقي (خادم الأجندة الايرانية الصفوية وولاية الفقيه) بعد سقوط الأقنعة الفولاذية، ومنذ ان مدت النفوذ إلى «سوريا» عبر نظام الحكم فيها، ومنذ ان احتلت «العراق» احتلالا عقديا وفكريا وسياسيا، في انتظار ان تحتله جغرافيا إن لزم الأمر، ومنذ ان احتلت «الجزر الإماراتية الثلاث»، ومنذ ان لم تكف عن أطماعها المتجددة في البحرين والسعودية، فإن تصريحاتها الخطرة ضد البحرين العربية المستقلة تدل دلالة قاطعة على ان شهيتها في ابتلاع الجغرافيا العربية لم تتوقف قط، بل انفتحت على آخرها مع حكم الملالي وولاية الفقيه، وحلم استعادة امبراطورية «كسرى» لتصل بدأب اليوم إلى كل دول الخليج العربي بل الدول العربية قاطبة والدول الإسلامية، ولتحاول اختراق إفريقيا بدأب ومعها أمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا، ولترفع الشعار المزيف حول إسلاميتها باستغلال عنوان الإسلام لنشر «تشيعها الصفوي» الذي هو دين وحده، ومختلف عن أصول ومبادئ وجوهر الإسلام كما تعرفه الأمة الإسلامية، حتى وصلت يدها إلى «فلسطين» التي تتاجر في قضيتها للحصول على دعم الشعوب الإسلامية، فيما هي تعمل بقوة على تقسيم فصائلها ومنعهم من التوحد، مثلما تعمل على نشر التشيع الصفوي بين صفوف من بامكانها اختراقهم هناك.

} لذلك فهي أوجدت (أبناء العلقمي) المستعدين لبيع أوطانهم لها تحت حس الولاء المطلق لمرجعيتها أو لها بشكل عام، علهم يحظون بالسلطة الموعودين بها أو بالحكم، ولتزودهم بـ (الخطاب التضليلي) الذي يتابعه معهم كبار مهندسي ومتابعي فذلكات ومصطلحات السياسة التضليلية، وكيفية ايجاد الأزمات والتعقيدات، ووضع العقدة في المنشار، كالذي يحدث منذ أكثر من عام في الأسلوب الوفاقي وأسلوب الانقلابيين عامة مع الدولة عن سبق اصرار، فهم لا يريدون الحل وانما يريدون المزيد من الأزمات والمزيد من التعقيد السياسي والميداني، وصولا إلى تسليم البحرين لإيران.

} ولهذا ووفقا لهذه السياسة التوسعية الطامعة التي فاقت السياسة الإسرائيلية نفسها وان اتبعت أساليبها منذ مجيء «الخميني» فإنها ليس اعتباطا ان تصل بأذرعها إلى كل مكان، ليس في دول الخليج العربي وحدها، أو الدول العربية أو الإسلامية بل غيرها من دول العالم عبر تأسيس الأحزاب السياسية الموالية لها، أو السائرة على درب مخططاتها في اختطاف الأوطان، وليس اعتباطا ان تؤسس جمعيات دينية وبيوت «أهل البيت» بل لتمتد إلى غسل أدمغة الشباب عبر القائمين على الحسينيات من جانب بعض قيادات أتباع وعملاء لها، ولتؤسس في العديد من دول العالم مراكز بحثية وثقافية، بل لتتظاهر بالأعمال الخيرية كسبا للشعوب، فكم من مركز صحي ومدارس وجامعات في كل مكان من أجل نشر (التبعية) لها، لكي تصل إلى مبتغاها الامبراطوري الذي تحلم باستعادته في إطار «استراتيجية متكاملة» مطعمة بنشر الفتن والتدريبات العسكرية لأتباعها، وكل ذلك يستدعي التعامل البحريني والخليجي الجاد، وقراءة ما يحدث من زاوية جديدة ينبئ بأن الخطر القادم على الأبواب وحيث يجب عدم الاستهانة اطلاقا بالتصريحات الإيرانية الجديدة أبدا.

ولمزيد من الإيضاح نكمل غدا.



.

نسخة للطباعة

الأعداد السابقة